يعيش حسين محمود، وهو مزارع نازح من محافظة حماة السورية، الآن في مخيم في إدلب شمال البلاد، ويتقاسم سلة غذاء يتلقاها شهريًا مع زوجته وأطفاله الثلاثة عشر.
وبحلول منتصف الشهر، توشك المواد الغذائية الأساسية، مثل: الخبز، والأرز، والعدس، التي يحصل عليها كمساعدات على النفاد.. لكن أكثر ما يخشاه محمود الآن أن يتوقف هذا الدعم المتواضع الذي يشكل شريان حياة لأسرته.
وقال محمود:"إذا بيقطعوها علينا من المعبر... والله لتصير فيه مجاعة.. وين بدنا نروح؟ والله ما بنعرف".
ويعيش الملايين شمال غرب سوريا بعدما نزح كثير منهم من مناطق أخرى في البلاد بسبب الصراع المستمر منذ أكثر من عقد، وبالتالي يواجهون نفس مصير محمود هم وأسرهم، إذا أخفقت الأمم المتحدة، في يوليو/ تموز، في إقرار تمديد العمليات الإنسانية عبر الحدود.
وتقلص دخول المساعدات عبر الحدود من تركيا، العام الماضي، ليصبح من خلال معبر واحد فقط بعد معارضة روسيا والصين العضوين الدائمين في مجلس الأمن لتجديد التفويض الخاص بمعابر أخرى.
ومن المتوقع أن تكون هناك مواجهة جديدة في هذا الملف، الشهر المقبل، لدى حلول موعد تجديد التفويض.
وتمثل محافظة إدلب آخر معقل للمعارضة المسلحة وتؤوي نحو 3 ملايين نسمة يعتمد أكثر من نصفهم على المساعدات الغذائية.
وتتدفق كل تلك المساعدات حاليًا من خلال معبر "باب الهوى" إذ تدخل نحو 1000 شاحنة تابعة للأمم المتحدة إلى سوريا شهريًا من تركيا.
وقال باسل الديري مدير منطقة إدلب في هيئة الإغاثة الإنسانية التركية:"هناك خطة الآن تحسبًا لعدم التجديد، وسنقوم بالتعاون مع شركائنا في برنامج الأغذية العالمي بتخزين إمدادات تكفي لثلاثة أشهر حتى نهاية سبتمبر... لكن بعد ذلك لن يكون هناك أي شيء".
ارتفاع أسعار المواد الغذائية
تمكن الرئيس السوري بشار الأسد من البقاء في السلطة رغم المعارضة المسلحة التي خاضت المعارك للإطاحة به، ويسيطر حاليًا على نحو 70% من مساحة البلاد بمساعدة عسكرية روسية، ودعم ميليشيات إيرانية.
لكن تركيا ما زالت تهيمن على مناطق في شمال غرب سوريا، وهناك مخاوف من أن روسيا ستستخدم حق النقض (الفيتو) لإحباط أي قرار لإبقاء المعبر مفتوحًا.
وإذا ما حدث ذلك ستُضطر الأمم المتحدة لإعادة توجيه المساعدات وعمليات الإغاثة التي تشرف عليها عبر دمشق.
وقال عبد السلام اليوسف مدير مخيم التح للنازحين شمال إدلب:"أطالب كل المعنيين بالإغاثة في العالم بالتصدي لروسيا حتى لا يحدث ذلك".
وأضاف وهو يشارك في تجمع بشأن الأمر في المخيم:"ستحدث كارثة إنسانية إذا تم ذلك".
ويحذّر البعض في إدلب من ارتفاع وشيك في أسعار السلع الأساسية مع تزايد ندرتها، وتنامي الطلب على أساسيات مثل: الخبز، والأرز، ومع بقاء الإمدادات محدودة.
وقال الديري:"لن تتمكن مسارات التجارة التقليدية من تلبية احتياجات السوق... وبالتالي من وجهة نظر اقتصادية سيكون هناك ارتفاع جنوني في الأسعار".
وتابع قائلًا:"نتحدث عن سلع أساسية لكل أسرة وليس رفاهيات... لا يمكن لأي أسرة أن تعيش بدونها".
وكشف تقييم أجراه برنامج الأغذية العالمي، في مارس/ آذار، عن ارتفاع أسعار الغذاء في سوريا بأكثر من 200% في العام الماضي وحده.
وخلص التقييم إلى أن 12.4 مليون سوري أو ما يشكل أكثر من 60% من السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي، والجوع، وهو ضعف الرقم المسجل في 2018.
ويعيش أكثر السوريين فقرًا وبؤسًا، بعد أن فروا من منازلهم وأرضهم بسبب الحرب، في مخيمات إدلب في أوضاع متردية مثل حسين محمود.
ويتوقف مصير أسرته وملايين آخرين على القرار الذي سيتخذ، في العاشر من يوليو/ تموز المقبل.
وقال الرجل:"نطلب من الله، ثم من الجهات المعنية، أن تظل السلة الشهرية مستمرة".