تحدد جولة التصعيد الحالية بين الفصائل الفلسطينية في غزة وبين الجيش الإسرائيلي، مصير المشهد السياسي في الدولة العبرية، ومصير حكومة التغيير التي يجري تشكيلها حاليًا بين نفتالي بينيت زعيم قائمة "يمينا" القومية المتطرفة، ويائير لابيد زعيم حزب "هناك مستقبل" الوسطي الليبرالي.
وذكر موقع "calcalist" العبري، مساء الثلاثاء، أن التصعيد الحالي من شأنه أن يضع ردًا على سؤال بشأن إذا ما كانت إسرائيل ستذهب إلى معركة انتخابية هي الخامسة في غضون عامين ونصف العام، وإذا ما كان عام 2021 سيمر هو الآخر من دون إقرار الموازنة العامة للبلاد.
وذكر الموقع أن كلا من لابيد وبينيت كانا قد خططا في وقت سابق للتوجه إلى الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، في موعد انقضى، وهو يوم أمس الإثنين، لإبلاغه بأنهما شكلا الحكومة بالفعل، وذلك عقب الاجتماعات المثمرة مع النائب منصور عباس، زعيم "القائمة العربية الموحدة"، الفصيل الجنوبي للجناح الإسلامي في إسرائيل، بيد أن عباس أعلن تجميد المفاوضات الائتلافية عقب التصعيد الحالي.
ويقول الموقع: إن مهلة بينيت - لابيد تمر سريعًا، وأصبح أمامهما 20 يومًا فقط، وإن البيان الذي أعلنه زعيم "الليكود" بنيامين نتنياهو هو ما يحدد وتيرة سير الأحداث، إذ صرح نتنياهو: "نحن في ذروة المعركة، أعلم أن هذا الأمر يحتاج إلى مثابرة وتضحيات محددة من جانب مواطني إسرائيل".
سيناريوهات محتملة
وحسب محللين، تسير المعركة السياسية في إسرائيل حاليًا وفق سيناريوهات محتملة، الأول هو تشكيل حكومة تغيير بدعم "القائمة العربية الموحدة"، إذا تم التوصل إلى وقف إطلاق النار مع حماس، إذ سيعني ذلك استئناف المفاوضات بين الحزب العربي وبين بينيت - لابيد، ولو تم تثبيت وقف إطلاق النار سيضطر عباس لاتخاذ قرار إذا ما كان مستعدًا مجددًا لدعم هذه الكتلة.
ولو أعلن عباس تأييد حكومة بينيت - لابيد، سوف يحقق مكاسب كبيرة للغاية، مثل خطة الدعم للمجتمع العربي للسنوات العشر المقبلة، التي تتضمن تخصيص موازنة وإقرار خطة حكومية للقضاء على الجريمة، واستمرار تجميد قانون "كمنيتس" الذي يحفز هدم المنازل العربية غير المرخصة، فضلًا عن مزايا أخرى.
وتابع المحللون أنه لو حدث تصعيد إضافي بين حماس وإسرائيل، هناك شكوك في إمكانية إعلان عباس دعمه لهذه الحكومة، وهذا الأمر من شأنه أن يتركها من دون أغلبية 61 نائبًا، ومن هنا يبدأ الطريق للانتخابات الخامسة.
نتنياهو مجددًا
ويقول الموقع إن السيناريو الثاني يتعلق بإعلان انتخابات مبكرة لو فشل لابيد وشريكه بينيت حتى يوم الثاني من حزيران/ يونيو المقبل في تشكيل الحكومة، ووقتها سيعيد الرئيس التكليف إلى الكنيست.
وفي ظل الوضع الأمني والعسكري، يستطيع نتنياهو أن يضغط على بينيت وعلى رئيس حزب "أمل جديد" جدعون ساعار للانضمام لحكومة برئاسته، مع أن هناك شكوكا في نجاحه بإقناع ساعار.
ولو فشل نتنياهو مجددًا في حشد أغلبية 61 نائبًا، حين يكون التكليف بيد الكنيست، سوف يتم حله أواخر حزيران/ يونيو المقبل، بشكل تلقائي، وستجري انتخابات جديدة أواخر أيلول/ سبتمبر هذا العام.
ويفضل نتنياهو الوصول إلى السيناريو الأخير والذهاب إلى انتخابات في أيلول/ سبتمبر، حيث إن حل الكنيست سيتركه في منصب رئيس الوزراء، بينما سيظل بينيت ولابيد على مقاعد المعارضة طوال الشهور المقبلة.
ضغوط كبيرة
وفي حال فشل التوصل إلى تهدئة مع حماس، سيعمل نتنياهو هذه المرة على تحقيق الحسم أمام الحركة، ولو نجح في ذلك سيربح نقاطًا سياسية عديدة قد تبقيه رئيسًا للوزراء عقب الانتخابات المقبلة، لو تحقق هذا السيناريو.
ويواجه نتنياهو حاليًا انتقادات سياسية من جانب معسكر اليمين، ومثلًا ينتقده أفيغدور ليبرمان، زعيم حزب "إسرائيل بيتنا"؛ لأنه لا يحقق الحسم أمام حماس، ويقول إن سياسته تتيح للحركة الحصول على ملايين الدولارات السائلة، التي تعود وتنفجر في وجه إسرائيل.
وتعرض نتنياهو لانتقادات من شخصيات عديدة ضمن معسكر اليمين، وكل ذلك سيدفعه لزيادة حدة العمليات ضد حماس، الأمر الذي سيعني استمرار التصعيد، وفي الوقت نفسه خسارة كتلة التغيير دعم منصور عباس، الذي لا يمكنه دعم أية حكومة في ظل التصعيد العسكري مع غزة.