المشهد في مدينة درنة الليبية أبلغ من أي كلام.. فالمدينة مكلومة وأصبحت عنوانا عريضا لكارثة إنسانية.. بعد إعصار دانيال تشوهت تفاصيل درنة، وما بقي هو ملامح مدينة مدمرة 25% منها اختفى.. بينما عداد الموت فيها لا يتوقف.. فماذا فعلت يا دانيال؟
لعب الموقع الجغرافي والظروف الطبيعية والعامل البشري دورا محوريا في حجم الكارثة، فجرفت السيول، التي تحولت لاحقا إلى عاصفة، السكان بمنازلهم.
حاصر الإعصار سكان المدينة الجبلية الواقعة على ساحل البحر المتوسط شرقي ليبيا بين سيول من الجبل وأمواج عاتية من البحر.
تقع المدينة أسفل الجبل الأخضر، مع واجهة على البحر المتوسط، وأحد أبرز معالمها وادي درنة الذي يشطرها لنصفين ويعتبر مصبا لكل السيول القادمة من المناطق الجنوبية.
تتميز درنة بأن نصفها يقع تحت مجرى الوادي الذي ظل مصدر خطر دائم كونه تسبب في كوارث مشابهة شهدتها المدينة بين 1941 و1969 بحسب المؤرخين، حتى تم بناء سدين عام 1986، ليشكلا مصداً أمام السيول القادمة من أعالي الجبل.
لكنّ تسريبا حدث في العام نفسه من أحد السدين وأحدث فيضانا، وتلاه فيضان آخر عام 2011 كاد يغرق المدينة بأكملها.
في هذه المرة، عندما ضربت عاصفة دانيال الشرق الليبي تجمعت الأمطار الغزيرة في الوادي البالغ طوله 50 كيلومتراً مما أدى إلى انهيار السدين بسبب ارتفاع منسوب المياه لثلاثة أضعاف استطاعتهما.
وعندما انهار السدان جرفت المياه المدينة، خاصة وسطها، مما أوقع آلاف الضحايا.
الظروف المناخية أسهمت في مفاقمة الوضع، إذ تحدث مركز الأرصاد الجوية الليبي عن تسجيل أمطار لم تشهدها المنطقة الشرقية منذ 40 عاما.
وعندما التقت السيول بالوادي وقعت الكارثة في درنة التي اجتمعت عليها الظروف لتجعلها مدينة منكوبة.