تأبى ذاكرة خالد نسيان الحادث الذي تعرض له عندما كان طفلاً يرعى قطيع ماشية على أطراف قريته كانسخت التابعة لناحية زرباطية المحاذية للحدود العراقية الإيرانية.
خالد الذي فقد يديه وتأذت عينه وأذنه ليس حالة استثنائية في عائلته، تأقلم مع ظروفه الخاصة وقاوم إعاقته بإرادةٍ صلبة لا تلين يعيش وسط أهله ويكسب بعرق جبينه وأصبح لديه أسرة.
لا أحد يعرف متى زرع أول لغم في العراق.. لكن الأحداث والحروب التي مر بها، جعلته يضم ربع “حدائق الشر” المزروعة في العالم، والمسكونة بموت مؤجل خلّفته وراءها حروب منتهية.
هكذا هو حال عائلة الشاب العشريني حسن الذي توفي إثر لغم غدر به وأودى بحياته أثناء مشاركته في احتفالات عيد النوروز بإحدى المناطق القريبة من الحدود.
حروب عدة تلك التي عايش العراقيون ويلاتها منذ 4 عقود، لم تنته آثارها بتوقفها، فما خلفته من ضحايا لا يزال تعدادهم في تصاعد مستمر نتيجة كم الألغام الهائل التي خلفتها والتي لا تزال تشكل خطرا داهما يواجهه العراقيون في مختلف المدن.
صنفت الأمم المتحدة العراق كأكثر دول العالم تلوثا بالألغام، والمساحة الملوثة بالألغام فيه تبلغ نحو 2.96 مليار متر مربع.
المناطق الأكثر تلوثًا تقع جنوب البلاد وفي المناطق الحدودية مع إيران، وهي من مخلفات الحرب العراقية الإيرانية التي امتدت 8 سنوات وانتهت عام 1988.
وربما السيول في مواسم الأمطار تلعب دوراً خطيراً في استمرار هذه الأزمة وتمددها في المناطق الحدودية تجرف معها أنواعاً مختلفة من الألغام المزروعة على الحدود بين البلدين.
جهود الجهات المعنية ربما تكون كبيرة لكنها تبقى خجولة أمام المساحات المزروعة بالألغام والتي تضم حقولا زراعية ومراعي خصبة لا يمكن استغلالها، إلى جانب تعطل فرص إنشاء مشاريع صناعية واستثمارية فيها، إضافة إلى توقف تقديم الخدمات من طرق ومدارس ومراكز صحية ما يدفع إلى هجرة سكانها عنها، إلا من أصرّ على البقاء متشبثاً بأرضه وأرض أجداده أو بسبب ظروف خارجة عن إرادته.