منذ واقعة السابع من أكتوبر التي فاجأت العالم، بدا جليا أن إيران تحاول تقديم نفسها أمام الغرب ودول الإقليم على أنها اللاعب المحوري المؤثر في الشرق الأوسط وأنها من يمتلك أدوات ضبط أو تصعيد الأحداث.
هذه الحقيقة، ليست مجرد استثمار في اللحظة الراهنة، بل يتجاوز الأمر ذلك ليؤشر بشكل واضح أن إيران ضالعة في هجوم حماس التي طالما جاهرت بتلقيها الدعم المباشر من طهران.
كما أن المشهد في الإقليم قبل واقعة السابع من أكتوبر، لم يكن مواتيا لعقيدة إيران وتطلعاتها الخارجية، فالسعودية كانت على وشك الانتهاء من جميع ملفاتها المعقدة في المنطقة والانطلاق قدما في علاقتها مع واشنطن، بعد اتفاق المصالحة مع طهران، ثم إعلان ولي العهد السعودي عن تقدم كبير في ملف التطبيع مع إسرائيل.
أمام هذا المشهد وجدت إيران نفسها تحت وطأة الأزمات في علاقاتها مع الغرب من خلال ملف المفاوضات بشأن سلاحها النووي مرورا بالعقوبات الاقتصادية، فلم يكن أمامها إلا خلط جميع الأوراق في المنطقة، لتعطي بذلك الضوء الأخضر لحماس ذراعها السني في الإقليم ببدء عمليتها غير المسبوقة.
أما مكاسب إيران فتمثلت بتعطيل مسار التفاوض السعودي الإسرائيلي وإحراج الأنظمة السياسية العربية التي تعيش تحت ضغط سياسي غير مسبوق، خصوصا مع تزايد التعاطف والغضب الشعبي في العالم العربي.
وفوق كل هذه المكاسب، فإن إيران ترى في الأوضاع الحالية فرصة لإعادة المنطقة للمربع الأول المتمثل بالصراع العربي الإسرائيلي، من خلال محاولة فرض مواجهات عربية مباشرة مع إسرائيل خصوصا على جبهة مصر والأردن البلدين اللذين يعتبران تهجير الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية بمثابة إعلان حرب.
واليوم ومع كل تعقيدات المشهد ودمويته، بات مرجحا أن وجهة الولايات المتحدة ستكون إيران، وذلك لتحييد حزب الله ذراعها الشيعي الذي كان مفترضا وفق تقارير أن يشارك في واقعة السابع من أكتوبر، إضافة إلى إنهاء ملف الرهائن مع حماس، لتبدو إيران المستفيد الأكبر من كل مآلات الأوضاع في المنطقة التي دفع ثمنها الفلسطينيون من دماء أبنائهم.