مصر تحترق والفاعل مجهول (صور)
مصر تحترق والفاعل مجهول (صور)مصر تحترق والفاعل مجهول (صور)

مصر تحترق والفاعل مجهول (صور)

لا تكاد تخلو الصحف الصادرة يوميًا من أنباء اندلاع حادث حريق أو أكثر، في أي من أنحاء القطر المصري، حتى باتت ظاهرة تدعو للتساؤل والاستنكار أيضًا، فكم الحوادث التي شهدتها مصر خلال الشهر الأخير ربما لا تشهدها دولة أخرى خلال عام كامل، ما يشير بأصابع الاتهام إلى قصور حاد في منظومة التأمين ضد الحرائق والفساد الحكومي المتفشي الذي يستوجب التحليل والتساؤل وتحمل المسؤولية ، تجاه الاقتصاد القومي الذي تكبده الحرائق سنويًا ما يزيد عن 2 مليار جنيه وفقاً لتقديرات الخبراء.


رصدت "إرم" حوادث الحرائق الهائلة التي التهمت المنشآت والمصانع والبيوت والأراضي المصرية، خلال عام 2015 الجاري، وهو ما أصابنا بالذهول تجاه هذا الكم الهائل من حوادث الحرائق الضخمة، والتي تقدر خسائر الواقعة الواحدة منها بملايين الجنيهات، فضلاً عن الأرواح التي تحصدها والمصابين الذين تخلفهم ليلقوا حتفهم، بعد أيام أو ساعات من التهام النار لهم، أو يقضون باقي حياتهم عاجزين مشوهين لا يجدون من يتحمل مسؤولية ما لاقوه من خراب ودمار، ودون أن تسفر التحقيقات عن المسؤول الحقيقي ليبقى الفاعل مجهولا.



فخلال الـ30 يومًا المنصرمة شهدت مصر اندلاع عدد غير مسبوق، من حرائق المصانع خاصة، وهو ما يزيد الفاجعة لفداحة الحرائق، وما يترتب عليها من خسائر بشرية ومادية، فقبل يومين فقط اندلع حريق هائل في مصنع كرتون بمدينة العاشر من رمضان الصناعية حديثة الإنشاء والتي من المتوقع أن تكون محاطة بكل عوامل الأمن والسلامة، ولكن الحقيقة أن المصنع التهمه الحريق بالكامل، قبل سيطرة قوات الإنقاذ عليه مما أدى إلى مصرع 5 عمال وقدرت الخسائر المادية بالملايين، وجاء ذلك بعد يومين من التهام حريق هائل، لمصنع ينتج الأكياس البلاستيك في محافظة البحيرة، وكشفت التحقيقات أن المصنع يعمل منذ سنوات دون ترخيص أو أية رقابة من الجهات المسؤولة.




وفي اليوم السابق مباشرة ، اندلع حريق هائل فى أرض بمنطقة أبو رواش، خلف القرية الذكية بمنطقة كرداسة دون أن يمتد للقرية الذكية التي تضم كبرى المؤسسات الرقمية في مصر على رأسها وزارة الاتصالات، وشركة فوادافون العالمية والشركة المصرية للاتصالات وغيرها من المؤسسات العملاقة، ونشب الحادث نتيجة اشتعال تلال القمامة الملقاة خلف القرية الذكية.



وفي 29 من يوليو 2015، نشب حريق هائل بمصنع "ناشيونال فودز" لإنتاج الزيوت والسمن الصناعي"، بمركز مطاي بإلمنيا ليتم تدمير 4 خطوط إنتاج بالكامل، كما شب حريق هائل، في مصنع "أولاد رجب للأخشاب" في المنطقة الصناعية بمدينة دمياط الجديدة في 18 يوليو.

وفيما يوصف بالكارثة، هو اندلاع 4 حرائق متنوعة في يوم واحد الموافق 15 يوليو، بدأت بالتهام حريق لمصنع أثاث مكتبي، بمدينة العبور الصناعية ليسقط 26 قتيلاً و25 مصابًا بينهم 4 أشخاص حالتهم حرجة جدًا، لتثبت التحقيقات بعد ذلك أن المصنع يمارس نشاطه بدون ترخيص منذ 4 سنوات، بعلم الأجهزة المعنية التي اكتفت بإنذاره، في ذات الوقت نشب حريق في شقة سكنية، بشارع شهاب بالمهندسين، نتيجة تماس كهربائي، وبعدها بساعات تلتهم النيران أتوبيس نقل عام بطريق الكورنيش نتيجة أيضًا تماس كهربائي ويختتم اليوم باحتراق مصانع فتح الله الشهيرة، للبيع بالجملة، في الهانوفيل بالإسكندرية، مما استلزم الدفع بـ9 سيارات إطفاء للسيطرة على النيران.


وفي 29 يوليو شب حريق في أحد مراكز السفاري الموجودة بمنطقة وادي الخروم، في مدينة شرم الشيخ، ولم تعرف أسباب الحريق وأسفر الحادث عن اشتعال النيران في موتسكيلات السفاري والأثاث، فضلاً عن إصابة الخفير المكلف بحراسة المركز.

وفي 30 مايو شب حريق هائل في مصنع للإسفنج بمركز بلبيس، مما أسفر عن تدمير المصنع وكافة محتوياته بالكامل، وإصابة 10 عمال باختناقات، وقدرت الخسائر المادية بملايين الجنيهات، وانهيار سقف المصنع نتيجة لفداحة النيران، وخلال ذات الشهر اندلع حريق بقرية الرياينة بمركز أرمنت غرب الأقصر، أسفر عن احتراق 20 منزلاً، ونفوق 7 أبقار، و11 من رؤوس الماشية، حيث امتدت النيران التي اندلعت في بقايا زراعات القصب لتدمر 6 أفدنة و20 منزلاً بالقرية المجاورة.


وفي 4 مارس اندلعت 3 حرائق أصيب خلالها 16 مواطناً فضلاً عن الخسائر المادية الباهظة، وكان أبرزها احتراق قاعة المؤتمرات الدولية بمدينة نصر، تلاها احتراق منزلين بمحافظة المنوفية، ثم التهمت النيران 10 أكشاك خشبية متجاورة بالإسكندرية، نتيجة تماس كهربائي.

وفي فبراير 2015، نشب حريق هائل، بأحد مصانع العطور بمنطقة العمرانية بحي الهرم وتم الدفع بـ 12 سيارة إطفاء لمحاولة السيطرة عليه نظرًا لوجود مواد قابلة للاشتعال، والانفجار داخل المصنع، وفي نفس الشهر نشب حريق هائل في مخزن فلاتر سيارات بوسط القاهرة وتم الدفع بـ 14 سيارة إطفاء لمحاصرته، بعد أن امتدت ألسنة اللهب للشقق السكنية المجاورة، مما اضطر رجال الإطفاء لإنقاذ 10 رجال وسيدات مسنين عبر النوافذ، بعد أن حالت النيران دون إمكانية خروجهم من أبواب منازلهم.



وفي يناير 2015، تم الدفع بـ6 سيارات من القوات المسلحة ومحافظة القاهرة، للسيطرة على الحريق الهائل الذي اندلع داخل مصنع العوازل الحرارية بقليوب، وذلك بعد أيام من اندلاع حريق هائل بمصنع "لادا" لصناعة السيارات بمدينة العاشر من رمضان، والذي استوجب الدفع بـ75 سيارة إسعاف وتم السيطرة على الحريق وقدرت الخسائر بالملايين، وقبلها مباشرة وقع حريق هائل بمصنع لإنتاج المواد البلاستيكية بالمنطقة الصناعية الثالثة بمدينة العاشر من رمضان، وأسفر عن إصابة صاحب المصنع و4 عاملين.

ربما يتصور البعض أن أيادٍ خفية تعمل لإشعال مصر بالحرائق بعد فشلها في إشعال فتنة سياسية، وهو رأي أمني محض تبناه عدد من الخبراء الأمنيين عند سؤالهم حول تحليل تلك الظاهرة الخطيرة، مؤكدين أن ما تشهده مصر مؤخرًا من كم هائل من الحرائق المدمرة، لا يدل إلا على شيء واضح وهو أن هناك مدبرًا حقيقيًا يخطط ضد مصر، يحاول استغلال كافة الأنظمة الإرهابية لتشويه صورتها بأكبر قدر ممكن لإعاقتها عن الاستقرار والتنمية، موضحين أن الوقت الحالي تزداد فيه العمليات والمخططات التي تقوم بها الجماعة الإرهابية، وهو أمر متوقع وهو ما يجب على أجهزة الأمن التصدي له لأنها الأنفاس الأخيرة للإرهاب في مصر.

وأشار الخبراء، إلى حريق قاعة المؤتمرات الدولية الكبرى بمدينة نصر، والذي يرجح أنها "بفعل فاعل" و"بيد جماعات الإرهاب" في مصر على حد قولهم، وعلى الرغم من مرور 5 أشهر حتى الآن على الواقعة، إلا أن التحقيقات لم تكشف شيئًا عن مرتكبي هذا الحادث.



وكان لخبراء الاقتصاد والأمن الصناعي والسلامة والصحة المهنية رأيًا آخر، وخاصة في ظل وقوع هذا الكم الهائل من حرائق المصانع، وأوضح الدكتور عبدالمنعم درويش، أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأمريكية والخبير الاقتصادي السابق بمنظمة الأمم المتحدة، أن الأمن الصناعي وهو تأمين المنشأة عموما من تلف المعدات والحرائق وفي ظل ما شهدته مصر مؤخرًا من عدد حرائق غير مسبوق، يؤكد إهمال المؤسسات الرقابية والمصانع معًا لقواعد الأمن الصناعي، مضيفًا أن وجود المنازل بجانب المصانع وعدم ترك مسافات للحد من خطر الحرائق والحوادث داخل المصنع يخل بقواعد السلامة، مؤكدًا على ضرورة توعية العاملين بالمنشأة حول كيفية الحفاظ على حياتهم والتعامل مع النيران بعزل مصادر الكهرباء أولاً كأهم الشروط، بالإضافة إلى ضرورة التصميم طبقًا للمواصفات من وزارة الصناعة ومراعاة الأبعاد والتهوية وضرورة الفصل في المخازن الموجود بها المواد الخام، وأيضًا المتابعة الجيدة من قبل إدارة الأمن الصناعي.

وأكد مشرف على الأمن الصناعي في أحد مصانع المنطقة الصناعية بالسادس من أكتوبر، أن الأمن الصناعي له دور مهم في المنشأة ولكن كثير من العمال يتجاهلون إرشادات السلامة والصحة المهنية داخل المصنع، موضحاً أن بعض الحرائق تحدث داخل المصانع بفعل العمال، وجهلهم بحقيقة الأمن الصناعي وأساليبه وقواعده، مثل عدم اتباع أجهزة الإنذارات.

وأشار إلى ضرورة دعم رجال الأعمال لإدارة الأمن الصناعي، حيث يحتاج إلى تجهيزات للتدريب والتشغيل والتنفيذ للأنظمة الحديثة داخل المنشأة.

وأضاف المشرف على الأمن الصناعي، أن مرحلة ترخيص المنشأة من أهم المراحل التي يمر بها عمل الأمن الصناعي، حيث يتم من جانب إدارة الحماية المدنية التابعة لها وهو ما يسمى "تقرير الدفاع المدني" لسير عمل المنشأة ويتم الترخيص دون النظر للمنشأة وما بداخلها وهو خطأ يجب انتباه المسئولين له لأنه أحد أسباب وقوع تلك الحوادث، مؤكدًا أن كثيرا من المنشآت الصناعية المصرية تعمل بدون ترخيص وبدون قواعد أمن وسلامة، في غياب واضح لأجهزة الرقابة المسؤولة عن هذا التقصير.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com