المصريون يشككون بقرار الحد الأدنى للأجور
المصريون يشككون بقرار الحد الأدنى للأجورالمصريون يشككون بقرار الحد الأدنى للأجور

المصريون يشككون بقرار الحد الأدنى للأجور

المصريون يشككون بقرار الحد الأدنى للأجور

القاهرة ـ (خاص)

"إن فاتك الميري..تمرغ في ترابه!"

مثل شعبي مصري يعبر عن عقلية اعتادت قديما على ألا تثق إلا فيما هو حكومي، أي مضمون ومّؤّمن تماما بعيدا عن مخاطر العمل الحر وتقلبات السوق وغدر الزمان.

العقود الأخيرة شهدت بالتأكيد تغيرات حادة في المشهد الاقتصادي الاجتماعي أدت إلى أن تصبح رواتب الغالبية الساحقة من العاملين بالحكومة لا تفي  بمتطلبات النذر اليسير من الحياة اليومية نتيجة عوامل عديدة أبرزها الفساد والبيروقراطية وتضخم الجهاز الإداري للدولة...

ورغم حالة الارتياح التي سادت الرأي العام على أثر قرار الحكومة بتحديد الحد الأدنى للعاملين بالحكومة ب 1200 جنيه كخطوة أولى على طريق العدالة الاجتماعية التي نصت عليه مطالب  ثورة 25 يناير، إلا أن شكوكا عميقة تحيط بمستقبل هذا القرار الذي اتخذته الحكومة المؤقتة بعد طول تردد في ظل الغموض المحيط بآليات تنفيذه وإرجاء تطبيقه إلى يناير/كانون الثاني 2014، والأهم نتيجة تاريخ  طويل من عدم الثقة لدى المواطن عموما والموظف خصوصا الذي أصبح شعاره كلما طالبته زوجته بتجديد غرفة الصالون المتهرئة أو شراء سيارة صغيرة تقيها " بهدلة المواصلات" العامة، أن يصرخ في وجهها متسائلا مستنكرا: ليه انتي فاكراني حرامي...أنا موظف حكومة يا ماما...!"

 وفي الوقت الذي يقدر فيه عدد العاملين بالجهاز الحكومي بنحو ستة ملايين ، فان الرواتب الضئيلة التي تدخل هؤلاء تحت خط الفقر حسب المعايير العالمية دفعت كثيرا من ضعاف النفوس من موظفي الأجهزة الإدارية إلى انتهاج ما يعرف باسم " سياسة الدرج المفتوح  " أي أن يفتح درج مكتبه للمواطن أو رجل الأعمال الذي يريد أن ينهي أوراقه  سريعا ليلقي بمبلغ مالي " ما " وإلا فسيغرق في بحار البيروقراطية المصرية العتيدة...

اللافت أن عام 1984 شهد أول محاولة رسمية جادة لتحديد الحد الادنى للعاملين بالحكومة والذي تم إقراره ب 35 جنيه شهريا  حسب نص القانون رقم 53 ، وحتى بمعايير تلك الحقبة لم يكن هذا المبلغ يكفي لشراء قميص رجالي متوسط القيمة....!

وعبر سنوات عديدة تلت لم تتم مراجعة هذا الحد الادنى واكتفى  قانون العمل لعام 2003 بوضع حد ادنى للعلاوات الدورية بحيث لا تقل عن 7% من الأجر الأساسي الذي لا يمثل سوى 22 % من الأجر الشامل حسب دراسة أعدها د. سمير رضوان حملت عنوان " سياسات الأجور والإصلاح الاقتصادي في مصر " قدمها لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء عام 2010.....!

وحمل التقرير التكميلي للجنة الخطة والموازنة العامة للسنة المالية 2008- 2009بشري سارة للعاملين  بالحكومة إذ اقر التقرير المقدم لمجلس الشعب آنذاك الحد الادنى لهؤلاء العاملين ب 394 جنيها وهو ما يعادل ثمن قميص رجالي جيد وليس متوسطا هذه المرة...!

طبعا وصف هذا المبلغ ب " البشرى الجيدة " لا يندرج إلا في إطار السخرية التي يقابل بها المصريون كل رقم جديد ، فحتى الرقم المعلن عنه قبل يومين  لا يكاد يكفي نفقات أسرة مكونة من خمسة أفراد سوى أسبوعين، ومع ذلك أثار استحسان الرأي العام باعتباره أفضل من تقديرات سابقة كانت تتراوح ما بين 800 إلى 1000 جنيه...!

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com