صيام الأطفال بين البهجة وتهذيب النفس
صيام الأطفال بين البهجة وتهذيب النفسصيام الأطفال بين البهجة وتهذيب النفس

صيام الأطفال بين البهجة وتهذيب النفس

فرحة غامرة تملأ قلوب الأطفال بقدوم الشهر الفضيل، وتوقد في وجدانهم جذوة محفزة بشكل مستمر للصيام، فيتحملون معه مشقة الامتناع عن الطعام والشراب بمتعة لا تنتهي.

فكما للشهر الفضيل بهجة في نفوس الكبار، فإنها أيضاً لدى الأطفال الصغار إطلالة وإشراقة، حيث تكون الفرصة مواتية لهم، للعب والمرح، وهي تجربة تبدأ بسهولة ويسر ومخالطة بين الجد واللعب، ومن بين ثنايا مداخلها تنتج تجربة يصلب عودها مع الوقت فتنتج جيلاً من العزم قادرا على تحمل مشقة الصوم.

ولعل صيام الطفل بات من المظاهر المألوفة، التي تتكرر كل عام في شهر رمضان، حيث يحرص الآباء على تدريب أبنائهم على الصوم، وإن كان العلماء يرون أن صيام الطفل قبل سن البلوغ غير واجب، ولا أداء ولا قضاء، لقوله: "رفع القلم عن ثلاثة: عن الصغير حتى يكبر، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق". وبذلك لا ينبغي أن يجبر الصغار على الصوم ماداموا غير قادرين وقيل إن أبا بكر الصديق كان يصبر ابنه الرضيع عن الطعام، لكي يغرس فيه الصبر على الجوع.

ومن هنا كان رب الأسرة يأمر صبيه بالصوم ليعتاد على ذلك، فنجد أن أغلب الأطفال الذين بلغوا التاسعة أو العاشرة صائمون، ويقوم الأب بتوعية ابنه لأداء الصلاة، وتذكيره بمعنى الصوم.

وتعمد بعض الأسر إلى توفير ألعاب التسلية للطفل دون الثامنة، كي يتعوّد على الصوم، ويجد ما يشغله عن الطعام والشراب، فيقل إحساسه بالجوع.

وينصح الأطباء أن يعطي الآباء فرصة للأبناء لتعويدهم على الصيام تدريجياً، كصيام نصف اليوم، أو كصيام يوم، وإفطار يوم آخر، وبذلك لا يشترط إجبار الطفل على صيام اليوم كله، وإنما يصوم حسب قدرته على أن يكون العمر موازياً لسن التكليف أو مقارباً له.

ومن الخطأ إجبار الطفل أو تهديده عندما لا يصوم، فقد يدفعه هذا إلى الكذب، ويدعي أنه صائم، حتى لا يتعرض للعقاب والمساءلة، ومن هنا كان صوم الطفل مقترناً بالترغيب وليس الترهيب.

ويقول العلماء، إن تعويد الصبيان على الاحتمال والصبر الخشونة أمر يليق كثيراً بالمربي المسلم، الذي يريد أن يؤسس جيلاً فيه صلابة المؤمن، وقوة احتماله.

وإذا كان إفطار الكبار معصية لله تعالى، فإن الأسرة المصرية لا تتوانى في الاهتمام بصوم الصغار، حتى لا يشبون على عدم التعوّد على أداة فريضة من الفرائض الواجبة، ولهذا يخشى الأطفال، بل يخجلون أن يتناولوا الطعام في المدرسة أو في الشارع، ويشعرون أن ذلك عيب أو حرام في وقت الصيام.

ولعل أطفال الريف المصري هم الأكثر إقبالاً على الصيام، نظراً لانخراط هؤلاء في الحياة العملية منذ الصغر، فهم يساعدون آباءهم في الزراعة، ولذلك يشبون أقوياء ذوي بنية متينة، وهؤلاء لا يجدون مشقة في الصوم، ويتحملون الامتناع عن الطعام والشراب، حتى يحين موعد الإفطار، فيعودوا من الحقول، ويلتفوا حول مائدة الإفطار، ويشاركوا الكبار البهجة والفرح طوال أيام وليالي رمضان.

ولعل أطفال المدن يجدون مشقة أكبر في تحمّل الصوم، حيث تقل نسبة الهواء النقي، من كثرة الزحام والضوضاء التي تؤثر على جهازهم العصبي، ولذلك ينصح الأطباء أن يبتعد الأطفال الصائمون عن مسببات التوتر والعصبية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com