صدور كتاب عن علم الجمال الأدبي
أصدر الدكتور عبد المنعم تليمة أستاذ الأدب والنقد العربي بجامعة القاهرة كتابا بعنوان" مداخل إلى علم الجمال الأدبي ومقدم في نظرية الأدب " حيثيتكون من بابين الأول : مداخل إلى علم الجمال الأدبي يؤكد فيه على أن المسعى الأول للبشرهو أن يعرفوا وقعهم – الطبيعي الاجتماعي ( عالمهم ) ، وأن غاية هذا المسعى هو أن يغير البشر هذا الواقع ، إننا نفسر هذا العالم لنغيره ، وتتوقف قدرة البشر على تغييير واقعهم على قدر ما عرفوا عن هذا الواقع ، وتتوقف معرفتهم لهذا الواقع على المدى الذي وصلت إليه علاقتهم بالطبيعة .وسبيل البشر إلى معرفة واقعهم هو الإدراك – المقترن بالتفسير – الذي يفضي إلى المعرفة ، وبجانب معرفة الواقع هناك الصلة الجمالية بهذا الواقع ، وسبيل البشر إلى هذه الصلة واحد هو الإحساس المقترن بالتقدير .
ويؤكد تليمة على حقيقة أن العمل الفني ذو طبيعة فردية ذاتية وهو في الوقت ذاته ذو طوابع جتماعية ؛ لأن التاريخ الفني اجتماعي ، وكلاهما – العمل الفني والتأريخ الفني – يؤثر في الآخر ويتأثر به ، وينزع التاريخ الفني – إذ يعكس اتجاه القوة الاجتماعية السائدة – منزع التثبيت والتجميد ، وينزع العمل الفني منزع الزلزلة والتغيير .وإذا كان ما يحدد الإحساس الجمالي لدى الفنان هو التقويم الجمالي ، وإذا كان الإحساس الجمالي لا يقوم في شيء ما عنصراً جمالياً من جهة حقيقته الموضوعية فحسب وإنما يقع ذلك الإحساس على هذا العنصر تلبية لحاجات نفسية وروحية وجمالية ، وإذا كانت هذه الحاجة – وأية حاجة إنسانية أخرى – محكومة بمستوى تطور الجماعة ، فإن الإحساس الجمالي لدى الفنان محكوم بمستوى تطور جماعته .وهناك المثير الذي يحفز الفنان إلى إنشاء عمله الفني ، ولقد يكون المثير إنسانياً كلياً ، أو تاريخياً جزئياً ، أو شخصياً وقتياً ، ولكن المثير في كل أحواله خاضع لذلك التنازع بين الفردي والتاريخي . فالموقف في العمل الفني محكوم بالمرحلة التاريخية الاجتماعية لا بالمناسبة العابرة الوقتية .
أما الباب الثاني : مقدمة في نظري الأدب فيؤكد على حقائق مهمة منها : أن اللغة هي أداة الأدب التي تختزن سياقاً تاريخياً واجتماعياً أكثر من أي أدة فنية أخرى . فهي الوحيدة التي ترتبط بصورة مباشرة متينة بالتطور التاريخي لتكوين الإنسان عضوياً وذهنياً ، كما أنها الأداة الوحيد التي يواكب نضجها تكوين المجتمعات البشرية ويحدد شروط بقائها .
كما أن عناصر الأصالة والذاتية والغنائية شروط لازمة في كل عمل فني ؛ لأن هذا العمل – الخاص – نتاج إنسان له أشواقه ورؤاه ومواقفه وأحلامه .كما أن الصراع قانون أساسي من قوانين الكون والمجتمع والحياة الإنسانية . ويتخذ هذا الصراع شكلاً خاصاً في كل طور من أطوار التطور في علاقة الإنسان بعالمه الطبيعي والاجتماعي . فالصراع في المسرح مثلاً مواكب – في مجمله – لمراحل ذلك التطور .
كما يؤكد على حقيقة أن المدارس والنظريات الأدبية تتسع لكثرة غير نهائية من التيارات والاتجاهات التي تييح التنوع في طرائق التعبير ، والثراء في التجريب التكنيكي ، والاجتهاد في النظر الجمالي ، كما تتيح للمعاناة الإنسانية والفردية والذاتية أن تتفتح .والفن إنعكاس لصورة الواقع الموضوعي على الذات ، ولكنه ليس إنعكاساً سلبياً ، بل هو إسهام في التعرف على الواقع ، وأدة للم شعثه ، وسلاح لتغييره . فإذا غامت رؤية الفنان للحقيقة الموضوعية فقد عمله موضوعيته ، وإذا غابت الذات فقد عمله فنيته . إن الواقع يبدو في الفن أكثر غنى من حقيقته الواقعة ؛ لأن الفن لا يقف عند الواقع في معطياته الخارجية المباشرة ، إنما يتخطى هذه المعطيات إلى إدراك جديد لها ، فيبدو الواقع في صورة جديدة ، له صورته الفنية ، وهذه الصور الفني أكثر كمالاً من ( أصلها ) ؛ لأنها تلم ما بدا مبعثراً من عناصره ، وتوضح ما بدا غامضاً من مغزاه .