"أنا مع العروسة" يثير قضية الهجرة في وهران السينمائي
"أنا مع العروسة" يثير قضية الهجرة في وهران السينمائي"أنا مع العروسة" يثير قضية الهجرة في وهران السينمائي

"أنا مع العروسة" يثير قضية الهجرة في وهران السينمائي

يخوض المخرج الفلسطيني خالد سليمان الناصري في فيلمه الوثائقي "أنا مع العروسة" الذي عرض ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان وهران للفيلم العربي، مغامرة سينمائية جريئة، فهو يتحدى القوانين الأوروبية لمساعدة بعض اللاجئين السوريين والفلسطينيين في الانتقال من ايطاليا إلى السويد.

الفيلم، الذي نال جوائز عدة وشارك في مهرجانات كثيرة، يستند إلى هذه الرحلة التي تبدأ من ميلانو الايطالية مرورا بفرنسا وألمانيا والدانمرك وصولا إلى السويد التي تمثل المحطة الأخيرة في رحلة يخدع بها صانعو الفيلم السلطات عبر حفلة عرس وهمية يشارك فيها اللاجئون الخمسة الذين يريدون الوصول إلى السويد.

الفيلم الذي شارك في إخراجه الإيطاليان غابرييل دل غرانده وأنتونيو آوغليارو، يقوم على فكرة أن موكب العرس لا يمكن أن يخضع للمساءلة والتفتيش في النقاط الحدودية، وهو ما يحصل فعليا، إذ ينجو فريق العمل من "الورطة القانونية"، بينما يصل الحالمون بالفردوس الأوروبي إلى وجهتهم المطلوبة.

لكن حكاية الفيلم لا تقتصر على هذه الخدعة، بل يكاد يكون هذا الطريق الشاق والطويل ذريعة لسرد حكايات عن محنة اللجوء، ومافيات التهريب، وقضية الهجرة غير الشرعية التي باتت تؤرق الحكومات الاوربية.

تتبادل شخصيات الفيلم الخمسة، التي ترافق فريق العمل، الحديث عن الأهوال والمحن التي حلت بها حتى تمكنت من الوصول الى جزيرة لامبيدوزا الايطالية، وكيف ان العشرات ممن كانوا معهم على "قوارب الموت" قد قضوا غرقا في عرض البحر.

ويقدم الفيلم إشارات عن المشهد السوري المعقد، وحصار مخيم اليرموك الفلسطيني جنوب دمشق، وتوق البشر إلى الخلاص من جحيم طال كثيرا، وهو ما يدفعهم إلى المجازفة والاستسلام لـ "تجار البشر" أملا في الوصول إلى النعيم الأوروبي رغم المآسي الكثيرة التي تواجه مثل هذه المحاولات.

لا يظهر الفيلم، الذي جرى انتاجه بتمويل جماعي فاق التوقع، القصف والدمار والخراب الذي حل بسوريا، وهو ينأى عن أزيز الرصاص ودوي المدافع والطائرات، وإنما يغوص في أعماق أبطال الفيلم الذين يعبرون بعفوية عما يجول في دواخلهم من أحلام، ويروون المكابدات التي عاشوها قبل أن يصلوا البر الأوروبي.

تختلط مشاعر الفرح مع ذكريات الألم وتمتزج الدموع مع الأغاني في فيلم يبنى على مفارقات محببة، فهو لا يغرق في السوداوية، كما أنه لا يتجاهل الحرائق التي تقود الآلاف إلى الاستسلام لمصير مجهول في عرض البحر. ضمن هذه التوليفة؛ المتأرجحة بين الملهاة والمأساة، يأتي الفيلم ليثير من جديد قضية الهجرة غير الشرعية ولكن بمعالجة مختلفة وخاصة.

ويقول خالد الناصري، الذي ترك بدوره سوريا واستقر في ايطاليا قبل نحو خمس، إن أحد اللاجئين (وهو عبدالله سلّام الذي سيقوم لاحقا بدور العريس) سأله عن القطار الذاهب إلى السويد، وبعد دردشة قصيرة، تبين أنه لاجئ فلسطيني سوري يريد الذهاب، بعد رحلة الموت المضنية، إلى السويد. لكن المسألة ليست بهذه البساطة، لتولد، عندئذ، فكرة فيلم "أنا مع العروسة".

ويوضح الناصري في تصريحات خاصة لشبكة "إرم" الصعوبات التي واجهت تمويل الفيلم، فلا يمكن الافصاح لأية جهة عن النية في انجاز فيلم يساعد مهاجرين غير شرعيين في الوصول إلى السويد، فاعتمدنا على التمويل الشخصي والجماعي من أصدقاء ومعارف ومن متعاطفين مع قضية اللجوء، وهكذا توفر المال المطلوب، بل أكثر من المتوقع، وشرعنا في انجاز فيلم قد يقودنا إلى السجن لخمسة عشر عاما.

والفيلم يثير إشكالية حول دور الفن ووظيفته، فرغم أن الفنون بصورة عامة تسعى إلى التمرد وكسر التابوات، إلا أن هذا الهدف يأتي، كما جرت العادة، ضمن قالب روائي متخيل، بيد أن فيلم "أنا مع العروسة"، لا ينتهك المحظور فحسب، بل يشارك في مثل هذا الانتهاك، على أن نبل الغاية يبرر مكر الوسيلة، وفق المبدأ الماكيافيلي، فحقق الفيلم، المشحون بجرعات الأسى، نجاحات في أكثر من مناسبة سينمائية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com