ظاهرة الضرب والعنف ضد الطالب.. الأسباب والحلول

ظاهرة الضرب والعنف ضد الطالب.. الأسباب والحلول

وقف "إسلام شريف" في عمر لم يتجاوز العشر سنوات ذليلا مهانا أمام زملائه في الصف الخامس الابتدائي، رافعا يده إلى أعلى على السبورة، كعقوبة من المعلم، ترجف قدماه ويتوسل العفو، دون رحمة.

ولم يتحمل جسد "إسلام" الضعيف وعمره الصغير وطفولته هذا العقاب، فتهاوى جسده وما أن أنزل يده حتى فاجأه المعلم بصفعة على وجهه، وصرخ فيه: "اذهب واغسل وجهك وتعالى".

أين يذهب إسلام؟ عاد إلى مصيره، وإلى وحشية معلمه الذي حول مدرسته إلى كابوس مرعب، ليتلقى منه ضربة على رأسه بالعصا، يغيب عن الوعي بسببها ويصاب بنزيف حاد.

بعد الحادثة قدم زملاء "إسلام" شكوى ضد المعلم في مدرستهم في السيدة زينب في القاهرة، ولكن للأسف لم ينجو "إسلام" وتوفي في أحد المستشفيات.

وبدلا من أن يشعر المعلمين في المدرسة بالفاجعة حاولوا مساومة عائلة "إسلام" ووالده الذي يعمل "قهوجي" من أجل التنازل عن المحضر الذي قدموه ضد المعلم والمدرسة.

ولم تكترث المدرسة كثيرا بموت "إسلام" على يد أحد مدرسيها ولم تكترث وزارة التربية والتعليم أيضا، واكتفت المدرسة بتحويل المدرس إلى عمل إداري، ولكن لظاهرة العنف في المدارس جذورا أعمق من مجرد عقوبات، وقصصا لا تنتهي من حالات مماثلة تمثل تردي حال الإنسان والتعليم في مجتمعاتنا.

وتعود ظاهرة ضرب الطلاب في المدارس إلى جذور قديمة، وقد بدأت في العصر الحديث في المدارس الدينية خلال العهد العثماني أو ما يعرف بمدارس (الملا)، ثم بالمدارس الحديثة التي كانت تعرف بالمدارس الرشدية في الربع الأخير من القرن التاسع عشر، واستمرت حتى الآن.

وتبدو هذه الظاهرة موروثا مكتسبا من النظام العثماني، وقد كانت في ذلك العهد أحد أساليب التعليم، ورغم مضي الزمن ظلت هذه الأساليب البالية راسخة في الأذهان.

ويبدو أن العديد من المعلمين يلجأون للضرب لعدة أسباب، مثل اعتقادهم بفرض هيبتهم، ووجود مشاكل أسرية لديهم فيمارسون الضرب على التلاميذ كتفريغ لهذه الشحنة السلبية، كما وتلعب الأحداث السياسية دورا كبيرا في رفع معدلات العنف في المدارس، سواء بين الطلاب أو من قبل المعلمين.

ولا يتوقف العنف من قبل المعلمين على الضرب بل يمارسون عنفا نفسيا من نوع آخر، مثل إحباط وقمع الطلبة وفرض واجبات مدرسية تفوق قدراتهم، فيما يكون التقدير للمتفوقين فقط، متجاهلين الطالب الذي يحتاج للتشجيع الحقيقي.

كما أن للأهل دور كبير في هذه الظاهرة، فالعديد منهم يشجع المدرسين على ضرب أبنائهم بحجة تربيتهم ودفعهم للتفوق العلمي.

ويؤدي ضرب الطالب والطالبة إلى التأثير السلبي على كرامتهم، كما أن العقاب البدني والنفسي يؤدي إلى تبلد الحس الذهني وفقدان الشعور بالمسؤولية وكراهية المدرسة ومفهوم العلم.

ولكن لهذه الظاهرة وجه آخر، إذ أن غياب الأخلاقيات للطالب وتطاوله على المعلم وإهانته له أحيانا كثيرة بل ولجوئه للشتم يؤدي لاستفزاز المعلم وإحساسه بالإهانة الشخصية في مركزه وكرامته، ما يدفعه للضرب كوسيلة تربية في ظل غياب مفهوم وسائل التربية الحديثة.

ولكن ما علاج هذه الظاهرة؟

رغم وجود قوانين في عدة دول عربية للحد من عقوبة الضرب في المدارس، لكنها لم تفلح كثيرا.

إن ما تحتاجه المجتمعات العربية سواء داخل المدرسة أو من ناحية توعية الأهل هو ندوات توعوية وتثقيفية، وترسيخ فكرة الحوار بين المعلم وتلميذه، وبين الأهل أيضا وأبنائهم، وبين المعلم وأهالي الطلبة، كما يجب أن تكون هناك قوانين حقيقية في المدارس لمنع هذه الظاهرة، ولترسيخ مبدأ التشجيع المعنوي والثواب على مبدأ العقاب والترهيب.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com