روسيا.. "كورونا" و"حرب أسعار" يحوّلان خطة بوتين الاقتصادية لـ"كابوس"
روسيا.. "كورونا" و"حرب أسعار" يحوّلان خطة بوتين الاقتصادية لـ"كابوس"روسيا.. "كورونا" و"حرب أسعار" يحوّلان خطة بوتين الاقتصادية لـ"كابوس"

روسيا.. "كورونا" و"حرب أسعار" يحوّلان خطة بوتين الاقتصادية لـ"كابوس"

رغم تأكيد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أن اقتصاد بلاده قادر على تخطي آثار تفشي فيروس كورونا المستجد وانخفاض أسعار النفط، تشكل هاتان الأزمتان تحديا هائلا لوعوده في خفض مستوى .الفقر في البلاد وزيادة النمو، ضمن خطة أوسع يعتزم على الأرجح خلالها الاستمرار في الحكم

وتعاونت روسيا بشكل وثيق منذ عام 2016 مع منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) التي تقودها السعودية، في خفض الإنتاج ودعم الأسعار.

لكن السعودية أطلقت في وقت سابق من الشهر الجاري حرب أسعار بعدما أخفقت أوبك وروسيا في التوصل إلى اتفاق بشأن خفض الإنتاج ورفع الأسعار، وسط تفشي وباء فيروس كورونا المستجد الذي تسبب بتدهور في أسواق الطاقة.

وأكد بوتين أن الاقتصاد الروسي سيخرج أقوى من الأزمة، فيما يقول المسؤولون في موسكو إن البلاد راكمت ما يكفي من الاحتياطات للصمود أمام انخفاض الأسعار في إشارة إلى 150 مليار دولار في صندوق الثروة السيادية.

وذكرت وزارة المالية أن هذا المبلغ سيكفي ما بين ست وعشر سنوات إذا انخفضت أسعار النفط إلى ما بين 25 و30 دولارا للبرميل.

واعتبر انهيار الاتفاق بين موسكو والرياض انتصارا كبيرا لإيغور سيشين، رجل الأعمال النافذ الذي يرأس شركة "روس نفط" وأحد أقرب حلفاء بوتين، الذي لطالما اعتبر أن الاتفاق يضر بمصالح روسيا ويدعم شركات النفط الصخري الأمريكية.

غير أن الخبراء يعتبرون أنه ربما أخطأ في تقييم الموقف، مع تراجع الوضع الاقتصادي أكثر مما كان متوقعا.

 "كابوس"

وسجلت أسعار النفط هذا الأسبوع أسوأ انهيار لها منذ 20 عاما، ما أدى إلى تراجع قيمة الروبل الروسي لأدنى مستوياته منذ عام 2016.

ورغم تعافي سعر خام برنت قليلا، اليوم الجمعة، وبلوغه 32 دولارا للبرميل، تراجع سعر خام الأورال المرجعي في روسيا أمس الخميس حتى 20 دولارا للبرميل.

وقال ليونيد فيدون نائب رئيس "لوك أويل"، ثاني أكبر شركة منتجة للنفط في روسيا، أمس الخميس، إن شركات النفط نفسها التي أرادت انسحاب روسيا من الاتفاق مع السعودية "لم تكن لتتصور كابوس" وصول سعر البرميل إلى 25 دولارا.

وأعلنت "لوك أويل" الخميس عن تدابير لخفض التكاليف بقيمة 1,5 مليار دولار، لا سيما عبر تقليص الاستثمارات في مشاريع جديدة.

وحذر وزير المالية الروسي، أنطون سيلويانوف، الأربعاء الماضي، من أن موازنة البلاد التي بنيت على أساس سعر 42 دولارا للبرميل، ستواجه عجزا العام الجاري، بعدما كانت في فائض في 2018-2019 نتيجة لتدابير التقشف الصارمة.

وقال الوزير الروسي إن "قطاعات اقتصادية بأكملها تتقلص"، مضيفا أن توقعات الاقتصاد الكلي السابقة لهذا العام لم تعد صالحة الآن.

غير أن بعض الخبراء مثل كبيرة الاقتصاديين في شركة "روناسانس كابيتال"، صوفيا دونيتس، يعتبرون أن روسيا في موقع أفضل من بعض الدول الأخرى في القدرة على التصدي للصدمات الاقتصادية الحالية.

وقالت لصحفيين إنه "في ظل ثبات جميع الضوابط والموازين، لا نتوقع تدهورا في القيمة الائتمانية لروسيا".

ويشير مراقبون إلى أن خضوع روسيا لعقوبات غربية منذ سنوات، وعزلتها الدولية، جعلتاها أقل حساسية على الأزمات العالمية.

وأوضحت وكالة "موديز" في مذكرة أن المصارف الروسية ستكون أقل عرضة للتضرر من انخفاض شديد لأسعار النفط مما كانت عليه في عامي 2014 و2015، وذلك بفضل "قواعد تنظيمية أكثر صرامة" و"اعتماد أقل على التعامل بالدولار".

غير أن الأزمة ستؤثر خصوصا على الحياة اليومية للروس، حيث من المرجح أن تتبخر وعود الرئيس بتحسين معايير المعيشة.

وتعهد بوتين بخفض الفقر إلى النصف، وبنمو أعلى من النمو العالمي الذي كان نحو 3%  عام 2019، بحلول نهاية ولايته الرابعة عام 2024.

 "نقطة تحول"

وخصص بوتين 25.7 تريليون روبل (325 مليار دولار) للاستثمار نظريا في كافة القطاعات، كالتعليم والطرقات والصحة من الآن حتى عام 2024.

وللتعامل مع الأزمة، أعلنت الحكومة هذا الأسبوع أنها ستفرج عن احتياطات بقيمة 300 مليار روبل لدعم الاقتصاد.

وحضت صحيفة "فيدوموستي" الروسية المختصة بالأعمال الحكومة على مراقبة الأسعار ودعم القطاعات الأكثر تضررا كالسياحة ومن فقدوا أعمالهم.

لكن النمو المخيب للآمال الذي بلغ 1,3% عام 2019 والأزمات الجديدة، تبدد الآمال في تحقيق نتائج أفضل عام 2020، ما قد يكون له نتائج سلبية على بوتين نفسه وعلى حكومته.

وكان الإحباط من التدهور الاقتصادي وانخفاض الدخل الفعلي للروس على مدى السنوات الأخيرة أحد الأسباب الرئيسة لاستيائهم من حكومة ديمتري ميدفيديف، حليف بوتين الذي أقيل في كانون الثاني/يناير الماضي.

ورأت المحللة في مؤسسة "ريستاد اينيرجي" ، لويز ديكسون، أن "من الواضح أن روسيا في موقع أفضل في الاقتصاد الكلي مما كانت عليه في 1998، لكن بلوغ برميل النفط 18 دولارا في آب/أغسطس 1998 أفقد العملة المحلية 70% من قيمتها، قبل أن تدخل في مرحلة تخلف عن الدفع، واحتاجت لعامين لتتعافى وتعود إلى مرحلة ما بعد الأزمة".

وأشار مدير معهد "إف بي كي غراند نورتون" للتحليل الإستراتيجي، إيغور نيكولاييف، إلى أن من هم الأفقر سيعانون الأكثر بسبب ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية.

وتوقع أن يكون الانهيار في مستوى المعيشة أسوأ مما حصل خلال أزمة عام 2008، مضيفا أن البلاد قد تكون قادمة على مرحلة كساد كبير.

وحذر أن الاقتصاد الروسي بكامله سيحتاج لإعادة هيكلة وإيجاد بديل عن الاعتماد على المواد الأولية، مضيفا أن "الضربة مزدوجة بالنسبة لروسيا، فيروس كورونا وأسعار النفط معا".

وأوضح أن "لا عودة إلى 60 و70 دولارا لبرميل النفط، فيروس كورونا سيكون نقطة تحول بالتاريخ".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com