كيف يؤثر "كورونا" على اقتصاد أوروبا؟
كيف يؤثر "كورونا" على اقتصاد أوروبا؟كيف يؤثر "كورونا" على اقتصاد أوروبا؟

كيف يؤثر "كورونا" على اقتصاد أوروبا؟

لا تزال منطقة اليورو تنتظر التأثير المحتمل لفيروس كورونا على اقتصادها، خاصة أن الصدمة شديدة بما يكفي لدفع الاقتصاد الألماني الضعيف، وربما منطقة اليورو بأكملها إلى الركود.

ورغم انتشاره الواسع في الصين، إلا أن حالات قليلة ومتفرقة من فيروس كورونا، ظهرت حتى الآن في أوروبا، لكن الاقتصاديين حذروا من سيناريو الركود، خاصة في أعقاب تخبط أعقب أزمة "بريكست" والحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة.

ويتوقع مختصون أن يستغرق الاقتصاد الصيني أسابيع، في أحسن التقديرات، قبل أن يستأنف دوره كمصدر وافر لسلع المصانع الأساسية، وكسوق مستهلك متزايد الأهمية لبقية العالم.

وقال يورغ كريمر، كبير الاقتصاديين في بنك "كومرزبنك" بمدينة فرانكفورت، إنه "كلما تأخر استئناف الصين للإنتاج، زادت المخاطر".

وبالنسبة إلى الرئيس التنفيذي لشركة "دايملر"، وهي إحدى أبرز الشركات الألمانية التي لديها العديد من مصانع السيارات في الصين، فإن الأزمة هي حالة عدم اليقين.

وقال أولا كالينيوس المدير التنفيذي للشركة في مؤتمر صحفي بمدينة شتوتغارت الألمانية الثلاثاء: "أتصل بالصين كل يوم، فمن السابق لأوانه تحديد ما إذا كانت المصانع الأخرى ستتأثر أم لا، فنحن نتحدث عن الشبكات العالمية".

ترقب حذر

وحذر رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي في الولايات المتحدة جيروم باول، المشرعين أمس الثلاثاء من أن بقية العالم قد يعاني -أيضا- من الناحية الاقتصادية، وقال لأعضاء لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب: "نحن نراقب عن كثب ظهور فيروس كورونا، الذي قد يؤدي إلى حدوث اضطرابات في الصين تمتد إلى بقية الاقتصاد العالمي".

وأجاب تقرير عن الأرباح أصدرته شركة "دايملر" أمس الثلاثاء، عن سؤال: كيف تعتبر منطقة اليورو، وهي الدول الأوروبية الـ 19 التي تستخدم اليورو، عرضة للركود الاقتصادي؟، الذي من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم الركود في التجارة العالمية الذي كان واضحا قبل وقت طويل من ظهور فيروس كورونا.

إذ قالت الشركة إن وضعها أصبح خطيرا في نهاية عام 2019، بعد أن تضررت من تكلفة التكيف مع التكنولوجيا الجديدة والعقوبات الناجمة عن غش قواعد انبعاثات الديزل.

وتعد السيارات هي أكبر صادرات ألمانيا، وكذلك جزء مهم من الهوية الوطنية هناك، ويتوقع العديد من الاقتصاديين أن البيانات الرسمية التي ستنشر يوم الجمعة المقبل ستظهر أن الاقتصاد الألماني قد تقلص في الربع الرابع من 2019؛ بسبب التراجع في التصنيع.

صناعة السيارات

وتنعكس مشاكل شركات صناعة السيارات الألمانية على جميع أنحاء القارة، لأن العديد من موردي قطع الغيار الصغيرة والمتوسطة الحجم في البلدان يعتمدون عليها في المبيعات، وانكمش الاقتصاد الإيطالي في الربع الأخير جزئيا لأنه مرتبط ارتباطا وثيقا بألمانيا.

وقال كارستن برزيسكي، كبير الاقتصاديين في شركة "أي إن جي": "بالنسبة لمعظم الدول، تعد ألمانيا أهم شريك تجاري. فإذا بدأ تباطؤ الاقتصاد، ستشعر به بلدان أخرى".

وسجلت شركة دايملر خسارة ربعية قدرها 11 مليون يورو، مقارنة بأرباح قدرها 1.6 مليار يورو في الربع الأخير من عام 2018.

وقد أدى انخفاض الأرباح إلى ترك شركة دايملر، المصنعة لسيارات "مرسيدس بنز"، في وضع ضعيف، بينما تعاني من العواقب الاقتصادية لتفشي فيروس كورونا.

كورونا أجبر شركة دايملر وغيرها من شركات صناعة السيارات، على إبقاء مصانعها في الصين مغلقة لفترة أطول من المخطط لها بعد عطلة رأس السنة القمرية الجديدة، كما أبقى الفيروس الناس بعيدا عن معارض السيارات.

ويوم الاثنين، قالت الشركة إنها بدأت تدريجيا، زيادة الإنتاج في مصانعها الصينية، ولكن الوضع لا يزال متوترا ولا يمكن التنبؤ به.

فهناك قلق واسع النطاق من أن خطوط التجميع في جميع أنحاء العالم قد تضطر إلى إغلاق أبوابها بسبب نقص المكونات المصنوعة في الصين، إذ أصبحت الصين سوقا حاسما لجميع شركات صناعة السيارات الألمانية.

وباعت شركة دايملر ما يقرب من 700 ألف سيارة مرسيدس بنز في الصين العام الماضي، أي أكثر من ضعف ما تم بيعه في الولايات المتحدة، وعلى مدار العام بأكمله، هبط صافي الربح في شركة دايملر بنسبة 64% إلى 2.7 مليار يورو.

وقال ستيفان شنايدر، الخبير الاقتصادي في "دويتشه بنك"، بمذكرة للعملاء الثلاثاء إن "فيروس كورونا يمثل خطرا كبيرا على الانتعاش العالمي المتوقع، إذ كانت الآمال معلقة على تحسن الاقتصاد الصيني"، مشيرا إلى أن الركود الألماني في وقت مبكر من هذا العام بات مرجحا للغاية.

وتعد صناعة السيارات الألمانية في حالة ضعيفة، وذلك يرجع جزئيا إلى سوء سلوكها. فمثل منافستها "فولكس فاجن"، تواجه "دايملر" خسائر كبيرة من الاتهامات بأنها برمجت سيارات الديزل لغش اختبارات حدود الانبعاثات المسموح بها.

الشركات الصغيرة

كما تتأثر الشركات الصغيرة أيضا، إذ يمتلك العديد منها مصانع في الصين باتت خامدة أو تعمل بقدرات أقل بكثير، فعلى سبيل المثال تمتلك شركة "زيهيل -أبيج"، صانعة المراوح الصناعية الألمانية، مصنعا في شنغهاي يعمل فيه 450 عاملا ينتجون أنظمة تدوير الهواء للمستشفيات، وكان الطلب على المراوح عالية الأداء، كبيرا في أثناء الأزمة.

ومع ذلك، قال راينر جريل المتحدث الرسمي باسم الشركة، إن السلطات الصينية لم تسمح بعمل المصنع بقدرته الكاملة على الرغم من الطلبات المتراكمة من المستشفيات التي بُنيت حديثا في ووهان وشاندونغ وشنتشن.

وحتى بعد السماح بإعادة فتح مصنع شنغهاي هذا الأسبوع، لم يحضر سوى نصف الموظفين للعمل، إذ أمروا بالبقاء في منازلهم لأنهم زاروا المناطق المتضررة بالفيروس من الصين خلال رأس السنة القمرية.

وعانت شركات تصنيع الآلات الألمانية من اضطرابات اقتصادية كبيرة في العام الماضي، يبدو أنها لا يمكنها تحمل أي مشاكل أخرى، إذ انخفضت الطلبات الجديدة لمنتجات مثل آلات البناء بنسبة 9% في عام 2019 بسبب الحرب التجارية الصينية الأمريكية وصفقة البريكسيت ومشاكل صناعة السيارات.

وقال أولاف وورتمان، الاقتصادي برابطة صناعة الهندسة الميكانيكية في فرانكفورت: "تسببت الاضطرابات السياسية في حالة من عدم اليقين السام للاستثمار".

وأضاف وورتمان أن بعض المبيعات المفقودة قد يتم تعويضها بمجرد أن يتلاشى الفيروس، ولكن كلما زاد انتشار هذا الفيروس، زادت صعوبة تعويض الخسائر.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com