هل ينجح لبنان في تفادي خطر الانهيار المالي؟
هل ينجح لبنان في تفادي خطر الانهيار المالي؟هل ينجح لبنان في تفادي خطر الانهيار المالي؟

هل ينجح لبنان في تفادي خطر الانهيار المالي؟

يبدو أن المسؤولين اللبنانيين لم يدركوا قبل عدة سنوات أن الوضع الاقتصادي والمالي في البلاد سيبلغ مرحلة يصل فيها لبنان إلى حافة الانهيار ويضعهم أمام خيارين: إما الاستسلام وإما المواجهة.

وعلى الرغم من استمرار تدهور الوضع إلا أنهم لم يحسموا أمرهم، إلى أن قررت الدول المانحة ومعظمها دول صناعية كبرى أن توقظهم من سباتهم، وتوضح لهم أنه آن الآوان للمواجهة وإصلاح أوضاع بلادهم، وإلا فإن لبنان لن يحصل على مبلغ 11 مليار دولار الذي تعهدت بتقديمه.

وكان شرط الدول المانحة في باريس أوائل العام الماضي هو تنفيذ إصلاحات اقتصادية شاملة وخفض عجز الميزانية إلى 9% العام المقبل، ثم إلى مستويات أقل في السنوات التالية، وهو ما سيؤدي إلى تقليص الدين العام الذي تراكم بشكل خطير في الأعوام الماضية، حتى أصبح لبنان ثالث أكبر دولة مدينة في العالم نسبة لناتجها المحلي الإجمالي بعد اليابان واليونان.

وحين وافق لبنان على تلك الشروط خاصة وأنه بات بحاجة ماسة لتلك المبالغ، تفاءل اللبنانيون بانفراجة بعد سنوات طويلة من المعاناة الاقتصادية والاجتماعية، إلا أن هذا التفاؤل لم يستمر طويلا بعد أن شعروا بأن الحكومة غير جدية وبطيئة جدا في عملية الإصلاح، وهو ما دفعهم إلى إطلاق انتفاضة شعبية لم تترك أمام السلطات اللبنانية أي خيار سوى البدء بعمل جدي.

ويقول علي كنعان من مدينة صيدا بجنوب لبنان: "نحن انتفضنا لأننا مللنا من جولات الفشل المتتالية وعدم الاكتراث من قبل الحكومة، نحن نرى أنه حان الوقت للعمل الحقيقي لأننا لا نريد مزيدا من الوعود بل نتائج حقيقية نقبل بها ونشعر بها ونرضى بها."

من جانبه، يرى ايلي سيقلي من قرية "المية ومية" قرب صيدا أن اللبنانيين ثاروا بعد أن "أدركوا أنه ليس هناك خيار آخر، وأن الحكومة لن تبادر لعمل أي شيء دون ضغط حقيقي."

وتشير بيانات لوزارة المالية اللبنانية إلى أن تراكم العجز في الميزانية أدى إلى ارتفاع سريع وكبير في الدين العام الذي تضاعف بأكثر من مرتين في فترة 13 سنة الأخيرة من نحو 60 مليار ليرة (40 مليار دولار) بنهاية عام 2006، إلى 131.2 مليار ليرة (87 مليار دولار) بنهاية العام الجاري.

ويشمل الدين العام حوالي 55 مليار دولار ديونا داخلية، و32 مليار دولار ديونا خارجية معظمها لمصارف ومؤسسات تمويل وحكومات.

وفي ظل غياب إصلاحات حقيقية تشمل خفضا كبيرا في الإنفاق لتقليص عجز الميزانية وتزايد الفائدة على الدين، فإنه من المرجح أن يقفز الدين اللبناني إلى أكثر من 120 مليار دولار بنهاية عام 2024، وفقا لتوقعات أصدرتها مؤسسة "ستاتستيكا" الألمانية للإحصاءات الاقتصادية.

وأشارت المؤسسة في تقرير اطلعت عليه "إرم نيوز" إلى أن الدين العام شكل نحو 151% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية عام 2018، ويتوقع أن يرتفع إلى 155% بنهاية العام الحالي، ثم يتسارع ليصل إلى نحو 161% بنهاية العام المقبل ثم إلى أعلى مستوى له وهو 185% بنهاية عام 2024.

وأوضح التقرير بأن توقعاته بنيت على أساس تفاقم عجز الميزانية في غياب إجراءات إصلاح حقيقية، ما قد يؤدي إلى زيادة العجز من حوالي 9.7% بنهاية العام الجاري إلى 11.5% بنهاية العام المقبل، وحوالي 12% بنهاية عام 2021 و 15.3% بنهاية عام 2024.

وفي تقرير متفائل، توقعت مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي أن ينخفض عجز الميزانية في حال مضت الحكومة اللبنانية قدما في تنفيذ إصلاحات جدية، ما سيدفع نادي باريس إلى إطلاق المساعدات الموعودة تدريجيا، وهو بدوره ما سيؤدي إلى تدفق الاستثمار وانتعاش اقتصادي تدريجي.

وأظهر تقرير المؤسسة أن عجز الميزانية الفعلي قد ينخفض من 11.2% بنهاية عام 2018 إلى حوالي 7.8% بنهاية العام الجاري، ونحو 6.1% بنهاية عام 2020، ما سيؤدي إلى تراجع الدين من حوالي 151% بنهاية العام الجاري إلى 148.2% بنهاية العام المقبل.

وقالت المؤسسة في تقريرها: "الاقتصاد اللبناني وصل إلى مفترق طرق، لكننا نعتقد بأن لبنان لن يتأخر عن سداد ديونه؛ نظرا لضخامة احتياطه الخارجي وقوة جهازه المصرفي. يبدو أن الحكومة باتت تدرك خطورة الوضع وبدأت تتحرك من أجل الإصلاح وخفض الدين واستعادة الثقة."

ووفقا لخبراء اقتصاديين، فإن تراكم العجز بالميزانية اللبنانية وبالتالي ارتفاع الدين بشكل سريع يرجع إلى تفشي الفساد وعدم القدرة على ضبط الإنفاق العام والتكلفة الباهظة لمشاريع إعادة الإعمار، وخاصة تأهيل البنية التحتية التي دمرت بشكل كبير خلال الحرب الأهلية التي استمرت نحو 15 سنة قبل أن تنتهي باتفاق الطائف نهاية عام 1989.

وما أدى إلى تفاقم الوضع هو الحرب الأهلية السورية التي تسببت بتدفق نحو 1.5 مليون لاجئ على لبنان يشكلون الآن حوالي ربع السكان، في حين تراجعت تحويلات اللبنانيين في دول الخليج بشكل كبير في الأعوام الماضية؛ نتيجة اتجاه تلك الدول لتوطين الوظائف.

وفي تقرير لها عن الوضع في لبنان، قالت مجلة فوربس الأميركية: "يخطىء من يظن أن الوضع الاقتصادي في لبنان سيىء للغاية وغير قابل للإصلاح. الحقيقة أن الحل في متناول اليد وبوادر تنفيذ الإصلاحات المالية تبدو جيدة الآن والأزمة لن تستمر إلى الأبد."

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com