الزهور تبتسم في سوريا بعد 8 سنوات من الدمار (صور)
الزهور تبتسم في سوريا بعد 8 سنوات من الدمار (صور)الزهور تبتسم في سوريا بعد 8 سنوات من الدمار (صور)

الزهور تبتسم في سوريا بعد 8 سنوات من الدمار (صور)

يكسو غطاء من الورد الذهبي اللون أطلال حلب ليحجب الأنقاض ويملأ الحفر بزهور برية في مشهد يبدو لوهلة أنه يغير ملامح منطقة عانت من آثار الحرب والدمار والموت.

فبعد شتاء ممطر على غير العادة حلت أيام الربيع الدافئة فأينعت فجأة الألوان ودبت الحياة في أرجاء سوريا المنهكة وكست الزهور المدن والصحاري.

لكنها تغطي ساحة حرب.. فالربوات والوديان ما هي إلا أكوام من الأنقاض والمتاريس والحفر والخنادق والأزهار تنمو حيث عاش الناس ذات يوم وحاربوا وماتوا.

وربما تكون الحرب المستمرة منذ ثماني سنوات قد قتلت نحو نصف مليون شخص ودمرت بلدات بكاملها وأحياء في مدن وشردت نحو نصف سكان سوريا.

وتوقف القتال في أغلب أرجاء البلاد ،على الأقل حتى الآن، واستعاد الرئيس بشار الأسد سيطرته على أغلب أراضي سوريا بما فيها حلب التي استعادها بعد قتال مرير استمر شهورًا في 2016.

لكن ما زالت جماعات يقودها الأكراد تسيطر على شمال شرق البلاد وفي الشمال الغربي قرب حلب يقع خط المواجهة مع آخر معقل كبير للمعارضين والذي تعرض للقصف في الأسابيع الأخيرة.

ودمرت الحرب أغلب المدينة القديمة الجميلة في حلب والكثير من الأحياء الشرقية الفقيرة تاركة الأطلال والحجارة المتساقطة.

وفي بقايا قسم العطارين بسوق حلب حيث انهار السقف الحجري، جلس زوجان شابان على كومة من الأحجار يتنسمان الهواء الدافئ وشمس الأصيل تضيئ الزهور الصفراء وتبرز غطاء الرأس الأحمر الذي ترتديه الزوجة.

وامتد بساط كثيف من الزهور على جانبي سفح تلة مقامة عليها قلعة قديمة في وسط المدينة وتجمعت الأسر لمشاهدة الغروب في المكان.

وقال مجد كناع (35 عامًا) وهو واقف في نهاية زقاق بالسوق حيث كان يجدد متجر والده ليعيد فتحه "إنها رسالة من الله أن يجعل كل شيء جميلًا بعد أن دمر الإنسان كل شيء".

  الفراشات وطيور السنونو واللقلق والضفادع

ترفرف أجنحة الفراشات السوداء والبيضاء والقمحية اللون وهي صاعدة من أسفل ويدوي صوت طنين النحل الحائم حول الورود وتهبط أسراب طيور السنونو من السماء لتجثم على الأنقاض.

وفي المساء في الحقول ومزارع الزيتون على مشارف المدينة يعلو نقيق الضفادع مغطيًا على ضوضاء السيارات القادمة من الطريق الذي تحده من الجانبين صفوف أشجار السرو والصنوبر.

وجنوبًا على امتداد الطريق الذي سيطر عليه الجيش لسنوات وسط مخاطر من معارضين يقيمون على أحد جانبيه وأفراد تنظيم داعش على الجانب الآخر، ترك القتال سلسلة من التحصينات.

لكن الحرب انتقلت بعيدًا عن هذا المكان الذي تركته في أغلبه مهجورًا الآن. ونمت الحشائش والزهور بكثافة بين براميل النفط وأكياس الرمل وإطارات السيارات التي تحمي المواقع العسكرية القديمة والصناديق الخرسانية.

ونبتت ورود صفراء وأرجوانية وحمراء من الأرض الصحراوية راسمة لوحة من الألوان المبهجة.

وفي أحد الأماكن بدت قطعة ضخمة من الأرض مكسوة بسيل من زهور الخشخاش الحمراء المنبثقة من الأرض الرخوة المموجة.

وقال علاء السيد المحامي والمؤرخ من سكان حلب: "في سوريا نحن نعتقد أن زهور الخشخاش هي دماء الشهداء" شارحًا أن اسم الزهرة جاء نسبة إلى اسم أحد الملوك القدماء، وقال "هناك الكثير من الشهداء".

وعلى التلال خلف شلال الخشخاش تظهر القباب الطينية المدببة للقرى التي كانت تضم خلايا نحل العسل والرعاة الصغار الذين يراقبون قطعان الأغنام والماعز.

وعندما تهب ريح الغروب القوية على الأرض قبل المغيب يتحرك العشب فيومض تحت أشعة الشمس. يقفز سرب صغير من الطيور تاركًا الأرض ومحلقًا في السماء وترفرف طيور اللقلق المهاجرة بأجنحتها على مسافة.

القليل من الكهرباء يعني القليل من الضوء، وفي المساء تضاء السماء بهلال رفيع وتكوينات براقة من النجوم، ويعبر ثعلب الطريق الصحراوي على ضوء كشافات السيارات.

لكن بين الحين والآخر تلقي الكشافات ضوئها كذلك على الحطام المحترق على جانبي الطريق لتظهر آثار المعارك السابقة في حين تنقل شاحنتان كبيرتان الدبابات إلى جبهة القتال الحالية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com