السيارات "المفيّمة" أولًا.. أزمة البنزين في سوريا تنعش الإعلان والسمسرة والشجار
السيارات "المفيّمة" أولًا.. أزمة البنزين في سوريا تنعش الإعلان والسمسرة والشجارالسيارات "المفيّمة" أولًا.. أزمة البنزين في سوريا تنعش الإعلان والسمسرة والشجار

السيارات "المفيّمة" أولًا.. أزمة البنزين في سوريا تنعش الإعلان والسمسرة والشجار

أفرزت أزمة البنزين الخانقة التي تشهدها دمشق ومدن أخرى خاضعة لسيطرة النظام السوري، منذ أسابيع، ظواهر لم تكن في الحسبان، فأصبحت طوابير السيارات مألوفة، في الوقت الذي تتعالى فيه صرخات الشجار، وتكثر فيه الإعلانات التجارية، ويتباهى أصحاب النفوذ بسطوتهم وسيارتهم "المفيمة" متجاوزين كل من يقف في الدور الطويل.

ووفقًا لحسابات ومواقع سورية موالية، فإن طول طوابير السيارات المنتظرة أمام محطات الوقود للحصول على مخصصاتها من البنزين والبالغة 20 لترًا، تتخطى عتبة الألف متر في ساعات الازدحام، وهو ما يؤدي إلى خلق حالة من الاختناقات المرورية.

ووجدت إحدى شركات الصناعات الغذائية في هذه الحشود من السائقين والموظفين والعائلات المنتظرة، فرصة لتسويق بضاعتها على نحو مرتجل، فأرسلت موظفيها لتوزع عينات من منتجاتها على المنتظرين بهدف التعريف بمنتجاتها والتسويق لها.

وتداولت بعض الصفحات على "فيسبوك" صورًا لمجموعة من الشبات والشابات وهم يوزعون أنواعًا من البسكويت على أصحاب السيارات الواقفة في الطابور كنوع من الدعاية للشركة المنتجة، فيما كتب أحد المعلقين ساخرًا أن "هذه الطوابير تدعم الاقتصاد الوطني".

ووسط الأصوات العالية والصخب والاستياء، تقتحم سيارات فارهة "مفيمة"، ذات زجاج داكن، هذا المشهد اليومي، لتحصل على حاجتها من البنزين دون أي انتظار.

ومن المعروف في العرف المحلي السوري السائد، أن هذه السيارات ذات الزجاج المعتم، والتي تضع أرقامًا غامضة، أو تكون أحيانًا بلا نمرة، حسب موقع "هاشتاغ سوريا"، تعود لأصحاب نفوذ وضباط وعسكريين من ذوي الحظوة لدى النخبة الحاكمة في البلاد.

وأنعشت هذه الفوضى كذلك، ظاهرة السماسرة الذين باتوا ينتشرون في أرجاء محطات الوقود بشكل معلن، وهم يتواطأون مع صاحب محطة الوقود، ويستطيعون تأمين البنزين بسهولة ثم يقومون ببيعها للواقفين على الدور بأسعار أعلى بنحو 50% من السعر الرسمي.

ويبدو أن أزمة البنزين لها جانبها الطريف أيضًا، إذ تعترف إحدى الفتيات بفضل طوابير البنزين عليها، فهي تستمع باسترخاء لأغان تمتد لساعات، وهو ما لم يكن متاحًا في الحالات العادية، وكذلك تجد فائضًا من الوقت أثناء الانتظار للرد على الإيميلات والرسائل، إضافة إلى أن الطابور يمثل بالنسبة لها فرصة لتجاذب أطراف الحديث، وعقد صداقات جديدة قد تنتهي بالخطوبة أو الزواج.

ووجد آخرون في ساعات الانتظار الطويلة، فرصة للقراءة والمطالعة، إضافة إلى إشباع الفضول في التعرف على ميكانيك سياراتهم، وما اذا كانت بحاجة للصيانة، بل راق لبعضهم مراجعة الإشارات والشاخصات المرورية للتعرف على دلالاتها من جديد.

ورغم الوعود الحكومية بالتخفيف من هذه الأزمة، غير أن القرار الجديد الذي اتخذته الحكومة، أمس الأحد، لا يبشر بحل قريب، فبعد تقنين الكميات اليومية المتاحة للسيارات الخاصة من البنزين، قرّرت الحكومة خفض كميات البنزين المخصصة للآليات الحكومية بنسبة 50%.

وقالت وكالة "سانا" الرسمية السورية، إن الحكومة قررت "وضع محطات وقود متنقلة، وتشغيل المحطات المتوقفة بإشراف مباشر من وزارة النفط، ووضع إجراءات جديدة لضبط توزيع مخصصات محطات الوقود مع مراعاة الكثافة السكانية في كل منطقة، بما يحقق العدالة والحد من أي هدر أو تهريب أو احتكار.

ويأتي الإعلان عن تخفيض مخصصات الآليات الحكومية بعد مرور ساعات على وعود أطلقتها وزارة النفط، بانفراج أزمة المشتقات النفطية خلال الأيام القليلة المقبلة.

ويبرر المسؤولون السوريون هذه الأزمة بالعقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، والتي تستهدف القطاع النفطي بشكل خاص، وتمنع وصول ناقلات النفط إلى البلاد.

وأوضحت وزارة النفط السورية على حسابها في "فيسبوك" أن "الفريق الحكومي المعني يعمل بهذا الملف على مدار الساعة لتذليل الصعوبات، والتغلب على معوقات وصول النفط إلى سوريا، وستبدأ الانفراجات خلال عشرة أيام".

وكانت دمشق اتهمت مصر بمنع عبور السفن الإيرانية المحملة بالنفط إلى سوريا، إذ قال رئيس الوزراء السوري، عماد خميس، الأربعاء الماضي، إن قناة السويس المصرية تمنع منذ 6 أشهر، عبور السفن المحملة بالنفط إلى سوريا، مضيفًا، أن كل المحاولات والاتصالات فشلت في إقناع الجانب المصري بتمرير ناقلة واحدة.

ونفت الحكومة المصرية من جانبها، صحة هذه التصريحات، وقالت إن "مصر لم تمنع أي ناقلة متوجهة إلى سوريا من العبور عبر قناة السويس".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com