وسط حالة الركود.. النظام التركي يتخذ منعطفًا صارمًا ضد السوق
وسط حالة الركود.. النظام التركي يتخذ منعطفًا صارمًا ضد السوقوسط حالة الركود.. النظام التركي يتخذ منعطفًا صارمًا ضد السوق

وسط حالة الركود.. النظام التركي يتخذ منعطفًا صارمًا ضد السوق

تعهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في آخر مرة ذهب فيها الأتراك إلى صناديق الاقتراع بإحكام قبضته على الاقتصاد، ومن خلال حملة وطنية أخرى يقوم بطرح قواعد اللعبة ذاتها، لكن هذه المرة لأجل الانتخابات البلدية التي بلغت ذروتها.

خلال الأشهر الثمانية الماضية فرضت حكومة أردوغان ضوابط على الأسعار، وأجبرت المقرضين على مواصلة التدفق الائتماني، كما حظرت استخدام الدولار في معظم العقود والتعاملات، وفي الآونة الأخيرة وجهت غضبها نحو هدف مألوف، هو المصرفيون الأجانب، مع وعود بإجراء تحقيقات مع بنك JPMorgan Chase & Co، الذي يتخذ من نيويورك مقرًّا له، بسبب نشره تنبؤات عن انخفاض سعر الليرة.

وقال رئيس أبحاث الأسواق الناشئة في شركة تي دي سيكيوريتيز في لندن، كريستيان ماجيو، إن " كل هذه تدابير تتعارض مع جوهر فكرة اقتصاد السوق، إذ تتدخل الحكومة أكثر من اللازم".

وأدى دخول تركيا مرحلة الركود الاقتصادي بعد انهيار العملة في الصيف الماضي، إلى عمليات بيع واسعة في الأسواق المحلية وأيضًا زيادة المخاطر.

واعتمدت تركيا على رأس المال الأجنبي لتمويل نموها المدفوع بالسيولة في 2016-2017، إذ بلغ متوسط تدفقات المحافظ الاستثمارية 1.3 مليار دولار شهريًّا، وانخفضت الحسابات الجارية بشكل أكبر، إذ أجبر ذلك المستثمرين على بيع الأصول التركية، واستمرت التدفقات الخارجية لمدة ثمانية أشهر على التوالي قبل الاستقرار.

ووفقًا لما ذكره مسؤول تركي كبير، لم تتمكن بعض البنوك التركية من الوفاء بالتزاماتها في ختام تداولات يوم الثلاثاء الماضي؛ ما أجبر البنك المركزي على تمديد مدة تحويل الأموال في تركيا إلى الساعة التاسعة مساءً.

ويوم أمس الأربعاء استحوذت أسواق الأسهم والسندات التركية على نصيب الأسد من الإجراءات التي تهدف لحماية الليرة، إذ انخفضت أسهم البنوك أكثر من 7% وارتفع العائد على سندات الليرة 74 نقطة بنسبة 18.23%.

مقامرة أردوغان قد تأتي بنتائج عكسية إذا انقلب المستثمرون على تركيا وتُركت مشاكل الاقتصاد تتفاقم، ولكن مع اقتراب موعد الاقتراع في الانتخابات البلدية يوم الأحد المقبل، يتعين على القطاع الصناعي -بما في ذلك البنوك وصناعات الأدوية- أن تنحاز لرغبات الحكومة.

وأفرط أردوغان في فرض الضغوط على البنك المركزي منذ تعهده بالسيطرة على السياسة النقدية؛ ما ساعد على انهيار سعر الليرة الصيف الماضي، وعندما سئِل عن التدابير الحكومية لمواجهة الأزمة في ذلك الوقت أجاب "نحن لم نتنازل أبدًا عن اقتصاد السوق الحر ولن نفعل ذلك مطلقًا".

وهاجم أردوغان من سماهم بالمسؤولين عن التلاعب في أسعار المواد الغذائية ووصفهم بالخونة والإرهابيين، كما أطلق تهديدات للمصرفيين ممن ساهموا في تغذية هيجان العملة.

وعلق " فادي هاكورا " المحلل في تشاتام هاوس في تركيا "السؤال هو ما إذا كان أردوغان سيكون قادرًا على كبح جماح نفسه بعد الانتخابات".

وتابع "تركيا بحاجة إلى اتخاذ تدابير طويلة الأجل تتطلب الصبر وأردوغان لا يتمتع بهذه الميزة".

وعمدت الحكومة التركية بالفعل إلى الضغط على البنوك لإعادة بدء الإقراض، وتقديم قروض ذات فائدة منخفضة لصالح المشاريع الزراعية والرياضية، ومساعدة المقترضين على سداد ديونهم أو الحصول على سعر فائدة أقل من السوق.

وأثمرت الجهود مع أول توسع في الإقراض منذ آب/أغسطس الماضي، وهي زيادة مدفوعة مرة أخرى إلى حد كبير من قبل البنوك المملوكة للدولة، أما بنوك القطاع الخاص فكانت أكثر حذرًا، إذ رفضت تقديم القروض أثناء التعامل مع طلبات لإعادة هيكلة ديون بلغت مليارات الدولارات من الشركات بالإضافة إلى تراكم القروض المتعثرة.

ووفقًا لما قاله "ريفيت جوركيناك"، أستاذ الاقتصاد بجامعة بيلكنت في أنقرة "ليس عداء أردوغان للأسواق الحرة هو السبب في مأزق تركيا الحالي، لكن تحول الحكومة التدخلي سيزيد الأمور سوءًا".

وأضاف "أن ضوابط الأسعار الخاطئة، والفشل في إصلاح الميزانيات العمومية، سيعملان فقط على تأجيل الحساب، بل وسيخلقان تحديات أكبر بعد فترة".

وتابع: "السياسات الاقتصادية السيئة دائمًا ما تأتي بهذه النتائج السيئة، بل ويستجيبون لهذه النتائج السيئة بسياسات جديدة أسوأ".

ووصل تدهور الحالة الاقتصادية الناجم عن عداء أردوغان للأسواق الحرة إلى أدنى مستوياته، وذلك عندما وجدت العملة التركية نفسها في حالة حرب حيث خسرت 6.9% من قيمتها مقابل الدولار في ظرف بضع ساعات.

البنوك الاستثمارية التي تتنبأ بأوقات عصيبة قد تحل على الاقتصاد التركي، أو التي تقترح  رفع أسعار الفائدة كحل لمعالجة المشاكل، دائمًا ما تجد نفسها مصنفة في الصحف والبرامج التلفزيونية الموالية للحكومة على أنها قوى معادية.

وفي وقت سابق من العام الجاري، اتُهم الرئيس التنفيذي لبنك HSBC Holdings Plc بإهانة الرئيس الأمر الذي يعد جريمة ليست بالهينة في تركيا، لكن في الوقت الذي تبدأ فيه تركيا حربًا على المحللين والمديرين التنفيذيين في الداخل سيعد استهداف بنك JPMorgan مخاطرة لحدوث أسوأ مواجهة مع بنك عالمي في عهد أردوغان.

يقول أوميت أوزلال، أستاذ الاقتصاد بجامعة أوزيجين في إسطنبول: "حتى مع أخذ المتغيرات الانتخابية بعين الاعتبار، فإن تركيا تتصرف كثور في متجر للخزف الصيني، على حد وصفه؛ ما يضر بالدولة على المديين المتوسط والطويل".

وأضاف: "فتح تحقيق ضد JPMorgan ليس بالتصرف المسؤول على الإطلاق، بل تصرف ناجم عن سلطات أصبحت عدوانية".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com