الشاي البوروندي ينطلق إلى الأسواق العالمية
الشاي البوروندي ينطلق إلى الأسواق العالميةالشاي البوروندي ينطلق إلى الأسواق العالمية

الشاي البوروندي ينطلق إلى الأسواق العالمية

بوجمبورا - الشاي البوروندي تمكّن أخيراً من الإفلات من براثن الاحتكار الذي يفرضه "ديوان الشاي" الحكومي، والذي يستأثر، منذ العام 1971، بمعالجة وتحويل وتسويق هذا المنتوج.

فمع ولادة شركة مستقلّة تعمل ضمن القطاع الخاص في بوروندي، في 2011، تحرّرت أسعار الشاي، وبدا أنّ الحياة ضخّت من جديد في شريان قطاع كان مكبّلا بالمعوقات، ومحكوم بقانون سوق أحادي هو ذاك الذي كانت تمليه الشركة الحكومية الوحيدة من نوعها في البلاد. ولادة حديثة، غير أنّ ثمارها بدأت بالنضوج تدريجيا، لتتشكّل بذلك ملامح التحوّلات الكبرى التي بدأت تطرأ على الشاي البوروندي.

"أناتول نيونديكو"، أحد مزارعي الشاي بمنطقة "جيزوزي" وسط بوروندي، قال، في تصريح للأناضول،: "زراعة الشاي تجذب اليوم المزارعين أكثر من الأمس، فمع تحرير القطاع في عام 2011، ارتفع سعر الكيلوغرام من الأوراق الخضراء (أوراق الشاي) من 0.14 إلى 0.25 دولار، وهذا ما أجبر الشركة الحكومية لمعالجة وتسويق الشاي على مراجعة أسعارها نحو الارتفاع، خشية أن تدفع أسعارها القديمة المزارعين إلى بيع جميع محاصيلهم إلى الشركة الخاصة (بروتيم)".

أمّا "نيسيز نيكوديها"، وهو أيضا من مزارعي الشاي في منطقة "بيزورو" التابعة لمقاطعة "موارو" بوسط البلاد، على بعد 75 كم من العاصمة بوجمبورا، فأكّد بأنّ أكبر المستفيدين المباشرين من تحرير قطاع الشاي هم منتجوه من البورونديين، فـ "لقد حصلنا على حرية بيع محاصيلنا إلى الشركة الخاصة أو إلى المصانع الحكومية التابعة لديوان الشاي".

تحرير قطاع الشاي في بوروندي لم يأت من فراغ، وإنّما مثّل تلبية لتوصيات صندوق النقد والبنك الدوليين، الشركاء الماليين للبلاد.

المستثمرون الخواص في بوروندي استغلوا، من جانبهم، تحرّر أسعار الشاي من الرقابة الحكومية الناتجة عن احتكار شركة واحدة للقطاع، ليتوجّهوا سريعا نحو استحداث هيكل يمكّن من إيجاد ندّ للمحتكر الحكومي، فكان أن شهدت البلاد ولادة شركة "بروتيم"، والتي دخلت حيّز النشاط منذ نحو 3 سنوات.

أحد المستثمرين بهذه الشركة الجديدة، يدعى "إيبيتاس باياغاناكاندي"، قال، في تصريح للأناضول "نريد التوصّل لتحقيق انتاج سنوي بألفي و500 طن من الشاي الجاف في عام 2016".

ولادة هذا المشغّل الجديد لم تنعش آمال وإيرادات منتجي الشاي البورونديين فحسب، وإنّما وجد فيه بعض المراقبين تحفيزا أجبر ديوان الشاي الحكومي على إعادة تهيئة وتأهيل مصانعه، بدعم مالي من الاتحاد الأوروبي.

وفي عام 2010، أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو) بوروندي في مشروع شبه إقليمي، يسعى إلى حصول شركات "مجموعة شرق افريقيا" (منظمة دولية تضم خمسة دول من شرق أفريقيا وهي بوروندي، كينيا، أوغندا، رواندا وتانزانيا)، على المواصفات القياسية الدولية – آيزو 22000، بما أنّ احترام المواصفات والمعايير الدولية في مجال المنتجات الغذائية على وجه الخصوص، هو ما يصنع الفرق بين منتج وآخر.

وفي تصريح للأناضول، قال المدير العام لديوان الشاي البوروندي "هيرمان توياغا" "لقد خصّصنا العام 2014 لاحترام المعايير الدولية، عبر خضوعنا لمراقبة الجودة. وتبعا لذلك، حصل اثنين من جملة مصانعنا الخمسة، في مارس/ آذار الماضي، على شهادة بامتثالنا للمعايير الدولية في مجال البيئة والنظافة في جميع محطّات سلسلة الانتاج".

ومن جانبه، أكّد أحد كوادر المؤسّسة الحكومية للأناضول، مفضّلا عدم الكشف عن هويته، إنّ معدّات الانتاج تخضع للتحديث، حيث "تمكنّا من تجديد وسائل الانتاج (الآلات)، بين عامي 2007 و2010، بفضل مبلغ بقيمة 3.6 مليون يورو (4.5 مليون دولار)، مقدّمة من الاتحاد الأوروبي".

ويقدّر الإنتاج السنوي من الشاي الجاف في بوروندي بحوالي 13 ألف طن، مقابل 10 آلاف طن قبل إنشاء شركة "بروتيم"، ما يعني أنّ نصيب الأخيرة من الانتاج السنوي يناهز الـ 3 آلاف طن.

وسواء كان الانتاج حاملا لتوقيع ديوان الشاي الحكومي أو الشركة الخاصة، فإنّ السواد الأعظم من الشاي البوروندي (90 %) يعرض في المزاد العلني بـ "مومباسا"، ثاني أكبر المدن بكينيا، فيما تعرض الكميات المتبقّية للبيع بصفة مباشرة بالسوق المحلّية. المدير العام لديوان الشاي البوروندي، أضاف، في هذا السياق، أنّه يتمّ تنظيم المزاد بالمدينة الكينية، مع بعض العملاء الأوروبيين.

واعترف المسؤول البوروندي بوجود حاجة ملحّة تفرض نفسها من أجل خلق ديناميكية في قطاع الشاي في بوروندي، لأنّه، وبانتاج سنوي لا يتجاوز الـ 13 ألف طن من الشاي الجاف، فإنّ بوروندي تعتبر من أقزام منتجي الشاي ليس في العالم وحسب، وإنّما أيضا على الصعيد الإقليمي.

فرواندا، التي تمتلك أراضي بخصائص مشابهة إلى حد ما للأراضي البوروندية، على الأقلّ من ناحية المناخ والمساحات، تنتج سنويا ما لا يقلّ عن 20 ألف طن من الشاي الجاف. ومع ذلك، يبقى البلدان بعيدين عن كينيا الواقعة في المنطقة نفسها، والتي تؤمّن لوحدها 1/5 الانتاج العالمي، بأكثر من 300 ألف طن سنويا.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com