شوقي ضيف.. اللغة العربية بين نوبل والتاريخ
شوقي ضيف.. اللغة العربية بين نوبل والتاريخشوقي ضيف.. اللغة العربية بين نوبل والتاريخ

شوقي ضيف.. اللغة العربية بين نوبل والتاريخ

يشكل الناقد د.شوقي ضيف حالة فريدة في علاقته بالأدب العربي، فهو الناقد والمفكر الشغوف باللغة العربية، والتي أثرى مكتباتها بمؤلفاته الثرية، سواء في النقد او في التراث والتاريخ.



في كتابه "شوقي ضيف لمحات وكلمات" الصادر عن مركز الأهرام للترجمة والنشر بالقاهرة، يقدم د.محمود فوزي المناوي لمحات عن الناقد الرائد ، لا لمكانته في عالم الأدب واللغة والفكر فحسب، ولكنه أيضاً لما يكنه له من تقدير وإعزاز، وتوخى المناوي بأن تكون مادة الكتاب مدعومة بالتوثيق بقدر ما استطاع وبخاصة ما يتصل منها بترشيحه لجائزة نوبل.
ويكشف المؤلف عن العلاقة الشخصية التي جمعته مع ضيف قائلا:كانت معرفتي الأولى بشوقي ضيف من خلال قراءاتي لبعض ما خطت عينه البارة عن الحضارة الإسلامية، وما ازدانت به من روائع الإنجازات في مجال العلوم، وبخاصة في فروع الطب، ودفعني هذا للتعرف إليه من قريب، وأسعدتني الظروف بلقائه، فازدادت قرباً منه، وتحول الإعجاب بعلمه إلي الإعجاب بشخصه، وتحول الإعجاب إلى مودة، وتحولت المودة بيننا إلى محبة تحددها الأبوة من جانبه، والبنوة من جانبي ومن خلال ذلك حاولت التعرف على مصادر قوته الهادئة.
الأديب العالم

وثق المؤلف مسيرة د.ضيف من خلال المصادر الأصلية وهي مؤلفاته فيقول: انتهج شوقي ضيف لنفسه منهجاً غايته المعرفة للحياة الدينية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية، من خلال الأدب الذي تذوقه جيداً، فمثلاً في كتابه "عالمية الإسلام"، كشف الجوانب المشتركة بين التراث الديني لأمته والتراث العالمي مطبقاً لمبادئ التفكير العلمي التجريبي، الذي قامت عليه حركة التمدن الإنسانية المعاصرة واضعاً بهذا اللبنات الأولى في الأساس النظري الكفيل باندماج المجتمع الإسلامي، الذي ينتمي إليه في نظام عالمي يتكفل باحترام الآخر، وباحترام المقدسات.

يشير الكتاب لكلمة د.شوقي ضيف عن كتاب "أزمة التعريب" د.محمود المناوي: محمود المناوي ليس في حاجة أن يسبق اسمه الأستاذ الدكتور، لأنه ليس في حاجة لما يسبق التعريف به، أو تمييزه، فهو بتاريخه العلمي، وسيرة حياته جدير بما وصل إليه من مكانة، له أن يزهو وأن نزهو معه.

وكتابه الذي يقدمه اليوم للقراءة ثمرة ناضجة يريد بها أن توقظ العقول، وأن يشخذ الهم كي يسارع أبناء العربية إلى النهوض بلغتهم ومداوة ما أصابها من ضعف، ومعالجة ما تعاني منه من علل، لا يد لها فيها، وإنما لأن أصحابها لم يوفوها حقها من احترام هي به جديرة، ولم يقوموا على رعايتها بما تستحقه من اهتمام وعناية، ويركز محمود المناوي على قضية مهمة هي قضية التعريب، التي ينبغي أن يوليها أبناء العربية من علماء ومفكرين جل اهتمامهم كي يصبح أبناء اللغة العربية بالضرورة، قادرين على مواجهة عواصف العولمة وثورة الاتصالات والمعلومات في القرن الحادي والعشرين.

ضيف ونوبل

يتطرق المؤلف إلى تقرير اللجنة العلمية المجمعية عن ترشيح د.شوقي ضيف لجائزة نوبل في الأدب 2004، جاء في التقرير أن إنتاج د.شوقي ضيف المولود في سنة 1910 تسيطر على إنتاجه قدرات إبداعية رفيعة المستوى إنسانية الآفاق مثالية الطابع يحفل نسيجها بمؤثرات الشرق للفنان بروحانياته وميتافز يقياته، كذلك أبدع د.ضيف في كتابه سيرة ذاتية حرصت على مساحات مطلقة من التواضع والانتماء والالتزام وتمكن من خلال هذا الحرص من سبر أغوار النفس البشرية وإضاءة جوانبها القادرة الطموحة،وفي كتاباته النقدية، التي ظللت معظم فنون الأدب على مدى أكثر من ألف عام، إنجاز للإبداع وفنيته ورفع من قدر الإبداع على الأيديولوجيات والتأطير السياسي والاجتماعي.



ويضيف مؤلف الكتاب قائلاً: بذل شوقي ضيف جهوداً جبارة في تحقيق وتدقيق وكتابة تاريخ الأدب العربي في جميع عصوره على نحو تفوق فيه على معاصريه وأسلافه، ولم ينفصل د.شوقي ضيف عن الحياة الأدبية في عصرنا الحديث، وإنما أفاض عليها اهتمامه الحثيث وبحثه الهادئ المستفيض فأخرج في هذا المجال ستة كتب مهمة يأتي في مقدمتها كتاباه المرجعيات "دراسات في الشعر العربي المعاصر" و "الأدب العربي المعاصر في مصر" كما اهتم بتاريخ مجمع اللغة العربية في كتاب "مجمع اللغة العربية من خمسين عاماً".
بالإضافة إلى هذه المؤلفات العظيمة فقد حقق د.شوقي ضيف عدداً من الكتب المهمة، فحقق كتاب "السبعة في القراءات" لابن مجاهد، وكتاب "الرد على النحاة" لابن مضاء القرطبي، وغيرها من المؤلفات العظيمة القيمة.

في كتابه "معجزات القرآن" تحدث شوقي ضيف عن "معجزة القرآن الحضارية" وهي أسمى وأوسع بكثير، مما ذكرناه حول الإعجاز العلمي، ويرى ضيف أن الإسلام تحول بالعرب من قبائل بدوية إلى مجتمع حضاري يقوم على إصلاح حياة الإنسان متدرجا من الفرد إلي الأسرة إلى الأمة، ورسالته ليست موجهة إلى العرب، وإنما إلى المجتمع الإنساني بأسره.

وكانت آخر محطات هذا الكتاب هي كلمات الوداع والرثاء وتأبين الأستاذ د.شوقي ضيف، فكانت كلمة د.كمال بشر الأمين العام لمجمع اللغة العربية، بأن الكلام عن فقيدنا ورائدنا د.شوقي ضيف في هذه المناسبة الحزينة يشق علي النفس ويصعب معه التعبير عما استقر ويستقر في النفوس من آلام، فكان فقيدنا الراحل معلماً ومرشداً ورائداً في دينا العلم والثقافة، ويكفينا هنا أن نشير إلى شيء من ذلك بتصنيف إنتاجه إلي صنوفه المختلفة: الصنف الأول: الأدب العربي وتاريخه، الصنف الثاني: الدراسات الإسلامية، الصنف الثالث: الأعمال المجمعية، كل صنف منها يظلل عشرات بل المئات من الفروع، وآخر القول فإذا كان د.طه حسين هو عميد الأدب العربي فإن د.شوقي ضيف هو عميد الثقافة والمعرفة العربية والإسلامية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com