الإفطار الرمضاني بين روحانيات الأزهر والحسين
الإفطار الرمضاني بين روحانيات الأزهر والحسينالإفطار الرمضاني بين روحانيات الأزهر والحسين

الإفطار الرمضاني بين روحانيات الأزهر والحسين

فيما يزداد إقبال الصائمين على تناول وجبات إفطارهم الرمضاني في ميادين وساحات مطاعم الأزهر وحي الحسين، تشتد روح التنافس بين سائر مطاعم تلك الأحياء العريقة إمعاناً منها في اجتذاب زبائنها، ولعل ما يشد الزبائن إلى تلك الأحياء عراقتها وتشبعها بأجواء وروحانيات يجد فيها الوافدون إليها ما يشدهم إليها، ومنهم من يبقى حتى يتناول وجبات السحور بين روحانيات ما يتمتع به حرم الحسين والأزهر الشريف فيأكلون ويستمتعون ومن ثم يقبلون على صلاة الفجر في مسجدها استعداداً لمعاودة الصيام من جديد.

وعادة ما تفتح تلك المطاعم أبوابها من بعد صلاة الظهر مباشرة، حتى يتسنى لها الاستعداد لتقديم أفضل الخدمات لتناول وجبات الإفطار وإعداد الموائد بشكل يليق بخدمات الزبائن وإعداد أجود أصناف الأطعمة المختلفة، ومع رائحة الشواء المنبعثة من أركان محلات الكباب والكفتة، لتختلط بروائح الفول والطعمية وسائر أنواع الأطعمة الأخرى يبدأ تهيؤ الحاضرين للإقبال على تناول الوجبات.

ولا يختلف الزحام من مطعم إلى آخر، فدرجة الإقبال عليها تتزايد طوال شهر رمضان، وبذلك تحقق هذه المطاعم رواجاً كبيراً خلال الشهر الكريم، بما يعادل شهور العام، فهو موسم خاص، وفرصة نادرة تتكرر مرة كل عام، أن تصبح المناضد بالحجز، ولهذا يحرص بعض الزبائن على الجلوس إلى موائدهم بعد صلاة العصر مباشرة، حتى يتحقق لهم فرصة الاختيار لموقع المائدة، وأولوية تقديم الطلبات لهم .. وعندما يخفق البعض في وجود مائدة خالية، يفضل أن يشتري وجبات جاهزة، ويجلس إلى مقهى من المقاهي ويتناول إفطاره أو سحوره هناك، فالنسبة الغالبة لهؤلاء المترددين على المطاعم يكونون من خارج القاهرة الذين يحرصون على التردد على الأحياء التراثية والتجوّل في رحاب الأزهر والحسين والسيدة زينب، وهناك يتناولون الإفطار والسحور في نفس المطاعم التي يترددون عليها كل عام.

مظاهر مبهجة

ومن المظاهر المبهجة والتي تبعث في نفوس الأطفال الفرح ، أن يقوم رب العائلة باصطحاب أسرته لتناول الإفطار والسحور خارج المنزل، ولعل ربة المنزل هي الأكثر سعادة لأنها ستستريح هذا اليوم من عناء إعداد الطعام.

وهناك العديد من هذا المطاعم التي يحرص المشاهير على التردد عليها خلال شهر رمضان، مثل الأدباء والفنانين، وهم يختارون موائد بعيدة لا تلفت الأنظار إليهم، حتى يتسنى لهم الاستمتاع بتناول الفطور أو السحور دون أن تخف الحركة تماماً داخل المطاعم، حتى يتسنى للعاملين أن يتناولوا إفطارهم، بعد ساعة أو أكثر من موعد أذان المغرب، فطلبات الزبائن لا تنتهي إلا بانتهاء تناولهم الطعام، ولذلك تجهز مائدة خاصة يشارك فيها صاحب المطعم العاملين معه في تناول الإفطار وتبادل الطرائف والضحكات.

وبعد أن يفرغ العاملون من تناول إفطارهم المتأخر، يقومون بتكرار مشهد التجهيز مرة أخرى لمائدة السحور، وإذا كان الوقت ممتداً للعاملين بعد انتهاء وجبة الإفطار، فإنهم يسابقون الزمن لأن الزبائن تتوافد على المطعم حتى الدقائق الأخيرة قبل السحور، وانطلاق مدفع الإمساك، ولذلك يتناولون طعام السحور (فرادى)، وقبل اشتداد الزحام حتى يتسنى لهم تلبية طلبات الزبائن.. وهكذا يتفنن أصحاب المطاعم في تقديم الوجبات بأسعار معقولة، ويبقى أن بعض هذه المطاعم خارج المنافسة، واكتسبت شهرتها منذ أوائل القرن الحالي، حيث توارثتها أجيال حافظت على الاسم والشهرة وسر الصنعة وتقديم أصناف الشواء من كباب وكفتة، وحتى مطاعم الفول التي اشتهرت بمذاق خاص لمأكولاتها يختلف عن بقية المطاعم الأخرى.

المطاعم المتحركة

وبعيداً عن المطاعم (الثابتة) سنجد مطاعم أخرى (متحركة)، وهي عبارة عن عربة خشبية تحمل (قدر) الفول وأقراص الطعمية والخبز وأنواع السلاطات المختلفة، وتدور في الأحياء الشعبية والميادين، ويلتف حولها بعض الزبائن من عابري السبيل، أو الذين فاتهم اللحاق بمائدة الإفطار في منازلهم، ويقدم صاحب المطعم (المتحرك) السندوتشات الجاهزة أو أطباقاً صغيرة تحوي مقادير من الفول والطعمية والسلطة والمخللات بأسعار زهيدة.

وهناك أيضاً مطاعم (تيك آوي) التي يقبل عليها أهالي الأحياء الراقية، والتي تقدم شطائر الهامبرجر والبيتزا، التي تشهد إقبالاً متزايداً خلال شهر رمضان وتتنافس فيما بينها لاجتذاب الزبائن، بابتكار أنواع من المسابقات بين الأطفال، ورصد بعض الجوائز كالوجبات الإضافية أو الجوائز المالية .

مطاعم الإسكندرية

وإذا كانت حركة المطاعم تشتد في القاهرة عن سائر المدن المصرية، فإن هناك تنافساً دائماً بين القاهرة والإسكندرية، فالأخيرة تتعدد بها مظاهر الاحتفال بشهر رمضان، ولها أيضاً مطاعمها الشهيرة، في أحيائها الشعبية كالأنفوشي والمنشية وسيدي بشر وباكوس وغيرها.. وفي منطقة الأنفوشي وحدها عشرات المطاعم الشهيرة التي يشتد عليها الزحام في فصل الصيف، وتصير في شهر رمضان حالة خاصة من الإقبال المتضاعف، ومعظم هذه المطاعم تقدم وجباتها من الأسماك التي تشتهر بها عروس البحر الأبيض المتوسط، كالجمبري والكابوربا والسبيط والمرجان وغيرها.

وهناك أيضاً المطاعم الواقعة على كورنيش الإسكندرية، حيث تصطف المقاعد فوق الأرصفة، لتتمازج روائح السمك المشوي برائحة اليود وعبق البحر الذي يملأ النفوس بهجة ليس لها مثيل في سائر المدن الأخرى، ويظل الإقبال على هذه المطاعم طوال أيام شهر رمضان، سواء من أهالي الإسكندرية، أم من أهالي المدن والقرى المجاورة لها حيث يفد على المدينة الآلاف لقضاء يوم رمضاني في رحاب جامع المرسي أبو العباس، وهناك يتجوّلون في حي الأنفوشي ويقصدون المطاعم لتناول وجبة الإفطار أو السحور.. ويتكرر المشهد كل عام، كمظهر احتفالي خاص بشهر رمضان، وكرواج ليس له مثيل لمطاعم القاهرة والإسكندرية وسائر المدن الأخرى.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com