ميقاتي: 343 ألف سوري خرجوا من لبنان إلى سوريا خلال الأسبوعين الماضيين
في دراسة حديثة نشرت في كتاب "من الداخل إلى الخارج: صحة الإنسان وعصر تكييف الهواء" لإليزابيث ماكورميك، الأستاذة المساعدة في الهندسة المعمارية وتكنولوجيا البناء بجامعة نورث كارولينا، تم تقديم حجة مقنعة لـ إدخال "البكتيريا الجيدة" إلى المنازل. تسلط دراسة ماكورميك الضوء على الفوائد المحتملة لتعريض الأطفال للميكروبات في بيئتهم، مما يتعارض مع الاتجاه السائد للنظافة المفرطة في المنازل الحديثة.
وبحسب الدراسة التي نشرها موقع "نيوزويك"، جعلت ممارسات التنظيف الحديثة المنازل نظيفة بشكل استثنائي، وهي ظاهرة تعزى إلى حد كبير إلى التقدم في تقنيات التنظيف. ومع ذلك، فإن هذه النظافة المكتشفة حديثًا قد تحرم الأطفال عن غير قصد من التعرض الأساسي للبكتيريا والجراثيم الأخرى الحيوية لتطوير نظام مناعة قوي. وتؤكد ماكورميك على أهمية هذه القضية، خاصة وأن الأفراد حول العالم يقضون ما يصل إلى 90% من وقتهم داخل منازلهم، مما يحد من التعرض الميكروبي.
تتوافق دراسة ماكورميك مع فرضية النظافة المفرطة، التي تفترض أن التعرض المحدود للعوامل المعدية وبعض الميكروبات أثناء الطفولة قد يزيد من خطر الإصابة بأمراض المناعة الذاتية والحساسية في وقت لاحق من الحياة. كما تشير هذه الفرضية إلى أن اللقاءات المبكرة مع البيئات الميكروبية المتنوعة تلعب دورًا حاسمًا في تدريب جهاز المناعة وتنظيم استجاباته.
ويؤيد بيرام بريدل، الأستاذ المشارك في علم المناعة الفيروسية بجامعة جيلف في كندا، وجهة النظر هذه، مؤكدًا أهمية التعرض للجزيئات والكائنات الحية الدقيقة الآمنة في تعزيز التسامح المناعي خلال مرحلة الطفولة المبكرة. ويمكن أن يؤدي تقليل التعرض للجسيمات البيئية الطبيعية والكائنات الحية الدقيقة خلال المراحل الحرجة من نضوج الجهاز المناعي إلى خلل التنظيم، ما يزيد من احتمالية فرط الحساسية مثل الحساسية الجلدية والربو، وكذلك أمراض المناعة الذاتية.
يقترح ماكورميك حلولاً عملية لمعالجة هذا الخلل، ويدعو إلى طرق لإعادة إدخال الميكروبات المفيدة إلى البيئات الداخلية. يتضمن أحد هذه الأساليب "زرع" المنازل ببكتيريا البروبيوتيك، ربما من خلال وجود حيوانات أليفة أو نباتات داخلية. كما يؤكد فاسو أبوستولوبولوس، أستاذ علم المناعة في جامعة فيكتوريا في أستراليا، على الحاجة إلى اتباع نهج متوازن بين النظافة والتعرض للميكروبات، ويقترح تدابير مثل تشجيع اللعب في الهواء الطلق، والتعامل مع الحيوانات الأليفة، والاستخدام الحكيم للمضادات الحيوية للتخفيف من أمراض الطفولة مثل الربو والحساسية.
بالإضافة إلى التعرض للميكروبات، تسلط ماكورميك الضوء على أهمية جودة الهواء الداخلي، وخاصة في التخفيف من المخاطر المرتبطة بالملوثات الداخلية، اذ يمكن لأنظمة التهوية المحسنة إدارة جودة الهواء الداخلي بشكل فعال، ما يقلل من انتشار الربو وغيره من أمراض الجهاز التنفسي بين الأطفال. وتؤكد ماكورميك على المفهوم الخاطئ المحيط بتلوث الهواء الداخلي، مشيرة إلى أن التعرض طويل الأمد للهواء الداخلي غير الصحي يشكل مخاطر كبيرة، وخاصة بالنسبة للفئات السكانية الضعيفة مثل الأطفال وكبار السن.
إن الانتشار المتزايد للحساسية في جميع أنحاء العالم، وخاصة في الدول المتقدمة، يؤكد الحاجة الملحة لمعالجة العوامل البيئية التي تسهم في هذه الظروف. لذا، تدعو دراسة ماكورميك إلى اتباع نهج شامل للصحة الداخلية، يشمل التعرض للميكروبات، وإدارة جودة الهواء الداخلي، وممارسات التنظيف الحكيمة.
وفي حين أن مفهوم إدخال "الجراثيم الصحية" عمدًا في البيئات الداخلية يبشر بالخير، إلا أن هناك ما يبرر إجراء المزيد من الأبحاث للتحقق من فعاليته وسلامته. ومع ذلك، فإن عمل ماكورميك يثير محادثات مهمة حول دور التنوع الميكروبي في تعزيز صحة الإنسان، مما يمهد الطريق لإستراتيجيات مبتكرة لمكافحة حساسية الأطفال والربو.