يُلحق تغير المناخ دمارًا حقيقيًّا بالبيئة الطبيعية، حيث يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة، وذوبان الجليد، وارتفاع مستوى سطح البحر، وتغير أنماط هطول الأمطار.
وتتأثر جميع أنواع الحيوانات والنباتات بتغير المناخ، إلا أن بعض الأنواع تعاني بنحو خاص، حيث تواجه الحيوانات التي تعيش في المناطق القطبية خطر الانقراض بسبب ذوبان الجليد.
في المقابل، تتعرض الحيوانات التي تعيش في المناطق الساحلية للانقراض لارتفاع مستوى سطح البحر.
انقراض الحيوانات
يقول الخبير المصري في شؤون المناخ، الدكتور أحمد عبدالعال، إن "ارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى زيادة التبخر، وبالتالي نقص المياه الذي يؤثر بنحو مباشر في حياة الكائنات البحرية".
ولا يتوقف التأثير في حياة الكائنات البحرية فقط، بحسب تصريحات الدكتور عبدالعال لـ"إرم نيوز"، إنما تمتد تداعيات التغير المناخي إلى حركة النقل البحري، التي تتسبب في تداعيات اقتصادية كبيرة، جرّاء تراجع حركة الملاحة البحرية.
وفي دراسة نشرتها مجلة "Science" العلمية قبل سنوات، أشار علماء البيئة إلى أن "تغير المناخ قد يدفع سدس أنواع الحيوانات والنباتات في العالم إلى طريق الانقراض".
وأشارت الدراسة إلى أن "الكائنات الحية في أمريكا الجنوبية واستراليا ونيوزيلندا هي الأكثر عرضة للخطر، لأن الكثير منها يعيش في مناطق محدودة، ولا يمكنها التكيف بسهولة مع موجات الحر والجفاف والفيضانات، أو ارتفاع منسوب مياه البحار".
ويتفق الخبراء على أن "التغيرات المناخية تؤثر في جميع جوانب الحياة، بما في ذلك صحة البشر، ووفرة الطعام، والنمو الاقتصادي، والهجرة، والأمن الغذائي، والتغيير الاجتماعي، وتؤثر أيضًا في جميع الكائنات الحية الأخرى، حيث يمكن أن تؤدي إلى انقراض بعض الأنواع".
كارثة بيئية
من جانبه، يوضح أستاذ العلوم البيئية بجامعة عين شمس، الدكتور وحيد إمام، أن "تجاوز ارتفاع درجة حرارة الأرض 1.5 درجة مئوية بمثابة كارثة، لأنه سيؤدي إلى تصحر الأراضي الزراعية، وزيادة نوبات الجفاف، ما يُشكّل خطرًا مباشرًا على حياة الإنسان والكائنات الحية الأخرى".
وشدد إمام، في تصريح لـ"إرم نيوز"، على أن "انقراض الكائنات الحية يؤثر في التوازن البيئي، ما يُعرّض حياة الإنسان والبيئة للخطر"، مشيرًا إلى أن "الجفاف والتصحر يتسببان في تدهور الأراضي الزراعية، ما يزيد من شح الغذاء في العالم".
ويشعر بعض دعاة الحفاظ على البيئة بالقلق من أن إزالة النباتات والحيوانات من سياقها البيئي، من شأنه أن يغير مسارها التطوري، أو حتى يسرّع من انقراضها.
وتؤدي الحيوانات دورًا مهمًا في الحفاظ على بيئة صحية، وكل نوع مفقود بسبب التدخل البشري يمكن أن يُقرّبنا خطوة واحدة من الضرر البيئي الذي لا يمكن إصلاحه.
ووفق موقع "Live Science" المتخصص في العلوم، يتسارع معدل انقراض الحيوانات، حيث يوجد حاليًّا مليون نوع مهدد بالانقراض، وسيكون لفقدان هذه الحيوانات آثار غير مسبوقة ولا رجعة فيها على البيئة، وقد تؤدي إلى فقدان أنواع أخرى.
وأشار إلى أن "العديد من الكائنات لا تستطيع البقاء على قيد الحياة، إلا عند خطوط العرض المتجمدة أو في الشعاب المرجانية التي سوف تتضاءل في ظل ارتفاع درجات الحرارة المستمرة".
الإجهاد الحراري
أما أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، الدكتور عباس شراقي، فيشير إلى أن "زيادة حدة التبخر في المياه، تتسبب في أعباء عديدة لأغلب دول العالم، حيث تؤدي إلى انخفاض مستويات المياه، ما يؤثر في النباتات والحيوانات، وتتسبب فيما يسمى بالإجهاد الحراري، الذي يؤثر في إنتاجية النباتات ونموها، وقدرة الحيوانات على النمو".
وأضاف شراقي، في تصريحات لـ إرم نيوز، أن "حرق الوقود الأحفوري، خصوصًا الفحم، يُعدُّ السبب الرئيس في زيادة وتيرة التغيرات المناخية، حيث ينتج عن احتراق الوقود الأحفوري غازات الاحتباس الحراري التي تؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة، وزيادة التقلبات المناخية".
ويوضح السكرتير العام لمركز التدريب البيئي بالسويد، الدكتور عزت حسن، أن "تلوث البحار والمحيطات يؤثر في صحة وتنوع الكائنات البحرية، ويتسبب في تغير أشكال بعض الكائنات الحية، ما يجعلها غير قادرة على التكيف مع البيئة الجديدة".
ما الحل؟
بشأن الطرق التي يمكن أن يتفادى بها العالم تفاقم الأزمة، يتفق خبراء البيئة على أن "الاعتماد على الوقود المتجدد، يُعدُّ أفضل الحلول لمواجهة التغيرات المناخية".
ويوضح الدكتور عزت حسن، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن "الوقود المتجدد لا ينتج عنه انبعاثات كربونية، ما يساعد على خفض درجة حرارة الأرض".
ولفت إلى أن "انبعاثات الوقود تؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة، وذوبان الجليد، وارتفاع مستوى سطح البحر، وتغير أنماط هطول الأمطار، ما يتسبب في انقراض بعض الأنواع الكائنات الحيّة، وتغير التنوع الجيني، واختلال السلسلة الغذائية".
ويرى سفير ميثاق المناخ الأوروبي، السفير مصطفى الشربيني، أن "الاستغناء الفوري عن الوقود الأحفوري، أمر مستحيل، لعدم قدرة مصادر الطاقة المتجددة على تلبية احتياجات العديد من الصناعات، خصوصًا الصناعات الثقيلة، مثل الحديد والصلب".
ورغم أن الاعتماد على الهيدروجين الأخضر خطوة مهمة في مكافحة تغير المناخ، لا يزال يواجه تحديات، مثل تكلفته الباهظة في أوروبا، وفق تصريحات الشربيني لـ"إرم نيوز"، الذي أشار إلى أن "الدول العربية تمتلك ميزة الحزام الشمسي، ما يجعلها أكثر ملاءمة لإنتاج الهيدروجين".
وفي المقابل، أشار الدكتور وحيد إمام إلى أن "الطاقة النووية خيار حيوي لمواجهة تغير المناخ، حيث يمكنها سد العجز الناجم عن تقليص استخدام الوقود الأحفوري، بالإضافة إلى أنها لا تعتمد على عوامل خارجية مثل الطقس، ما يجعلها أكثر استقرارًا من مصادر الطاقة المتجددة".