"الوجه الآخر".. انتشار تعاطي المخدرات بشكل مخيف في أمريكا
نجحت الولايات المتحدة على مر العقود الماضية في ترويج صورة "الحلم الأمريكي" الوردية، بتسليط الضوء على مظاهر الحضارة والبناء والتطور والريادة في عدة مجالات، من خلال الأفلام والإعلام المرئي والحضور السياسي الدولي الطاغي.
لكن هناك وجه آخر لهذا الحلم المفترض، فهل تعلم أن الولايات المتحدة تستهلك نحو 80% من المواد الأفيونية في العالم؟ وهل تعلم أن اجراءات الحكومة الأمريكية "غير فعالة" في مكافحة المخدرات والعقاقير المهدئة كالفنتانيل والزيلازين والهيروين؟ وهل تعلم أن حملات التوعية الأمريكية فشلت في تخفيف تعاطي المراهقين للمخدرات، وأصبح 40% من طلاب الثانوية يتعاطون عقاقير "غير مشروعة"؟ بحسب الإحصائيات الرسمية.

من فيلاديلفيا إلى واشنطن وكاليفورنيا ونيويورك
وصل عدد الوفيات في الولايات المتحدة عام 2021 إلى 107 آلاف بسبب المخدرات وفقا للإحصائيات الرسمية.
وارتفعت نسبة الوفيات الناجمة عن الجرعات الزائدة من المخدرات بمدينة فيلاديلفيا في ولاية بنسلفينيا وحدها لتصل رقما قياسيا عام 2021، حيث توفي 1250 شخصا .
وتقول صحيفة "ديلي ميل" البريطانية في تقرير مفصل إن عدد الوفيات المرتبطة بالمخدرات في واشنطن قد زاد بنسبة 66% عام 2021 مقارنة بالعامين السابقين.
وقالت السلطات إنها اضطرت لتحذير السكان من تعاطي مخدر الفنتانيل، خاصة بعد أن تبين أن العديد من المدمنيين يشترونه في الشارع أو عبر مواقع الإنترنت أو الأصدقاء.
وتمكن الصحفيون من التقاط صور ومقاطع مريبة للمدمنين في عدد من المدن الأمريكية، وهم يحقنون أنفسهم بالشوارع والحدائق العامة وتحت الجسور.
وقال مسؤول في شرطة "سياتل" لديلي ميل: "عند تجولك في الشوارع سترى مدمني الفيناتيل بالكاد يمكنهم الوقوف، آخرون منحنيون تماما على وشك الانهيار، بينما يدخل بعضهم في حالة غيبوبة تامة".
وأضاف: "تعود بعد 15 دقيقة، فتجدهم مستيقظين وجاههزين لإكمال جولاتهم وكأن شيئا لم يكن".

أما في كاليفورنيا، فقتل عقار الفنتانيل اللآلاف من سكان المدينة خلال السنوات الأخيرة، ووفقا لبيانات رسمية توفي أكثر من 5622 شخص، بينهم 225 لا تتجاوز أعمارهم الـ15 عاما.
أما مقاطعة "بلاستر" في سكرامنتو فشهدت زيادة في وفيات الفنتانيل بنسبة 450% بين العامين 2019 و2021.
وفي الشوراع، يظهر المتعاطون وهم يحملون أوراق الأليمنيوم وأنابيب لتدخين المخدر القاتل، الذي يتركهم في غيبوبة على الأرضيات الخرسانية.
ويمتد تعاطي المواد المخدرة إلى شوارع بوسطن وبورتلاند وكونيتيكت ونيو اورلينز وحتى نيويورك، التي بات فيها تعاطي الفينتانيل أمرا عاديا في وضح النهار.

الفنتانيل أشد فتكا من الهيروين
يعتبر الفنتانيل من المسكنات المخدرة الاصطناعية، التي تتميز بسرعة وقصر مدة فعاليتها، ويستخدمه الأطباء على البشر لعلاج الألم المزمن، أو كمسكن للآلام بعد العمليات الجراحية الكبيرة.
ويقول العلماء إن الفنتانيل أقوى من المورفين بـ 80 إلى 100 مرة، وأقوى من المورفين المستخدم طبيا بـ40 إلى 50 مرة.
ويسبب الفنتانيل لمتعاطيه أعراضًا خطيرة، منها إبطاء عملية التنفس أو توقفها تماما، وعدم القدرة على الكلام، وارتخاء العضلات، وعدم تجاوب وفقدان للوعي، وأحيانا الموت.

مخدر "الزومبي"
نال عقار " زيلازين" الذي يستخدم لتخدير الحيوانات شهرة واسعة في الشارع الأمريكي، حيث ارتفعت نسبة استخدامه بشكل ملحوظ خلال السنوات الماضية.
وأظهرت العديد من الصورة ومقاطع الفيديو، مدمني هذا العقار وهم يتعاطونه من خلال حقن إبر في أعناقهم، فيما ظهر آخرون وهم ضعفاء غير مدركين لما حلوهم وغير قادرين على الحركة تماما "كالزومبي"، بينما تمدد بضعهم على الأرصفة في حالة "غيبوبة".
ويقول الأطباء، إن عقار الزيلازين، هو مسكن غير أفيوني معتمد من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية كدواء بيطري فقط، ويطلق عليه في الشارع اسم "زومبي" أو "ترانك".

ويؤكد الباحثون أن الزيلازين كان سببا في حدوث ثلث وفيات الهيرويين والفنتانيل عام 2019.
وقال عالم أوبئة يعمل في إدراة الصحة العامة بفيلاديلفيا: "يعزز الزيلازين فعالية الفنتانيل، الذي يعتبر المادة المخدرة المفضلة لسكان المدينة، هذا ما يجعل كثيرون يمزجونه مع الفنتانيل".
ووأضاف: "يستعمل الزيلازين في مجال الطب البيطري لتهدئة الحيوانات وإرخاء عضلاتهم قبل إخضائعهم للفحص أو العمليات الجراحية، ولا يخضع هذا العقار للرقابة في الولايات المتحدة، نظرا لأنه يتم تصنيعه لأغراض التخدير البيطري فقط".

كيف يؤثر الزيلازين على الإنسان؟
للزلازين نفس التأثيرات المهدئة على البشر، على الرغم من انه غير آمن ولا مصمم للاستهلاك الآدمي.
وبحسب الأطباء، يسبب الزيلازين انخفاضا في ضغط الدم وأضرارا في الجهاز التنفسي وبطء في ضربات القلب وأحيانا يفقد من يتعاطاه وعيه تماما، وقد يؤدي في النهاية إلى الموت.