"نادية أوردر".. فتاة مصرية كسرت القيود والتقاليد بـ"السكوتر" (صور)
"نادية أوردر".. فتاة مصرية كسرت القيود والتقاليد بـ"السكوتر" (صور)"نادية أوردر".. فتاة مصرية كسرت القيود والتقاليد بـ"السكوتر" (صور)

"نادية أوردر".. فتاة مصرية كسرت القيود والتقاليد بـ"السكوتر" (صور)

انتشرت خلال الفترة الأخيرة، على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، صورة  تظهر فيها امرأة تقود دراجة نارية "سكوتر"، على طريق الكورنيش بمحافظة الإسكندرية المصرية، في مشهد غير معتاد للكثيرين.

وبرزت أخيرًا محاولات عدة من فتيات ونساء مصريات لإظهار قدراتهن على القيام بما تحظره بعض الأعراف، مثل قيادة الدراجات النارية، في تجمعات عدة عُرض بعض صورها على موقع "فيسبوك"، لكن المرأة السكندرية ليست مثلهن، فهي صاحبة قصة تحدٍ وإصرار، كون "السكوتر" هو وسيلة عملها وليس للترفيه.

موقع "إرم نيوز" تواصل مع صاحبة القصة والصورة، نادية عبد الصمد، لمعرفة أبعاد قصتها وطبيعة عملها.

نادية هي مندوبة توصيل بضائع، أو ما يُعرف في مصر بوظيفة "الطيار"، وهي مهنة معروف أنها للرجال، نظرًا لطبيعتها الصعبة من الانتقال إلى عدة أماكن متباعدة، والتواجد طوال اليوم في الشارع وهي قدرات ليست بالهينة لتتحملها أية فتاة.

صعوبة البدايات

تقول نادية، إنها تعمل منذ حوالي 5 أشهر في توصيل البضائع النسائية عبر "السكوتر"، متغلبةً على صعوبات عدة واجهتها للصمود في عملها، حيث تسير في شوارع الإسكندرية متغلبة على حرارة الشمس الحارقة، ونظرات التعجب من المارين على الكورنيش، لتؤدي عملها الذي تفتخر به كثيرًا، غير مكترثة بما يتم ترديده على أنها مهنة للرجال فقط، فالأهم بالنسبة لنادية أنه "عمل تستطيع منه اكتساب لقمة عيشها".

ومثلما الحال في عدة بيوت مصرية، نادية امرأة عاملة، وبعد 6 سنوات تركت مهنتها بعد زواجها للتفرغ لمسؤوليات بيتها.

وتحكي نادية لـ"إرم نيوز"، أنها حصلت على ليسانس آداب قسم تاريخ وآثار إسلامية، ثم تمكنت من العمل في مكتبة الإسكندرية، لكنها اضطرت للانقطاع عن العمل بسبب الزواج، لفترة 10 سنوات.

ومنذ فترة لاح حلم العودة للعمل في ذهن نادية، لتحقق ذاتها وتكسب عيشها، وحاولت التقدم في عدة أماكن وجهات خاصة للعمل في السكرتارية، المدارس أو أي عمل إداري، لكن محاولاتها كافة باءت بالفشل.

لدى تلك النقطة بدأت فكرة المندوبة تلوح أمامها بالصدفة، حينما طلبت نادية من صديقتها عبر "قروب" للبضائع النسائية، شراء منتج معين، لتخبرها بأن مندوب التوصيل سيتأخر في إيصال طلبها، لترد نادية بتلقائية دون حسابات: "أنا المندوب".

نادية لديها "سكوتر" اشترته منذ عام تقريبًا، كبديل للسيارة لتقضي به أعمالها المنزلية، ونجحت في استخراج رخصة قيادة، لكن دوره قد حان الآن، فقد أبلغت صديقتها أنها ستتكفل بتوصيل الطلبات للزبائن.

تجاوز العوائق

الأمر بالطبع لم يكن سهلًا، فنادية في البداية كانت لا تستطيع التوفيق بين أماكن عملها، أو الشوارع التي تسلكها للوصول إليها، بالإضافة إلى صعوبة الظروف التي تواجهها، ومنها ردود الأفعال، لكن فيما بعد تمكنت من التغلب على تلك العقبات ونجحت في أن يكون اسمها متداولًا في الشارع السكندري.

وتؤكد نادية لـ"إرم نيوز"، أن زوجها في البداية كان معترضًا على عملها، نظرًا لطبيعته والصورة الذهنية المعروفة عنه، كذلك خوفه عليها من التعرض للمضايقات في الشوارع، لكنه شيئًا فشيئًا تقبل الفكرة، ليكون هو المشجع والداعم لها على الاستمرار فيما تحب.

وعن زوجها، فهو يعمل قبطانًا بحريًا، وفترة عمله تكون فقط في أشهر الصيف، في حين يقضي إجازته في الشتاء، لتكون وظيفة نادية مناسبة لظروف بيتها. المرأة السكندرية الدؤوبة تمكنت في فترة قصيرة من اجتذاب العديد من الفتيات لتوصيل طلباتهن والقيام بمشاويرهن.

وحاول العديد من النسوة طلب نادية للعمل معهن، بالإضافة إلى توصيل الأكل البيتي للسيدات كبار السن، ومساعدتهن في خدمة إنسانية تحاول بها نادية رفع معاناتهن، وقضاء مصالحهن من دفع الاشتراكات وتقديم العون لهن، ومن هنا أطلق عليها لقب هو المتداول الآن وهو "نادية أسكوتر"، أو "نادية أوردر".

الحلم يتحقق

حلم نادية تحقق بعدما وفر لها عملها مكسبًا ماليًا جيدًا، لم تكن لتحققه أبدًا في أية وظيفة تقدمت للحصول عليها، وهو ما جعلها تشعر بالفخر، كأول إسكندرية لتوصيل الطلبات للسيدات.

وعن شعورها بما حققته حتى الآن يعبّر صوت نادية في حديثها مع "إرم نيوز" عن فرحتها العارمة، بتمكنها من العودة للعمل بعد غياب طويل، فكأنها عادت إلى ذاتها.

وكما هو الحال في العديد من المجتمعات العربية، يرفض بعض الأزواج تعامل زوجاتهم مع الرجال تحفظًا منهم على ذلك، وهو ما استطاعت نادية أن تساهم في حله، بتوصيلها للبضائع النسائية، لتتعامل معهن دون وجود أي حرج في وجود عنصر رجالي في الأمر، وهي فكرة أسعدت الكثيرين.

وعقب نشر صورة نادية على موقع "فيسبوك"، كان ذلك دافعًا لفتيات عدة، تحرّك الحماس داخلهن للعمل مثل نادية، ولكنهن لم يتحملن مصاعب العمل لأكثر من أسبوعين.

وتعقب نادية على الأمر أن رغبة البنات في العمل معها كانت فقط لحظية، لكن باكتشافهن لحقيقة صعوبة العمل كمندوبة توصيل، جعلهن يتراجعن عن الأمر.

ويأتي هذا في الوقت الذي قد تندهش فيه من أن عمر نادية عبد الصمد هو 40 عامًا، أي أنها بدأت المهنة في سن كبير نسبيًا، لكن عزيمتها وإصرارها على العمل هو ما جعلها تتخطى كل الحواجز وتكسر القيود والتقاليد بدراجتها، في موقف لم تستطع فيه كثير من الفتيات العشرينيات القيام بنفس مجهودها.

شركة خاصة للمندوبات 

تتمنى نادية أن تكبر من حجم عملها، لتنشئ فيما بعد شركة خاصة بها للمندوبات السيدات لتوصيل الطلبات، موجهةً رسالة لكل فتاة أن تعمل ما تحب بما يتناسب مع قدراتها، ولا تلتفت لأي معوقات حولها، طالما تبحث عن لقمة العيش.

أما الآن فنادية تسير بخطى ثابتة في عملها، الذي وضعت له مواعيد مثل المتعارف عليها في المؤسسات الحكومية، فهي تبدأ في توصيل الطلبات منذ الساعة التاسعة صباحًا وحتى الثالثة عصرًا.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com