تجاهل الآباء للتربية العاطفية من أبرز مشاكل الطفولة المعاصرة
تجاهل الآباء للتربية العاطفية من أبرز مشاكل الطفولة المعاصرةتجاهل الآباء للتربية العاطفية من أبرز مشاكل الطفولة المعاصرة

تجاهل الآباء للتربية العاطفية من أبرز مشاكل الطفولة المعاصرة

يقول علماء النفس إنه عندما نولد نكون مرتبطين ارتباطًا وثيقًا بصوت الأم، وبالعالم العاطفي الذي رافقنا طوال الأشهر الصعبة من الحمل، بالتالي فنحن لسنا غرباء في أرض غريبة، فالرضيع يعرف بالفعل القوة العظمى التي تحملها اللغة العاطفية.

ويؤكد عالم النفس البيولوجي فيفيت غلوفر من جامعة "إمبريال كوليدج" في لندن، أن "التربية العاطفية تبدأ بالفعل في الرحم، فقد يبدو هذا مفاجئًا بعض الشيء ويصعب تصديقه، لكن على مدى أشهر من الحمل يكون الطفل حساسًا جدًا للأصوات التي يسمعها من الخارج".

وقال غلوفر إن "السائل الذي يحيط بالجنين يعتبر موصِلا عظيمًا للصوت، حتى لو كان الجنين لا يفهم اللغة فإن لديه حساسية عالية للشحنة العاطفية التي تنشأ من هذه النغمات وهذه الكلمات".

الشيء نفسه يحدث مع الطفل الذي عمره 2 أو 3 أو 5 سنوات، يمكننا أن نقدم له أفضل الأشياء، الملابس الجميلة والغذاء المتوازن والألعاب المحفزة، ومع ذلك إذا كنا لا نغذيه بالحنان والأمان والثقة من خلال لغة حكيمة من العواطف، فإن هذا الطفل لن ينمو كما يجب أن ينمو، فدماغه سيطور أوجه قصور وسيشعر بفراغات سيملؤها بطريقة مختلفة، عندما يصل إلى مرحلة المراهقة أو البلوغ.

للكلمات قوة مؤذية

الكلمات لا تقتل، لكن لديها قوة إيذاء هائلة، كلنا نعلم ذلك وكلنا خبرناه بصورة أو بأخرى، لكن رغم ذلك فإننا في بعض الأحيان لا نولي اهتمامًا للطريقة التي نتحدث بها إلى أطفالنا أو مراهقينا.

فاللغة لديها القدرة على خلق هندسة معمارية محددة في العقول الشابة، وهذا أمر يتعيّن على الآباء والأمهات والأجداد والجدات والمربين ألا ينسوه أبدًا.

يرى أخصائيو النفس أن كلمة واحدة غير محسوبة مثل كلمة ازدراء، أو عبارة "أنت لا تفعل شيئًا جيدًا" أو "أنت أقل ذكاء من كل زملائك في الصف"، أو عبارة "أنت تتعبني" أو "دعني وشأني"، كلها تترك آثارًا في العالم العاطفي للطفل، إلى حد توليد حالات من الضعف والإجهاد أو حتى الاكتئاب الطفولي.

وأثبتت التجارب العلمية أن مجرد استخدام اللغة الإيجابية، يؤدي إلى سلوك أكثر التزامًا من قبل الطلاب، فهذا يحفزهم  قبل كل شيء على اكتساب رؤية أكثر إيجابية تجعلهم يتفوقون على أنفسهم.

الأكثر تعقيدًا في كل هذا هو أنه -للأسف- ليس جميع الآباء والأمهات مؤهلين لاستخدام لغة عاطفية وسامية، فالتحدث بالطريقة الصحيحة يتطلب الحدس والالتزام والوقت والصبر، وقبل كل شيء أن تكون المرأة أو الرجل سليمين ذهنيًا لممارسة أبوة جديرة بهذه الوظيفة.

مفاتيح التواصل العاطفي

من ناحيته، أوضح الأخصائي التربوي دانيال جولمان في كتابه "الذكاء العاطفي"، أن "الكبار في بعض الأحيان يبالغون في تعزيز التربية الإيجابية، لدرجة يجعلها تفقد قيمتها، فالأطفال يفرقون جيدًا بين الصدق وبين التعب أو مجرد قلة الاهتمام".

وبحسب جولمان، فإنه عندما يقول أب أو أم لطفلها البالغ من العمر 8 سنوات: "نعم، نعم، إنه رسم جميل"، من دون حتى مراقبة دفتر طفلها لأنه ليس لديها الوقت، فإن الطفل لا يبالي بالرسالة بل يركز على موقف الوالدين، لأن الحديث بالطريقة الصحيحة لا يعني استخدام صيغ إيجابية صارمة، وهذا يعني الوقوف للمشاهدة وإيلاء الاهتمام وقبل كل شيء التواصل.

مبادئ التواصل

في بعض الأحيان، ومن حيث لا ندري نستخدم مع الأطفال استراتيجيات تفتقد إلى الكثير من قواعد التربية، فيجب أن يكون واضحًا أننا لا نفعل ذلك بنوايا سيئة، فنحن ببساطة لا نفهم الكيفية التي يدير بها الأطفال المعلومات، أو ما هي احتياجاتهم في كل مرحلة من مراحل نمو شخصيتهم.

استراتيجيات بسيطة

تجنب الخُطب الطويلة إذا كان عليك تعليم شيء لطفلك أو تصحيحه أو شرح نقطة معينة، فيجب عليك تذكر قاعدة الـ 30 ثانية، فهي الحد الأقصى من الاهتمام الذي يمكن أن تحصل عليه من طفل صغير.

فالتكرار لا طائل منه، فالشيء الذي نراه عادة هو أن الآباء الذين يكونون تحت الضغط اليومي، لديهم أطفال يتأخرون كثيرًا في التفاعل، وهذا يحدث لأنهم يقضون معظم أوقاتهم في الضغط عليهم واستعجالهم قائلين أسرع وهيا وارتدي ملابسك وافعل هذا وقم بذلك وغيرها من العبارات.

الحوار لتطوير الوعي

عليك أن تقيم حوارًا مع أطفالك ومنحهم جرعة من الفضول والاكتشاف والمودة، حتى يطوّروا وعيًا أكثر أمانًا وأكثر اكتمالًا وسعادة في كل يوم وكل لحظة.

هذا النوع من التعبير اللفظي في شكل أوامر لا يسمح لنا أبدًا بالتواصل مع أطفالنا، فهم يدركون جيدًا أنه بعد الأمر الأول سيأتي أمر ثانٍ وهلم جرا، إذن ليس من الضروري أن تطيع الأمر الأول، وهذا ليس شيئًا سليمًا فلا يمكننا تعليم الأطفال بالضغط عليهم لكن باستخدام الصبر وبالتقرب منهم أكثر فأكثر، فأحيانًا تكفي إشارة واحدة أو توجيه واحد يُقدم بحزم وبقرب على أن يشرح جيدًا الغرض لتعزيز وتطوير السلوك.

استمع لأطفالك عندما يتحدثون إليك، وبيّن لهم أن كل كلمة ينطقون بها مهمة بالنسبة لك، دع العالم يتوقف من حولكما لا شيء يستعجلك وتحلّ بالصبر، وانطق باسم طفلك بحنان ولا تستخدم إجابات بسيطة أو مقتضبة عندما ترد عليه.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com