في اليوم العالمي للسعادة.. هل يمكن أن يتدرب الإنسان على إسعاد نفسه؟
في اليوم العالمي للسعادة.. هل يمكن أن يتدرب الإنسان على إسعاد نفسه؟في اليوم العالمي للسعادة.. هل يمكن أن يتدرب الإنسان على إسعاد نفسه؟

في اليوم العالمي للسعادة.. هل يمكن أن يتدرب الإنسان على إسعاد نفسه؟

يتمتع السعداء من الناس بصحة أفضل ويكونون في الغالب أكثر قدرة على الإبداع والعطاء، بل إنهم ينجحون في إشاعة جو من السعادة في الوسط الذي يعيشون فيه.

ولكن لماذا يصادف الإنسان رغم ذلك هذا العدد الكبير من أصحاب المزاج السيئ في العمل والشارع؟.

تعتقد الخبيرة الألمانية في علم تصميم الرسوم البيانية والمواقع الإلكترونية جينا شولر، أن "أصحاب المزاج السيئ ليسوا بهذه الحالة النفسية السيئة التي يبدون عليها"، موضحًا أنهم "لا يحتاجون سوى محفزات إيجابية على السعادة".

وبمناسبة اليوم العالمي للسعادة في العشرين من آذار/مارس الجاري، أطلقت شولر حملة "اكتب نفسك سعيدًا" واستطاعت خلال أيام قليلة، تشجيع 3700 من النساء والرجال على المشاركة بهذه الحملة.

يحصل المشاركون في الحملة على عنوان شخص آخر مشارك في الحملة، ويكتبون له خطابًا شخصيًا ويستخدمون في هذه الرسالة الشخصية أسئلة لتحفيزه على السعادة مثل "ما أجمل ذكريات طفولتك" و "بما تفتخر؟".

قالت شولر إن "الصدى الذي أحدثته حملتها هائل"، منوهة إلى أن "أكثر ما يميز هذه الحملة وساعد على نجاحها، هو التعرف على شخص غريب دون أفكار مسبقة ودون تحيز"، مضيفة "كما أن الجميع يتطلعون إلى الحصول مرة أخرى عبر صندوق البريد على شيء مكتوب باليد، بعد أن كان كل ما يحصلون عليه في صندوق بريدهم هو فواتير ومطالبات بالدفع".

بدأت وزارة السعادة والرفاهية التي أسستها شولر كمشروع فني العام 2012، في كلية مانهايم للتصميم، وهذا هو العام الذي قررت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتماد يوم عالمي للسعادة.

وكانت مملكة بوتان جنوب آسيا، هي صاحبة الفكرة حيث أعلنت هذه المملكة في سبعينيات القرن الماضي، عن أن إسعاد شعبها هو هدف للدولة وأنشأت وزارة للسعادة.

الاستعداد للسعادة

ولكن هناك أيضا تزايد في أعداد السياسيين والشركات، التي اكتشفت الرفاهية والراحة والرضا كقيم ومبادئ  مهمة، فلم يعد هذا الموضوع قاصرًا على فئة بعينها من الناس، حسبما رأت شولر التي ترى نفسها رسولاً للسعادة وتؤكد دائما على أنها ليست باحثة.

أما عالم النفس الألماني توبياس رام من جامعة براونشفايج للعلوم التطبيقية، فإنه يبحث عن السعادة في إطار مشروع علمي، حيث يطور أسلوبًا تدريبيًا خاصًا على السعادة يستخدمه المعلمون، يسعى من خلاله لمساعدة الإنسان على تجنب ما يعرف بالإرهاق الذهني في الوظيفة، وجعل هؤلاء المربين أكثر إبداعا.

ويتعلم هؤلاء المدرسون في دورات خاصة زيادة نسبة "الاستعداد للسعادة"، وذلك من خلال الحرص على إدراك ما هو جميل والشعور بالشكر والمنة، لما هو إيجابي وكذلك عقد النية أكثر على القيام بأعمال صالحة.

وأثبت الباحثون الآن صحة المقولة القديمة "الإنسان هو من يصنع سعادته بنفسه"، حيث أظهرت دراسات دولية أن الاستعداد الفطري للإنسان، لأن يكون سعيدًا يتوقف في 50% منه على عوامل في داخله، في حين أن 10% منه فقط تتوقف على ظروف حياته، فالحصول على سبيل المثال على وظيفة جديدة، أو سيارة جديدة أو جهاز تلفاز جديد، لا يسهم  بتحقيق السعادة بعيدة المدى، حسبما أوضح رام، في حين أن المساحة الشخصية التي يستطيع الإنسان من خلالها إسعاد نفسه تبلغ 40%..

وجُرب هذا التدريب على السعادة المخصص للمعلمين في دورات لمدة أربع أسابيع شارك فيها أكثر من 150 طالبًا.

التأمل المسائي

يفضل رام في بداية الدورة، توزيع كراسة تتضمن تدريبًا على السعادة بعنوان "ثلاثة أشياء جيدة"، حيث يطلب من كل طالب أن يسجل على مدى 14 يوما، ثلاثة أشياء جيدة عاشها في يومه، وأن يرفق بهذه الأشياء الثلاثة مساهمته الشخصية التي قدمها لإنجاح هذه الأشياء، بما في ذلك الأمور الصغيرة مثل: الاستمتاع بالشمس أو مراقبة السناجب، أثناء تسلقها الأشجار، حسبما أوضح رام.

واكتشفت مجموعة أخرى من الباحثين، أن هذا التفكير والتأمل المسائي يؤثر بشكل إيجابي على النوم نفسه.

ويعرّف الباحثون السعادة بأنها شعور ذاتي أو شخصي بالراحة والرفاهية، يتميز بالمعايشة الكثيرة للمشاعر الإيجابية وندرة المشاعر والعواطف السلبية.

ولقياس درجة هذه السعادة، ترجم الباحثون المؤشر المعترف به عالميًا، للتجارب الإيجابية والسلبية(SPANE) إلى اللغة الألمانية.

وبحسب رام، فإن أولى النتائج التي وجدها الباحثون لدى هؤلاء الطلاب، تشير إلى أن هذا التدريب يمكن أن يكون مستديمًا.

ومن المنتظر أن تبدأ أواخر نيسان/أبريل المقبل، تجربة رائدة مع معلمين بمدرسة ثانوية بمدينة براونشفايج الألمانية.

وبينما انطلق الباحث "رام" في تجاربه من الاعتماد على الفرد، فإن يوهانيس هيراتا يركز على المجموع المجمل، حيث يعتقد أستاذ العلوم الاقتصادية بكلية أوسنابروك الألمانية البروفيسور هيراتا، أنه "من الممكن نقل نموذج إجمالي ناتج السعادة القومي، من مملكة بوتان إلى ألمانيا أيضًا"، معتبرا أن "ذلك يعني وضع الاقتصاد في خدمة إسعاد البشر".

وأضاف الخبير الاقتصادي هيراتا قائلاً: "أنا على قناعة بأنه سيكون من المفيد لنا أن نعمل أقل في وظائف تتطلب دوامًا كاملاً، وربما كان من الأفضل لنا خفض عدد ساعات العمل إلى 30 ساعة أسبوعيًا، عندها سيكون لدينا وقت أكثر من أجل أبنائنا ومن أجل أنفسنا، وسنستطيع التغلب بشكل أفضل على الكثير من متطلبات الحياة مما سيخفض الضغوط النفسية التي نتعرض لها".

وشدد هيراتا على أن "خفض الإنسان استهلاكه الشخصي جراء تراجع دخله بسبب خفض عدد ساعات عمله، سيكون له نتائج إيجابية على البيئة أيضًا".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com