وُصفت بأنها أقوى من ألف رجل.. طبيبة ولادة تختار البقاء في حلب المدمَّرة (صور وفيديو)
وُصفت بأنها أقوى من ألف رجل.. طبيبة ولادة تختار البقاء في حلب المدمَّرة (صور وفيديو)وُصفت بأنها أقوى من ألف رجل.. طبيبة ولادة تختار البقاء في حلب المدمَّرة (صور وفيديو)

وُصفت بأنها أقوى من ألف رجل.. طبيبة ولادة تختار البقاء في حلب المدمَّرة (صور وفيديو)

كشفت طبيبة الولادة الوحيدة المتبقية في شرق حلب، عن الحالة المزرية التي عاشتها مع ابنتها، في ظل التزامها بالمساعدة في توليد الأمهات خلال الحرب التي دمرت المدينة السورية.

وكانت مهمة الدكتورة فريدة في مساعدة الأطفال الرضع الأبرياء، الذين يولدون في مستشفى تنقصها الكثير من الإمدادات والمواد الغذائية والمياه النظيفة في المدينة السورية التي تعرضت للدمار.

وكانت تمشي كل يوم إلى عملها، وتصحب معها ابنتها البالغة من العمر ثمانية أعوام، إلى المدرسة التي تتعرض للقصف المستمر، إذ إن ذهاب الطفلة إلى تلك المدرسة كان بمثابة حكم الإعدام، ومع ذلك رفضت الدكتورة فريدة الاستسلام.

وخلال لقائها مع صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، قالت الدكتورة فريدة: "عملي هو روحي، ولا يمكنني أن أعيش بدون رؤية المواليد الصغار، ولا يمكنني التوقف لأصبح أمًا تقليدية أعمل في المطبخ".منزل مدمر ودجاجتان

قد تبدو الحياة المستحيلة في منطقة محاصرة أسوأ ما قد يحدث، لكن للأسف حدث أسوأ من ذلك.

في بداية كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وبعد أن حل فصل الشتاء القارس، شنت قوات النظام السوري وحلفاؤها هجومًا كبيرًا على شرق حلب، ما اضطر المدنيين إلى الخروج من منازلهم والذهاب إلى أيادي النظام، الذين كانوا يقاتلون ضده منذ 5 سنوات.

وأصابت قذيفة، منزل الدكتورة فريدة، ما ألحق به أضرارًا فادحة. وكانت الأم الحنون تربي دجاجتين في منزل فارغ، بجوار منزلها، وذلك لتتمكن عائلتها من تناول البيض مرة ثانية، ونجت الدجاجتان من القصف، لكن المنزل لم ينج.

وتساءل العديد من الناس، لماذا بقيت الدكتورة فريدة تعيش في مكان لا تطبق فيه أية قوانين حربية، إذ إن المدارس والمستشفيات تعرضت للقصف، إضافة إلى منع دخول المساعدات.

وعلى عكس ملايين السوريين الذين فروا، تعتقد الدكتورة فريدة أن وظيفتها مهمة جدًا، بحيث تمنعها من المغادرة، وقالت إنها ساعدت يوميًا على ولادة ما يتراوح بين 10 إلى 15 طفلًا.

ويواجه هؤلاء الأطفال حديثو الولادة، مستقبلًا صعبًا، وكثير منهم لن يعرفوا شيئًا عن آبائهم، بل إن بعضهم قد يصبح أحد ضحايا الحرب الدامية الدائرة هناك.

لكن صرخاتهم الأولى والابتسامات التي اعتلت وجوه أمهاتهم، دفعت الطبيبة فريدة إلى البقاء، والعمل في شرق حلب.

تقول الدكتورة فريدة، مشيرة إلى قوات الرئيس الأسد: "إنهم يريدون إيقاف الحياة في حلب، إنهم يريدون إخراج الجميع من حلب، فإذا توقفت الرعاية الصحية للنساء فسيغادرن المدينة، وعندما تغادر النساء سيذهب الرجال معهن وفي النهاية تصبح المدينة فارغة".

وكانت هناك توقعات قاتمة لمستقبل المدينة التي كانت يومًا ما المحور الثقافي لسوريا، إذ إنها ضمت مباني يعود تاريخها للقرن الـ 12.

وتقول الدكتورة فريدة، إن حياتها قبل الحرب كانت جيدة في كثير من النواحي، موضحة "كنت إنسانة وكنت أستطيع إرسال ابنتي إلى المدرسة دون خوف من أنها ستتعرض للقصف في أية لحظة، وكان بإمكاني أخذ سيارتي والذهاب حيث أريد، وكنت أذهب إلى المراكز التجارية وأتنزه في الحدائق وأسافر إلى الدول الأخرى، لكن كان هناك شيء مفقود وهو الحرية، إذ لم أكن أستطيع التحدث عن الرئيس".

وتضيف "الآن لدي الحرية لكن ليس لدي شيء غيرها، فليس لدي ماء أو كهرباء وأنا خائفة من أن تتعرض المدرسة أو المستشفى للقصف، وأنا لا أشعر بالأمان الآن، لكن يمكنني قول ما أريد".

وكانت الدكتورة فريدة، تمشي إلى عملها في المستشفى المكتظة بضحايا الحرب، وذلك قبل أن يتم قصفها، وكان يصحبها زوجها وابنتها.

وكانت تمشي على طول الشوارع المهجورة، التي كان أصدقاؤها يعيشون فيها يومًا، حيث انهارت المباني وامتلأت الأرض بثقوب الصواريخ.

وكانت ابنة فريدة، تلعب مع الدجاج والكلاب والأرانب، بالقرب من المستشفى، أو تشاهد الأفلام، بينما تعمل والدتها وذلك لأن المدارس أصبحت مستهدفة.

وتابعت الدكتورة فريدة "كانوا يستهدفون أي شيء، يساعد الأطفال على البقاء أحياء مثل المستشفيات والمدارس".

وعندما تصل للمستشفى، كانت تذهب إلى قسم الطوارئ، لتجد الناس يموتون هناك، ثم تذهب إلى قسم الولادة، وتعلق قائلة: "كنت أذهب لأرى الحياة، وهي تولد من جديد، وكان هذا يجعلني أشعر بشعور أفضل، فأنا كنت أساعد النساء على جلب الحياة من جديد لهذا العالم".

وتقول "كنا نعمل ونقتصد قدر الإمكان، فلم يكن قد تبقى لدينا من الإمدادات ما يكفي لشهر أو شهرين، وكان عليها التخلي عن الكثير من التقنيات الحديثة التي تعلمتها في الجامعة، قبل أقل من 10 سنوات لتستخدم الطرق التي استخدمها أجدادها قبل سنوات طويلة"، موضحة "كنا نقوم بتدليك الرحم واستخدام الضمادات، إضافة إلى وضع الثلج على البطن، وهذه الطرق لم تعد مستخدمة حاليًا، لكن نقص الإمدادات هو ما اضطرنا لذلك".

وتشير إلى أن "النساء اللواتي أنجبن في شرق حلب، كن سعيدات ويبكين عند رؤية أطفالهن، لكنهن لم يكنّ  سعيدات عندما تعرضت المستشفى للقصف، فقد كن يعلمن أن المستشفيات مستهدفة من قبل القوات الجوية، وأن البقاء في المستشفى يهدد حياتهن".

وفي إحدى المرات، كانت هناك فرصة أمام الدكتورة فريدة، لمغادرة حلب والسفر إلى أي بلد عربي آخر، والحصول على راتب كبير، نظرًا لمهارتها العالية.

وتوضح قائلة "طلب مني أصدقائي في دبي وقطر، أن أذهب إليهم، وحينها سأكون طبيبة عادية، لكنني فضلت مساعدة الناس في حلب، فأنا مختلفة هنا ولدي قيمة، وكان علي أن أساعد الناس بعلمي ومعرفتي، ولا أريد أن أكون مثل أي طبيب آخر، فالطائرات تقصفنا يوميًا، ولا أحد يستطيع مساعدتنا، إنهم يقولون إننا نقتل الناس، لكننا لا نفعل ذلك، نحن فقط نريد الحرية والديموقراطية".

ووصفها زملاؤها بأنها "أقوى من ألف رجل" وهو الوصف الذي يجعلها تضحك.

وبالنسبة للدكتورة فريدة وغيرها من الآلاف الذين اختاروا البقاء في شرق حلب، يعتبر التهجير القسري والرحلات المحفوفة بالمخاطر إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام، الحل الوحيد.

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com