مواقع التواصل تهدم قناعات الإيرانيين التي بناها الإعلام الرسمي
مواقع التواصل تهدم قناعات الإيرانيين التي بناها الإعلام الرسميمواقع التواصل تهدم قناعات الإيرانيين التي بناها الإعلام الرسمي

مواقع التواصل تهدم قناعات الإيرانيين التي بناها الإعلام الرسمي

دقّت إيران بشكل رسمي ناقوس الخطر من مواقع التواصل الاجتماعي التي يخشى قادة طهران أن تهدم ما بناه الإعلام الرسمي الموجه عبر سنوات استطاع فيها عزل الإيرانيين بشكل كبير عن حقيقة ما يجري في العالم، وتكوين رأي عام مؤيد للسياسة الإيرانية الخارجية وراض عن السياسة الداخلية والواقع المعيشي، في ظل صعوبة إحداث أي تغيير.

وتحجب إيران غالبية مواقع التواصل الاجتماعي، منذ نحو 7 سنوات، لكن ملايين الإيرانيين يستخدمون تلك الموقع عبر تطبيقات وبرامج خاصة تتيح لهم الولوج لتلك المواقع والاطلاع عما يتم تداوله من خارج إيران حول مختلف القضايا، لاسيما ما يرتبط منها بإيران كسياستها الخارجية المتبعة ومشاركتها في ما تشهده عدة دول بالمنطقة، كاليمن وسوريا والعراق.

وزاد إقبال الإيرانيين بشكل واسع على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بعد تخفيف القيود والرقابة عليها، منذ مطلع العام الجاري، الذي شهد توقيع الاتفاق النووي بين إيران والدول الغربية الكبرى، وتضمن رفع العقوبات الغربية المفروضة على إيران وإتاحة انفتاحها على العالم وإقبال الشركات العالمية على الاستثمار بما فيها الشركات المالكة لمواقع التواصل الاجتماعي.

وبعد أقل من عام من ذلك الانفتاح الجزئي على العالم، أعلنت إيران أن موقع التواصل الاجتماعي "يوتيوب" بدأ في الآونة الأخيرة نشر مقاطع فيديو تحرض الإيرانيين على العصيان المدني وعدم الانصياع لقرارات الحكومة، ومنها عدم دفع فواتير الماء والكهرباء والغرامات المرورية.

واتّهم رئيس شرطة مكافحة جرائم الإنترنت التابعة لقوى الأمن الإيرانية، الجنرال كمال هادي نفر، يوم أمس السبت، موقع "يوتيوب" بالعمل على نشر أي مادة تسيء إلى إيران، قائلاً: إن بلاده تكافح وفي صراع مع الموقع منذ فترة بسبب الدعوات التحريضية ضد النظام والحكومة.

ويرى خبراء مواقع التواصل الاجتماعي أن الرأي العام الإيراني تشكل في السنوات الماضية بالاعتماد على ما تبثه وسائل الإعلام الرسمية التي تدعم سياسة الحكومة، لكن هذا الرأي قد يتغير مع ارتفاع عدد رواد مواقع التواصل الاجتماعي في إيران ومشاهدة الإيرانيين حقائق لا يعرفونها حول مختلف القضايا.

ووفقاً لأرقام رسمية، تزايد عدد الإيرانيين الذين يستخدمون شبكة الإنترنت ليصل إلى نحو 46 مليون شخص من أصل عدد السكان البالغ نحو 80 مليوناً، غالبيتهم من الشباب الذي يقضون ساعات طويلة يومياً في مواقع التواصل الاجتماعي.

وتسعى المعارضة الإيرانية، التي تعمل من خارج البلاد هرباً من الملاحقة، لاستغلال مواقع التواصل الاجتماعي بهدف إيصال رسائلها للإيرانيين وحثهم على العمل من أجل إحداث تغييرات تدريجية في إيران، من بينها تغيير سياستها الخارجية وتدخلها في دول المنطقة، وإجراء إصلاحات داخلية في مقدمتها مكافحة الفساد ومحاربة الفقر.

وللإيرانيين تجربة شهيرة مع مواقع التواصل الاجتماعي، التي لعبت دوراً كبيراً في تأجيج الاحتجاجات التي قادتها الحركة الإصلاحية ضد انتخاب الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد في العام 2009، وهو ما دفع طهران لحجب تلك المواقع منذ ذلك العام.

وبفضل مواقع التواصل الاجتماعي انضم عدد كبير من الإيرانيين إلى الاحتجاجات التي قابلتها السلطات الإيرانية بعنف وثّقه نشطاء الحركة الإصلاحية حينها بمقاطع الفيديو والصور، التي انتشرت بشكل كبير بين الإيرانيين عبر تلك المواقع، وكانت المكان الوحيد الذي تمكن العالم من خلاله من معرفة ما يجري في إيران.

وتتوقع المعارضة الإيرانية أن تفرض حكومة طهران خلال الفترة المقبلة مزيداً من الرقابة والحجب على مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن لمست تغييراً في الرأي العام الداخلي تسببت به تلك المواقع، التي شاهد الإيرانيون عبرها تفاصيل كثيرة غيّبها الإعلام الرسمي عنهم، حول مختلف القضايا الداخلية والخارجية.

وتصور وسائل الإعلام الإيرانية الصراع في سوريا والعراق واليمن على أنه حرب من مجموعات إرهابية مسلحة مدعومة من الولايات المتحدة وحلفائها، في محاولة لتجنيد الشباب وإرسالهم للقتال في تلك الدول.

لكن الدعوات الداخلية لوقف سياسة التدخل الخارجي وإرسال الشباب الإيرانيين للقتال في تلك الدول بدأت تزداد، مع مشاهدة الإيرانيين لمقاطع فيديو وصور وتدوينات توثق الكارثة الإنسانية في تلك البلدان بسبب مشاركة بلادهم في تلك الصراعات، وفقاً لتصريحات المعارضة الإيرانية في الخارج.

وأصبحت مواقع التواصل الاجتماعي، خلال السنوات العشر الماضية، الأداة الأكثر تأثيراً في الرأي العام من خلال ما تعرضه من حقائق أجبرت وسائل الإعلام التقليدية في الآونة الأخيرة على اعتبارها مصدراً رئيساً للأخبار.

وأشار الرئيس الإيراني حسن روحاني، مراراً، إلى عدم فعالية أية إجراءات تحد من الوصول إلى مواقع التواصل الاجتماعي، لكن ذلك لم يمنع اللجنة المنظمة لقطاع تكنولوجيا المعلومات التي يرأسها هو، من مواصلة عملها في فرض مزيد من التضييق على تلك المواقع.

وكانت تقارير محلية قد قالت في مايو/أيار الماضي إن الحكومة حددت لتطبيق "تلغرام" مهلة عام واحد لتسليم بيانات مستخدميه الذين يزيد عددهم على 20 مليون إيراني، حيث يعد التطبيق الأشهر بين الإيرانيين نتيجة لتساهل السلطات معه لأسباب غير معروفة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com