بالاختلاط والأعراس الصاخبة.. الطبقة الوسطى في إيران تتحدى تشدد النظام
بالاختلاط والأعراس الصاخبة.. الطبقة الوسطى في إيران تتحدى تشدد النظامبالاختلاط والأعراس الصاخبة.. الطبقة الوسطى في إيران تتحدى تشدد النظام

بالاختلاط والأعراس الصاخبة.. الطبقة الوسطى في إيران تتحدى تشدد النظام

كشفت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية، في تقرير لها، عن "الأوضاع المأساوية" التي تعاني منها الطبقة المتوسطة في إيران، بسبب النظام السلطوي الذي يحكم البلاد.

ويصف كاتبا التقرير شاشاك بنجالي، ورامين مستغيم، كيف أصبح شكل الأفراح اليوم، رغم الإجراءات المشدّدة التي يفرضها النظام والمتعلقة بمنع الاختلاط، إذ يقولان: إن "الفرح يحمل الملامح الشائعة في الأعراس المعتادة في الدول الليبرالية، فالعريس يرتدي بدلة مثل ضباط البحرية، بينما ترتدي العروس فستانًا على شكل سمكة، فيما يبدو أنه مستوحى من صور موقع التواصل الاجتماعي أنستغرام".

ويصف التقرير كيف يدور نُدل حول المعازيم في حفل الزفاف، حاملين صواني الكعك الفرنسية، بينما يتزاحم المعازيم على حلبة الرقص تحت الأضواء المبهرة. وعندما قام الدي جي بتشغيل أغنية "جانجام ستايل" كانت بينهم السيدات يرتدين الفساتين المكشوفة مصففات شعورهن على أحدث التسريحات، وسادت السعادة بين النساء الشابات اللائي يرتدين الفساتين الضيقة بقصات شعر جميلة.

ويضيف التقرير أن كل حفلات الزفاف  في إيران باستثناء العاصمة طهران باتت تسير على هذا النمط الغربي بشكل طبيعي تمامًا، أما طهران، فيحكمها رجال دين يعادون نمط الحياة الليبرالية والأذواق ذات التوجه الغربي.

ويقول العريس سارماد قوديري، البالغ من العمر 30 عامًا، والذي كان يحتفل بزفافه المذكور في التقرير، "إننا نمثل التغيير في المجتمع".

وتفرض الحكومة الإيرانية نظامًا صارمًا على حياة الناس وسلوكياتهم، منذ أن سيطروا على مقاليد الحكم في البلاد بعد أحداث الثورة عام 1979، لكن لم ينته الأمر هنا، فتحت هذا السقف يعيش 80 مليون نسمة، وهؤلاء المتشددون يواجهون تحديًا من قبل القاعدة العريضة من الطبقة الوسطى الحضرية الذين يميلون إلى نبذ التشدد الديني، بعدما ضجروا من القيود الدينية وأصبحوا أكثر انسجامًا مع التوجهات العالمية.

أما في طهران، فتضطر النساء إلى ارتداء الزي الديني الرسمي، أوشحة الرأس والمعاطف الطويلة، والذي يفرضه عليهن النظام، وتسير الكثيرات منهن وهن يرتدينه دون إحكام في تعبير واضح عن عدم رضاهن عنه، فيما يخرج الشباب مع فتياتهم إلى المتنزهات والحدائق العامة، وذلك في تحدٍّ واضح للتعليمات بعدم اختلاط الرجال والنساء لمنع الرذيلة كما يقول النظام.

وأشار التقرير إلى أن أطباق الستالايت، التي تستقبل القنوات الفضائية، ممنوعة تمامًا بصورة رسمية في إيران، إلا أن الناس يستخدمونها بكثرة في بيوتهم لمشاهدة الفضائيات التي يقول رؤوس النظام إنها تخالف تعاليم الدين الإسلامي.

ولتجنب وقوع حالة من الاضطراب المجتمعي، سمح ملالي إيران بشيء من الثورة الثقافية، فهم وفق كاتبيْ التقرير، لديهم "ترموستات" يحركون بها القيم لتتكيف مع المزاج العام. ومؤخرًا عبر 60% من أبناء الشعب الإيراني عن رغبتهم في تدخل أقل من جانب السلطة في شؤونهم الحياتية.

وفي عام 2013، ذهبت أصوات الناخبين إلى رئيس يعتبرونه رجل دين معتدل، وهو حسن روحاني الذي قدم نفسه على أنه يدعم المزيد من الحريات الشخصية ويؤيد تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة، ومما قاله روحاني من أجل البرهنة على هذه الأفكار، إن جهاز الشرطة لا شأن له بتطبيق القيم الإسلامية في المجتمع إجباريًا.

وعلى الرغم من أن تصريحاته تلك أغضبت قادة المدرسة المحافظة للملالي في إيران، إلا أن ذلك دعم بقوة موقفه مع الطبقة الوسطى من أبناء المجتمع الإيراني.

وفي الربيع الماضي، أعلنت السلطات في طهران نشر قوة مما يعرف بـ"شرطة الأخلاق" قوامها 7 آلاف شخص سيكونون متخفيين لضبط أي "انحراف أخلاقي أو انتهاك للقيم الأخلاقية الإسلامية". ومن مهام هذه القوة مسح مساحيق التجميل عن وجوه النساء، وإغلاق صالونات التجميل التي تصفف شعورهن على الطريقة الغربية.

وفي تموز/ يوليو الماضي، اقتحمت الشرطة الإيرانية حفلاً كان مقامًا على أطراف مدينة طهران وألقت القبض على حوالي 150 رجلاً وامرأة بدعوى أنهم يمارسون أعمالاً غير أخلاقية.

ومن بين التهم الموجهة إليهم وفقا لوكالة أنباء فارس الرسمية، حضور حدث يجمع بين الجنسين والتخطيط لتصوير مقطع فيديو ليذاع على المحطات التليفزيونية للقمر الاصطناعي الفارسي.

كما جمعت السلطات أيضًا مجموعة من الأشخاص واتهمتهم بنشر صور لهم على مواقع التواصل الاجتماعي يظهرون فيها بشكل متعمد ويقفون أمام الكاميرا للتصوير.

ويقول محسن آريا صاحب محل التصوير الذي التقط صور زفاف قديري، إن أفراد الشرطة الأخلاقية اقتحمت ذات مرة منذ عامين حفلة كان يقيمها أحد الزبائن، وألقوا القبض على فريق المصورين وصادروا معداتهم ووجهوا إليهم تهمة القيام بتصرفات غير طبيعية.

وذهب ليُحاكم في المحكمة ووجد آنذاك أن حسابه على موقع التواصل الاجتماعي أنستغرام مغلق، وأن اسمه على قوائم الممنوعين من المشاركة في الانتخابات البرلمانية. وقال إنهم اعتبروا أن شكل الفرح مستفز.

وأضاف أنه يمكن أن ينظر هنا أي أحد لأي شيء على أنه مستفز، حتى و لو كان ظفر إصبع امرأة.

لكن، وعلى الرغم من هذا كله، فإن علامات الرغبة في التغيير تظهر بوضوح في أفق إيران، فمظاهر المقاومة من أجل أن تظهر طبقة متوسطة مستمرة على الرغم من العوائق السياسية والاقتصادية في سبيل تحقيق ذلك. لكنهم مصرون بقوة على الوصول إلى أقصى ما يمكن الوصول إليه من تغيير في ظل النظام الحالي.

ويضيف التقرير أنه في إيران على سبيل المثال، يعتبر اقتناء كلب هو تصرف "سياسي"، فهم يعتبرون الكلب الذي يوصف بأنه أفضل أصدقاء الإنسان، كائنًا نجسًا، وفي اقتنائه محاكاة للغرب. و في الحدائق العامة تقرأ لافتات كبيرة مكتوب عليها: "غير مسموح بالكلاب".

وطيلة النهار، تقف قوات أمنية عند المتنزهات العامة لتمنع دخول الناس إليها بحيواناتهم الأليفة، لكن بمجرد انتهاء وظيفتهم نهارًا يمكن للجميع الخروج مع حيواناتهم الأليفة والتمتع بالتنزه.

وتقول سوزان موخيتياري، وتبلغ من العمر 39 عامًا، إن الحديقة هي المكان الوحيد الذي يمكنها أن تصحب فيه كلبتها، لكن جيرانها دائمًا ما ينهروها، بسبب اقتنائها لكلب، كما أن زملاءها عندما رأوا صورته على جهاز الكمبيوتر الشخصي الخاص بها، قالوا لها إن هذه هواية مقززة.

وتقول مختياري: أعتقد أن اقتناء حيوان أليف سواء من جانب رجل أو امرأة هو أمر يدل على الرحمة وطيبة القلب، مضيفة: لا أقول إنني أفضل من أي شخص، لكن من حقي أن أكون مختلفة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com