أُبعد عن بلدته الأفريقية ليعود بعد عقود ويزرعها أملاً
أُبعد عن بلدته الأفريقية ليعود بعد عقود ويزرعها أملاًأُبعد عن بلدته الأفريقية ليعود بعد عقود ويزرعها أملاً

أُبعد عن بلدته الأفريقية ليعود بعد عقود ويزرعها أملاً

عاد شاب إلى مسقط رأسه في بوروندي بعد غياب سنوات في كنف والديه بالتبني في كندا، ليرد للمنطقة التي تعرض فيها ‏للخطف من أسرته ومعاناته بصورة إنسانية نبيلة.‏

وتروي شبكة "سي بي سي" أن جاكسون ناهايو الذي يبلغ 30 عاماً، الآن، اختطفه مسلحون حينما كان بعمر 6 سنوات هو ‏وأخته التي تكبره بالعمر ومجموعة من الأطفال من مدرستهم أثناء صراع عرقي في إقليم سيبيتوك في بوروندي عام 1992.‏

ومع الاختطاف أبعد ناهايو عن أخته التي كانت تعامل بطريقة مسيئة، ويعلّق على ذلك "لقد أجبروها على العمل كثيراً، لذا ‏قلت لهم بأن الله سيعاقبهم على ذلك". لذلك عوقب بالضرب حتى فقد الوعي وحين أفاق وجد نفسه وحيداً في الغابة.‏

إلى ذلك، تبع ناهايو آخرين هربوا من إقليم سيبيتوك الحدودي مع رواندا والكونغو، وهي منطقة الأكثر عرضة للاشتباكات ‏المسلحة على حد وصفه، فانتهى به الأمر في الكونغو حتى نهاية الحرب عام 1995، حيث انتقل إلى زامبيا. وهناك قابل ‏زوجين اللذين دعاهما بـ"والديه الكنديين"، وهما روب نيوفيلد ولويس كولمان من مدينة وينيبيغ في كندا، اللذين كانا يعملان ‏في لجنة وكالة إغاثة وتنمية مجتمع محلي تسمى "مينونايت المركزية".‏

وبعدها انتقل ناهايو للعيش مع عائلة نيوفيلد ليلتحق بالمدرسة الثانوية عام 2002، في مدينة وينيبيغ التي سجل فيها بمعهد ‏أخوية مينونايت الجامعي. وبعد تخرجه عام 2005، وقعت نقطة تحول أخرى، في حياته، حيث سافر صديق لناهايو إلى ‏بوروندي واكتشف أن أفراد عائلة ناهايو، بمن فيهم أخته التي خطفت معه، ما زالوا على قيد الحياة ويعيشون معاً في إقليم ‏سيبيتوك الذي طرد منه بالقوة إلى غابة معزولة.‏

ووصف ناهايو شعوره حينما عرف مصير عائلته الحقيقية "كانت هذه أسعد لحظة في حياتي.. طوال هذا الوقت كان هناك ‏جرح في قلبي.. وقد شفي عام 2005". ليسافر ناهايو إلى بوروندي في حزيران من ذاك العام ليلتئم شمله مع عائلته. وقال ‏‏"لقد أتيت من بيئة حيث يمكننا أن نلعب في المدرسة (في وينيبيغ)، وهنا (في بوروندي) أنا في مجتمع لا أحد فيه يذهب ‏للمدرسة، ويصاب الناس بالمرض". وأضاف "شعرت بالذنب بطريقة معينة. عدت إلى كندا كشخص آخر".‏

وعزم ناهايو على أن يحدث فرقاً وحلم بالعودة إلى بوروندي ليفتح عيادة طبية. وكان قد درس التمريض خلال برنامج ‏مشترك في كلية ريد ريفر في جامعة مانيتوبا. وعمل في زراعة الأشجار في الصيف وفي المنشآت النفطية شتاءً لجمع ‏المال وبناء العيادة.‏

وبدأ ناهايو بجمع الأدوات الطبية المستعملة من خلال منظمة "إنترناشيونال هوب" الكندية، وهي منظمة خيرية مقرها في ‏وينيبيغ تتبرع باللوازم الطبية للدول الفقيرة. وفي مقابلات على راديو "سي بي سي" اتصل به مستمعون عارضين عليه ‏كراسي مقعدين مستعملة وآلات فحص ضغط الدم.‏

وبحلول عام 2013 كان لدى ناهايو حاوية بحجم 20 قدمًا مملوءة باللوازم الطبية وجاهزة للشحن إلى بوروندي، وتوجه للوطن ‏ليعيش مع عائلته.‏

وخلال العامين التاليين، قام ببناء المبنى، وحصل على الكهرباء من مكان على بعد 2 كيلومتر، وعمل مع السكان المحليين ‏للحصول على الماء، وتعامل مع بيروقراطية الحكومة.‏

وأخيراً، في الخامس والعشرين من نيسان أبريل خلال العام، افتتح جاكسون ناهايو عيادة "أوبنتو" وتحتوي العيادة على ‏مختبر وصيدلية مقدمة خدمة في المجتمع العاجز هناك. وأشار ناهايو "أنا الوحيد في المنطقة الذي يمكنه المساعدة في ‏حالات ارتفاع ضغط الدم، أمراض القلب والسكري ومشاكل الكبد".‏

وأوضح "لدينا هنا حالات مرضية تعتبر قديمة مثل الكزاز والتهاب السحايا والتي تتطلب مضادات حيوية قوية جداً وتكلف ‏الكثير. لكن الناس هنا لا يمكنهم دفع ثمن علاج الملاريا، والذي يكلف حوالي 3 دولارات".‏

في حين أضر عدم قدرة المرضى لديه على دفع ثمن الأدوية بالعيادة. حيث أن صيدلية ناهايو مدينة بحوالي 1000 دولار ‏حالياً ثمن أدوية أعطاها لمرضاه بالمجان. فيما تحتاج للمزيد من الأدوات للمختبر وثلاجة لحفظ الدواء.‏

وبين ناهايو أن المرضى غالباً ما ينسحبون قبل الدفع. ففي العيادات الخاصة الأخرى، يجبر الذين لا يتمكنون من الدفع على ‏العمل لتسديد فواتيرهم، لكنه يريد تجنب هذه الممارسة. بينما نفذ عدة مبادرات لمشاريع مجتمعية لتوظيف الناس، إلا أن هذا ‏الأمر شكل تحدياً.‏

وقبل سنوات، حينما كان يعيش في وينيبيغ، قام بتأسيس منظمة غير حكومية سميت "كيداي"، والتي نتج عنها بعض ‏المشاريع الزراعية ومركز موارد عمل كدار للأيتام. ويعمل الآن بعض الأطفال الذين تربّو في دار الأيتام لدى ناهايو في ‏العيادة.‏

وعبر ناهايو عن شعوره بالقلق حيال المدة الزمنية التي يمكنه بها أن يبقي العيادة مفتوحة، مع الأخذ بالحسبان قلة الموارد في ‏المجتمع، لكنه قال "لدي أمل.. لأنني تلقيت الكثير من المساعدة أثناء السعي لبناء العيادة". وأكد بأنه مستعد للعودة إلى كندا ‏والعمل في زراعة الأشجار من سبيل إبقاء العيادة مفتوحة. مشدداً "لن أسمح بإغلاقها.. أعتقد أنها أفضل شيء يمكن أن أفعله ‏في الحياة".‏

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com