دروب الحكمة متعددة.. تُحرّرنا من التبعية للأشياء
دروب الحكمة متعددة.. تُحرّرنا من التبعية للأشياءدروب الحكمة متعددة.. تُحرّرنا من التبعية للأشياء

دروب الحكمة متعددة.. تُحرّرنا من التبعية للأشياء

لأنه يعيش حالة لا ترضيه؛ كل إنسان مدفوع بلا توقف إلى البحث عن شيء آخر، سواء أكان ذلك البحث عن الشمس في جزر البليار، أم عن الله في معبد، أم عن النسيان في الكحول، أم عن المال في البورصة، أم عن إعجاب في الآخرين.

في كتابه "دروب الحكمة" يدعونا "ارنو دي غردان" إلى إعادة النظر في تجاه وجودنا، فمن أفغانستان إلى التبت، يستوحي ويستمد أفضل الفلسفات الشرقية، ويقدم لنا كتاباً ثرياً في الحكمة التي ترشدنا في طريق تحقيق الذات.

طموح لا حد له

هناك ملاحظة بسيطة يمكن لأي شخص أن يلاحظها وهي: إن ما أطمح إليه في داخلي لا حدود له. ولن أكون سعيداً سعادة كاملة وراضياً عن نفسي إلا إذا أدركت اللامحدود، وخلافاً لذلك سأحتاج دوماً إلى المزيد.

يقول دي غردان إن عدد الرجال والنساء الذين لا يستطيعون اليوم الاكتفاء بعقائد دينية أو فكرية أو الاعتماد على العلوم الإنسانية أو المفاهيم الفكرية في تزايد مستمر؛ لأن هناك طلبا متزايدا وملحا على الحقائق التي تؤكدها التجربة الفردية الحميمة، الحقائق التي يمكن أن "تتحقق" والتي يمكن أن تغيرنا وتحررنا جوانيا. لقد سئم الناس من البقاء في حالة القلق، غارقين في المفاهيم التي لا تغير شيئا.

كن أنت

مفاهيم "الكرمة" (الأفعال ونتائجها)، والـ "مايا" (تترجم عادة بـ "الوهم")، والـ "سامادهي (حالة الوعي المتحرر من الزمان والمكان والسببية) صارت اليوم تحمل على محمل الجد من قبل الكثيرين .

هذه الميتافيزيقية تعلمنا أيضا أننا نعيش عُميانا في عالم وهمي، وأننا أسرى للجهل، وأننا "نائمون"، وأن من هذه الحالة تأتي كل شرورنا ومعاناتنا.

حالة عدم الاستقرار هذه، وهذا الطابع الزائل لكل إبداع أمرٌ يفلت من الإنسان العادي. وفي هذا تحديدا يكمن الجهل الذي يقول الشرقيون إنه مصدر كل الشرور؛ لأننا ننخدع ونؤمن بعالم متين وملموس.

جهل

هذا الجهل، يلازمه التعلق بالأشياء والتبعية. نريد أن تظل ممتلكتنا "مستدامة"، سواء تعلق الأمر بإطار سيارتنا، أو بزوج أحذيتنا.

نريد لبعض اللحظات المباركة أن تمتد إلى الأبد. نريد أن يظل من هم حولنا هم أنفسهم دائما. ولكن الأمر ليس كذلك. لا شيء يبقى هو نفسه أبدا.

وبالتالي فإن التكيف المثالي مع حالة عدم الثبات العام هو الشرط الذي لا غنى عنه لتحقيق السعادة والسلام.

آلية الألم

آلية الألم كامنة في تبعيتنا إزاء الأشياء أو الكائنات الخارجة عنا. وهي التبعية التي تشكل ارتباطا كثيرا من نزينه باسم الحب. لكن إذا كانت سعادتي مرهونة بالأشياء التي أشعر بأنها أشياء تختلف عني فلن أشعر بأمن حقيقي.

نحن اثنان

الممتلكات المادية يمكن أن تضيع، أن تدمر أو تسرق. أما البشر، فأنا أتوقع منهم شيئا ليس في وسعي أن أرغمهم على إعطائه إياي. هذا الانتظار هو واحد من أكبر مصادر خيبة الأمل والحزن. فسواء أحببت أو كرهت ذلك فالآخر مختلف عني ومتغير، ومدفوع بآلياته الخاصة ورغباته. فهو يفلت مني. نحن إذن اثنان.

الماء والحكيم

يتكون الإنسان من عدد قليل من التيارات الخفية التي يطفو بعضها على السطح في بعض الأحيان. امكانياته واستعداداته ضيقة للغاية، ولذا نجد كل واحد دائما فيه واحدة من بعض شخصيات الاعتيادية.

وإذا كان الماء يمكن أن يأخذ شكل جميع الأواني فإن الإنسان سجين لسجل محدودة من الأدوار والمواقف. والحكيم وحده هو الذي يشبه الماء.

أهداف المؤلف

يسعى دي غردان لأن يُعرّف الغربيين بروحانيات الشرق، من خلال أفلامه وكتبه العديدة. لقد تابع تعاليم الروحي سوامي براغنانباد، وقد أنشأ مؤسسة ينقل منها تراثه الروحي. وقد انخرط في الحوار بين الأديان، وهو معترف به دوليا.

دروب الحكمة متعددة. لكنها تمر جميعاً من خلال موقف محترم وسلمي تجاه الآخرين وتجاه الذات.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com