مهن جديدة أفرزتها الحرب الأوكرانية
مهن جديدة أفرزتها الحرب الأوكرانيةمهن جديدة أفرزتها الحرب الأوكرانية

مهن جديدة أفرزتها الحرب الأوكرانية

"فلتذهب هذه الأموال إلى الجحيم وتعود أوكرانيا.." نبرة صوت الخمسيني محسن ورجفة عينه تؤكدان أن هذه الجملة ليست شاعرية أو إنشائية، وإنما خرجت من أعماق قلبه عند إجابته عن سؤال "إرم نيوز": "كيف ساهمت الحرب الأوكرانية في خلق مصدر رزق كبير لك؟".

ويعمل محسن والعشرات من زملائه كسائقي سيارات تقلّ اللاجئين من المدن الأوكرانية إلى أوروبا.

ويشكلون مع عدد من صرافي العملات على الحدود وناقلي السيارات السياحية، فئة من أصحاب المهن الجديدة، التي أفرزتها الحرب الروسية على أوكرانيا.

وأضاف محسن. خ. البالغ من العمر 51 عامًا، وهو فلسطيني مقيم في كييف: "نقلتُ الآلاف من أوكرانيا إلى الحدود المجرية، وقدمت العون للكثيرين مادياً أو جسديا، ولكن أشعر بالخذلان عندما أفكر بأن هذه الحرب القذرة أسهمت في زيادة أرباحي".

وعن عمله قبل الحرب تحدث محسن: "كنت أعمل سائقاً تابعاً لمدرسة مهنية، وفي أيام الحرب الأولى طلب مني أستاذ في المدرسة أن أقلّ عائلته إلى الحدود، ثم تتالت الطلبات من الجوار والأقارب حتى حفظت المعابر الحدودية عن ظهر قلب".

على خطوط النار

ولا تقوى ذاكرة محسن، وهو أب لخمسة أطفال، على استحضار المواقف الصعبة، التي عاشها خلال عمله في الأشهر الماضية لكثرتها.

وهنا قال: "كان أصعبها عندما تعرضنا للقصف على حدود خيرسون، يومها أصابت إحدى شظايا الصاروخ رأس شاب كان يجلس في المقعد الخلفي، شاهدناه وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة إلى حين وصولنا إلى الحدود لإسعافه".

ويخاطر محسن بحياته يومياً ليقلّ اللاجئين من عمق أوكرانيا إلى بلاد الأمان، ليس جشعاً في سبيل المال، وإنما لعدم وجود مصدر رزق آخر يقتات منه.



وقال سائق آخر، رفض الكشف عن اسمه، لـ"إرم نيوز": "في بداية الحرب كنا ننقل السيارات من الداخل الأوكراني لأصحابها في أوروبا، أما اليوم ومع عودة الأمان لبعض المناطق أصبحت حركة نقل السيارات تسير بالاتجاهين".

وأضاف: "أصدر البرلمان الأوكراني قراراً بإعفاء المركبات المستوردة إلى البلاد من الرسوم، فازدادت طوابير السيارات على الحدود، الأمر الذي شكل ضغطاً كبيراً على عملنا".

وعن آلية النقل من أوكرانيا تحدث السائق: "بعد منحنا وكالة قانونية من صاحب السيارة، نقوم بنقل السيارة وتخليص أوراقها على الحدود عبر وسطاء لنا هناك، وإيصالها للحدود البولندية، وهناك يستلمها صاحبها بعد دفع رسوم النقل، التي تبلغ 1000 يورو".

ويحرص ذلك السائق وزملاء مهنته على سلك المعابر والطرق الآمنة، خوفاً على أنفسهم وعلى السيارات المؤتمنين عليها.

وأضاف: "الأمان المطلق أمر مستحيل تحت القصف، لذلك نقوم بوضع مالك بصورة خطورة الطريق واحتمالية تعرض مركبته لأي سوء".

أزمة "الهريفنا"

ويواجه اللاجئون الأوكرانيون في أوروبا أزمة استبدال العملة الأوكرانية الـ"هريفنا"، لأن المصارف الأوروبية لا تقبلها وتعتبرها معدومة القيمة، في الوقت الذي لا يملك فيه اللاجئون سوى أموالاً بالهريفنا.

وفتحت هذه الأزمة الباب أمام عدد كبير من الصرافين الذين امتهنوا تبديل العملة الأوكرانية بالدولار واليورو مقابل عمولة كبيرة، مثل عهد عبيدو، البالغ من العمر 48 عامًا، وهو سوري نزح من أوكرانيا إلى برلين.

وقال عبيدو: "بداية الحرب كانت تمتنع مكاتب الصرافة في أوروبا عن تبديل العملة الأوكرانية بشكل نهائي لكن مؤخراً أوصت المفوضية الأوروبية المكاتب بتحويل ما قيمته 300 يورو لمدة ثلاثة أشهر لكل لاجئ، لكن هذا المبلغ قليل جداً بالنسبة للأوكرانيين المقيمين هنا".

ويقوم عبيدو بتبديل 36 هريفنا مقابل الدولار الواحد بينما يعادل ثمنه في أي مصرف أوكراني حوالي 32 هريفين.

وقال عبيدو: "أقتطع نسبتي من الفرق بين سعر التبديل والسعر الرسمي".

ووقع عدد كبير من الأشخاص ضحية نصب واحتيال بعض الصرافة خاصة تلك التي تتم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وعنها تحدث عبيدو: "دائماً ما يسألني اللاجئون عن صراف ما قام بالاحتيال عليهم، وللأسف حالات الاحتيال كبيرة، خاصة بين الطلاب الذين يقومون بتحويل المبالغ لأشخاص لا يعرفونها تحت وطأة الحاجة".

وتعود أسباب منع تداول العملة الأوكرانية إلى قيام المركزي الأوكراني بتجميد تحويل الهريفنيا إلى النقد الأجنبي لحماية احتياطيات النقد الأجنبية في البلاد، الأمر الذي أدى إلى امتناع المصارف في أوروبا عن تصريف الهريفنيا إلى الدولار أو اليورو.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com