حي الفيصل بالقاهرة.. وجهة اليمنيين المفضلة في مصر
حي الفيصل بالقاهرة.. وجهة اليمنيين المفضلة في مصرحي الفيصل بالقاهرة.. وجهة اليمنيين المفضلة في مصر

حي الفيصل بالقاهرة.. وجهة اليمنيين المفضلة في مصر

عندما وطأت قدماه مطار القاهرة الدولي، كان أول عمل قام به هو سؤال ضابط الجوازات عن كيفية الوصول إلى "حي فيصل" بسعر منخفض.

"عبد الله ناصر سلام" أحد أبناء محافظة صنعاء قدم إلى العاصمة المصرية القاهرة للعلاج، بعد تفاقم وضعه الصحي بسبب تلف جزء كبير من الكبد، رفقة ابنه العشريني. وكان بالنسبة له "حي فيصل" هو كل مصر، ففيه ترتفع أعداد اليمنيين بشكل لافت طوال السنوات الخمس الماضية، والذي وجد جزء كبير منهم استقرارا اقتصاديا وأسريا، وأسسوا لهم حياة جديدة هناك بعد مغادرتهم اليمن فرارا من الحرب، أو للعلاج في مصر.

يقول "عبد الله الرداعي" إن اليمنيين في حي فيصل يقارب تواجدهم نصف سكان الحي، وقال ضاحكا "باتت اللهجة اليمنية هي السائدة في الحي". منذ سبع سنوات غادر "الرداعي" مع أسرته نحو مصر؛ خوفا من بطش الحوثيين، ليستقر في مصر متوقعا وقتها ألا تتجاوز مدة الانتظار بضعة أشهر، لكن الأمر طال وقطع سبع سنوات من عمره.

رغم تلك السنوات لم يفارقه الأمل في العودة إلى بلده، وقد تجاوزت حكم الحوثيين. خلال تلك السنوات أسس له مشروعا صغيرا مع ثلاثة يمنيين آخرين- مطعم للأكلات اليمنية التقليدية - تحضر فيه تفاصيل اليمن عبر المذاق والرائحة.

الستيني "عبدالله سلام" ضمن المئات من اليمنيين الذين يدخلون مصر بشكل يومي، بغرض العلاج، ووفق تقديرات رسمية يصل عدد المترددين على مصر من اليمنيين مائتي ألف سنويا.

قهوة خوجة

قهوة خوجة وسط حي "فيصل" وجد فيها اليمنيون مبتغاهم للجلوس لساعات، وضرب المواعيد للقاء في هذه القهوة الشعبية التي تبيع مشروبات يمنية على رأسها "الشاي العدني". يجلس فيها أبناء الجالية اليمنية ويفضلها الكثير من المرتادين لمصر والمستقرين هناك؛ لتشابه تفاصيلها مع تفاصيل المقاهي الشعبية في اليمن.

يقول رئيس تحرير منصة المشاهد "وهيب النصاري" إن اليمنيين في مصر ترتفع أعدادهم يوما بعد يوم وبشكل لافت.

ويوضح النصاري، الذي يعيش في القاهرة منذ بداية اندلاع الحرب في اليمن، أن دخول اليمنيين عبر مطار عدن وسيئون يجب أن يكون عبر تقرير طبي يؤكد الحاجة للعلاج في الخارج.

وبين أن الكثير من اليمنيين انخرطوا في الحياة المصرية العامة، وباتوا يعملون من أجل مواجهة ظروف الحياة اليومية، مشيراً إلى أن تدخل المنظمات ضئيل ولا يكاد يذكر.

مشروع صغير في مصر

الثلاثيني عبد الرب الشلال، الذي كان يعمل في جامعة صنعاء، قبل أن يستولي الحوثيون على صنعاء، ويشردوا بعض ساكنيها، فر إلى القاهرة وعمل لسنوات في محل لبيع الاكسسوارات والهدايا يمتلكه رجل مصري، لكنه وقبل نحو ثمانية أشهر أنشأ مشروعه الخاص.

يرى الشلال أن الحياة في مصر عكس اليمن، تحتاج إلى تحمل وبذل مزيد من الجهد للوصول إلى حياة مستقرة ودخل مادي مناسب.

وقال لـ"إرم نيوز" إن المناطق التي يتمركز فيها اليمنيون هي الفيصل والدقي والمنيل في القاهرة وهم من ذوي الدخل المحدود، وجاؤوا إلى مصر بغرض العلاج أو فروا من الحوثيين والحرب، في حين يقيم بأحياء الرحاب ومدينتي والمهندسين الذين مستواهم الاقتصادي جيد، أو من المسؤولين اليمنيين في الحكومة الشرعية.

وأكد أن وتيرة شراء العقارات والدخول في استثمارات ومشاريع متعددة ارتفعت، خاصة أن القانون المصري يتيح ذلك بل ويشجعه.

ولفت إلى أن شركات ومؤسسات ومطاعم ومحال متنوعة يمتلكها يمنيون، ازداد عددها بشكل كبير وهائل عما كانت عليه قبل الحرب.

وبين الشلال أن جزءا من رجال الأعمال اليمنيين سحبوا استثماراتهم إلى مصر، مستفيدين من الحضور اليمني هناك في جوانب العمالة والخدمات التي قدمتها السلطات المصرية للمستثمرين، ومنهم اليمنيون.

نصف مليون يمني

بليغ المخلافي، المستشار الإعلامي في السفارة اليمنية بمصر، يضع اليمنيين في مصر وفق ثلاث فئات، هم: "الفارون من جحيم الحرب، والذين يعتبرون مصر محطة عبور لدولة ثالثة، والمترددون بغرض العلاج".

وقال في حديث لـ"إرم نيوز" إن مصر ليست بلد هجرة بل بلد نزوح للكثير من اليمنيين الذين فروا من أوضاع الحرب، خاصة من السياسيين والناشطين والمثقفين والكتاب والصحفيين. معيداً سبب حجم الهجرة باتجاه مصر لأنها " الدولة الوحيدة التي تفتح أبوابها لليمنيين، وبإمكان اليمنيين الحصول على التأشيرة من منافذ الدخول بموجب تقرير طبي".

ثلاث رحلات يومية في الأيام العادية تقلع من مطاري "عدن وسيئون" باتجاه مطارات مصرية، بمتوسط ثلاثمئة شخص يوميا يدخل مصر من اليمنيين، إضافة إلى نسبة من اليمنيين الذين يدخلون مصر من دول أخرى.

يقدر المستشار الإعلامي في السفارة اليمنية بمصر عدد الجالية اليمنية بنحو نصف مليون يمني، منهم خمسة آلاف طالب في مراحل التعليم العالي، نحو ألفين تقريبا على نفقة الدولة. في العام 2014 تم تجنيس ثلاثة آلاف يمني بالجنسية المصرية؛ لأن أمهاتهم مصريات.

بدأ اليمنيون في ترتيب أوضاعهم، لتؤسس في السنوات التالية للهجرة أربع مدارس يمنية فيها أكثر من أربعة آلاف طالب وطالبة، بالإضافة إلى أن المدارس المصرية فيها نحو سبعة آلاف من الطلاب اليمنيين.

وقال المخلافي: مصر تعامل اليمني في مراحل التعليم الأساسي معاملة المصريين، لكن في التعليم الجامعي الأمر مختلف والرسوم مرتفعة قليلا بالنسبة لأوضاع اليمن.

ويرى المخلافي أن الحضور التجاري في مصر يسير في اتجاهين: الأول استثمارات كبيرة لرجال أعمال ينتمون إلى بيوت تجارية يمنية كبيرة، والاتجاه الآخر هي الاستثمارات المتوسطة التي لم يحقق اليمنيون فيها الكثير، وباتت تتقلص في الاستثمار في مجال المطاعم ومحال العطارة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com