المراهقون والانسياق وراء مواقع التواصل.. الأسباب والحلول
المراهقون والانسياق وراء مواقع التواصل.. الأسباب والحلولالمراهقون والانسياق وراء مواقع التواصل.. الأسباب والحلول

المراهقون والانسياق وراء مواقع التواصل.. الأسباب والحلول

يعاني غالبية الآباء في هذا العصر من مشكلة تغلغل مواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات إلى حياتهم عن طريق أبنائهم، بما قد يهدد مستقبلهم ويؤثر على سلوكهم بشكل سلبي، وقد ينتهي الأمر بتدمير حياتهم.

فما هي الأسباب التي تدفع أبناءنا للجري وراء عالم "السوشال ميديا"، وما هي الحلول لمواجهة هذه المشكلة؟

الكسب المادي السهل

وفق المدربة المعتمدة والناشطة في مجال التربية الأسرية والحاصلة على دبلوم استشاري أسري، لانا قاعاتي، هناك عدة أسباب تدفع المراهقين للتعلق بتطبيقات مواقع التواصل، أبرزها، معاناة المراهقين اليوم من غياب الطموح والتركيز على المستقبل ووضع أهداف أمامهم، ما يدفعهم أكثر للغرق في عالم "السوشال ميديا"، الذي يغريهم بالكسب المادي السريع ولو كان على حساب المحتوى، نظرا لغياب قيم تربوية كضرورة العمل وبذل الجهد الذي يحتاجه المرء للحصول على المال.

الضغوط العائلية

وتضيف "قاعاتي" أن انعكاس الضغوط النفسية والاجتماعية وخاصة المادية التي يمر بها الآباء على أبنائهم يدفعهم أكثر إلى الانطواء، خاصة في فترة المراهقة، التي لا يكون الإنسان فيها مهيئا بعد لدخول عالم الواقع، ما يجعله أكثر انجرارا وراء البحث عن متنفس آخر، والبحث عن الطرق السهلة لجني المال بسهولة ومن غير عناء.

الأنشطة البدنية والقدوة الحسنة

ترى لانا قاعاتي أن المراهقين قبل عصر الإنترنت كانوا أكثر تعلقا بالرياضة والأنشطة المفيدة وما يصاحبها من أجواء حماسية، وما تقدمه من قيم كضرورة بذل الجهد والإرادة. في حين أن كثيرا من المراهقين اليوم يفتقدون الحماس لحضور لعبة رياضية معروفة أو لعبة كرة قدم مثلا، وهذا يعني غياب قدوات قد تشكل رموزا للنجاح والطموح لهم، وتشجعهم على ضرورة بذل الجهد.

وتقول الناشطة التربوية: "الرياضات اليوم صارت تندرج تحت بند الرفاهية، فهناك آباء لا يملكون المقدرة المالية لتسجيل أبنائهم في أنشطة بدنية، كما أن منهم من لا يملك الوقت لمتابعة أبنائه في هذه الأنشطة، ما يدفع الأبناء غالبا إلى تفريغ طاقاتهم في ألعاب الإنترنت وتطبيقاته".

وتضيف "قاعاتي" أن هناك سلوكيات سلبية قد تنعكس على الأبناء من جراء تأثرهم بمواقع التواصل الاجتماعي، كعدم قضائهم أوقاتا مع آبائهم، وغياب وجود أصدقاء لهم، وتأثر مستواهم الدراسي، كما أن هناك مؤشرات أخرى قد تظهر على الأبناء كالقلق والسهر، والسمنة أو ما يسمى "النحف العاطفي".

وتشكل الشخصيات الناجحة، وفق "قاعاتي"، خاصة الشخصيات التي تمثل جيل اليوم، قدوة إيجابية يمكن أن يستغلها الآباء لصالحهم بتعريف أبنائهم عليها، وتقديمها كمثال يحتذى به، تجنبا لانجرارهم وراء شخصيات سلبية.

محاكاة المراهقين

وبحسب لانا قاعاتي، من المهم جدا أن يشعر المراهق أن والديه على مقربة من تفكيره، لذا يجب على الآباء النزول بمستوى تفكيرهم إلى أبنائهم، لردم الفجوة التي تجعل الأبناء يشعرون أنهم وآباءهم من جيلين مختلفين.

وتؤكد أن مواكبة الآباء لأبنائهم تمنحهم الثقة، ما يجعلهم أكثر صراحة وانفتاحا؛ لأن خوف الأبناء من ردة فعل الأهل عائق في وجه التواصل معهم، لذا يجب على الآباء أن يكونوا هادئين أثناء التعامل مع أبنائهم وقادرين على السيطرة على انفعالاتهم.

وتقول "قاعاتي" إن من أبرز الشكاوى التي اعتادت سماعها من أبناء ضد آبائهم، تتعلق بنظرة الآباء لهم على أنهم غير مدركين وفي سن صغيرة، وكونهم غير مواكبين للتطور وتقليديين، ويعتقدون دائما أن عالم الإنترنت كله خطأ، وأن جميع المراهقين يحتاجون إلى توجيه، إضافة إلى اهتمام الآباء فقط بالتحصيل العلمي لأبنائهم دون مراعاة لجوانب أخرى في شخصياتهم.

العمر الأنسب

تنصح لانا قاعاتي الآباء بعدم منح أبنائهم هواتف جوالة قبل سن الـثانية عشرة، مضيفة أن "الأفضل إعطاء الأبناء (لابتوب) بدلا من الهاتف الجوال قبل الـ12 من أعمارهم، خاصة مع تحول أنظمة التعليم إلى الإنترنت".

وتتابع: "يجب علينا أن نشرح لأبنائنا سبب عدم رغبتنا في إعطائهم هواتف جوالة، نخبرهم على سبيل المثال أن الهاتف يتم استخدامه للاتصال والعمل وهو ما لا يفعلونه".

وترى "قاعاتي" أنه من المهم جدا أن نجلس مع أبنائنا وأطفالنا لنشرح لهم عن التطبيقات وشروطها والعمر الأدنى المناسب والمحدد لها، ونقوم بتوعيتهم بمخاطر شبكة الإنترنت.

وتضيف: "يجب أن نقدم لهم قصصا من الواقع عن مراهقين تورطوا في قضايا وانتهوا إلى تدمير مستقبلهم بسبب تطبيقات مواقع التواصل، على غرار ما حدث مع المراهقة المصرية حنين، التي حكم عليها بالسجن 10 سنوات بسبب استخدامها تطبيق (لايكي)".

الحوار البناء ومواكبة العصر

وتؤكد لانا قاعاتي على أهمية التواصل مع الأبناء، خاصة أن الأبناء في فترة المراهقة يميلون أكثر للعزلة والابتعاد عن آبائهم، ما يجعلهم أكثر عرضة لسيطرة أفكار خاطئة عليهم، منوهة إلى ضرورة أن تُبنى فكرة التربية على الحوار، لبناء جسر بين الآباء والأبناء.

وتشدد الناشطة التربوية "على ضرورة مواكبة الآباء للتطورات التكنولوجية قدر الإمكان، كي يتمكنوا من متابعة أبنائهم".

ولفتت إلى أنه لا يحق للآباء مطالبة أبنائهم بالانفصال عن واقعهم، الذي يشكل بالنسبة لهم عالمهم وزمنهم، مبينة أن أفضل السبل لمواجهة الواقع المفروض هو الحوار المستمر والدائم مع الأبناء دون خجل.

وتتابع: "إذا رغب أحد الأبناء مثلا في عمل قناة أو التربح من السوشال ميديا، فيمكننا مشاركتهم هذا الطموح، ومساعدتهم في تقديم محتوى مفيد".

وأشارت إلى أهمية بناء الحوار مع الأبناء على المنطق وتقديم البراهين الفعلية حتى يشعروا أننا مهتمون فعلا بهم، وأننا نواكبهم، وقادرون على تقديم المقترحات لهم وفتح باب الخيارات، مبينة أن كلمة "لا" دون تقديم أي حجة منطقية تحول الحوار مع الأبناء إلى "نقاش عقيم".

وتقول "قاعاتي": "علينا تفادي نقطة المقارنات، كأن نقول لأبنائنا (سمعت جارتنا تقول إن هذا التطبيق غير جيد) أو (ابن خالتك لا يلعب على الإنترنت ويقضي وقته في الدراسة)". مضيفة: "يجب أن ندرك أهمية بث الثقة في أبنائنا المراهقين بتحميلهم المسؤولية، وأن نتأكد دائما بأننا الملجأ لهم، وأننا حتى لو غضبنا فهذا لأننا نحبهم، هناك أحيانا عبارات معبرة بسيطة وبديهية نظنها غير مهمة، ومع ذلك فأولادنا بحاجة ماسة ودائمة إلى سماعها".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com