ما ضوابط التغطية الإعلامية في حوادث الانتحار؟

ما ضوابط التغطية الإعلامية في حوادث الانتحار؟

أكثر ما يسيء إلى الشابة ساشا حاج عساف التي تعاني من اضطراب ثنائي القطب (Disorder Bipolar)، الصور التي ينشرها الإعلام في سياق تغطيته لحوادث الانتحار.

وتروي عساف على سبيل المثال حادثة عايشتها، كان التعاطي الإعلامي إزاءها سلبياً، فتقول: "فقدنا شابة رمت بنفسها من أحد الطوابق، وكانت الصورة الرئيسية المرفقة بخبر الانتحار جسد ممدد ومغطى".

وتصف ساشا هذه الصورة بالمسيئة للأشخاص المقربين من الشابة، وتؤثر سلباً في الوقت نفسه على من تراودهم أفكار انتحارية.

وتضيف: "من المهم جداً إذا أرادت وسائل الإعلام تغطية حوادث مماثلة ألّا تستعمل الكلمات والصور المسيئة، وألّا تدخل في خصوصيات الأشخاص، بل يمكنها على العكس أن تكون وسيلة للنجاة من خلال تركيزها على سبل الوقاية وعلى الصحة النفسية والعلاجات المتاحة، بدل التركيز على حالة الانتحار بحد ذاتها".

ما تقدم هو جزء من شهادة ساشا المستقاة من تجربة عمرها عشر سنوات مع الاضطراب النفسي، عرضتها خلال لقاء حواري عن "الانتحار والتغطية الإعلامية"، الذي رعته وزارتا الصحة والإعلام في لبنان بحضور أخصائيين وإعلاميين وممثلة منظمة الصحة العالمية.

معدل الانتحار في لبنان لم يتغير منذ عشر سنوات حتى الآن، وهو يتراوح بين 120 و170 حالة سنويًا
ميا عطوي

الهدف بحسب المنظمين هو "تسليط الضوء على التغطية المسؤولة للإعلام لحالات الانتحار، وعرض مواد تسهم بشكل إيجابي في الوقاية من الانتحار بعيداً عن السبق الصحفي، الذي يتضمن غالباً معلومات منقوصة وغير دقيقة أو صحيحة".

وأشاروا إلى أن التسرّع في نقل الأخبار ونشر الصور والفيديوهات والرسالة الأخيرة وغيرها من التفاصيل، قد تحرّض الذين لديهم أفكار انتحارية على الإقدام على إنهاء حياتهم وتكرار حوادث الانتحار.

وسردت ميا عطوي الأخصائية النفسية ورئيسة جمعية "Embrace" جملة أمثلة عن العبارات المتسرعة التي ترد في وسائل الإعلام المختلفة، ومن شأنها أن تزيد الرغبة بالانتحار، مثال: "الآلاف يرغبون بالانتحار". "الانتحار في لبنان: الموت الذي لا نعرفه أفضل من حياة ندركها"، "حلول العيش في لبنان: الانتحار، الكآبة أو زوارق الموت".

 وأشارت عطوي إلى أن هذه العبارات التي كثر تداولها في السنوات الأخيرة، لا تعكس واقع الحال لأن معدل الانتحار في لبنان لم يتغير منذ عشر سنوات حتى الآن، وهو يتراوح بين 120 و170 حالة سنويًا".

ودعت وسائل الإعلام إلى لعب الدور الذي لعبته خلال مواجهة جائحة كورونا، حيث كانت التوعية الإعلامية عنصرًا أساسيًا في هذه المواجهة.

ما ضوابط التغطية الإعلامية في حوادث الانتحار؟
ارتفاع معدلات الانتحار بـ""نترات الصوديوم" عالميا .. و"أمازون" متهمة

دور الإعلام في التوعية لمواجهة جائحة كورونا، هو نسق يؤمل في أن ينسحب كذلك على موضوع الصحة النفسية.

وفي هذا المعنى يعتبر مدير البرنامج الوطني للصحة النفسية ربيع شماعي أن الإعلام يشكل ركيزة أساسية؛ "لأنه الوسيط بين السياسات الصحية، أو العلم، وبين الرأي العام".

ويعوّل على هذا الدورعلى صعيد تحسين وتحصين الصحة النفسية، لجهة رفع الوصمة عن حالات الاضطرابات النفسية من خلال "التغطية الحساسة " لموضوع الانتحار.

بالمقابل، أشارت نقيبة النفسانيين في لبنان الدكتورة ليلى ديراني إلى الثغرات التي تعتري مقاربة الإعلام ووسائل التواصل المختلفة لحالات الانتحار، مثل تداول الفيديوهات عن حوادث الانتحار، أو نشر آخر رسالة كتبها المنتحر لأهله، وقالت: "إن هذا يتعارض مع الأخلاقيات، فهناك حرمة الفقيد وأيضاً خصوصية عائلته".

وأضافت: "حين ننشر هذه المعطيات لا تعود هناك حرمة للإنسان، وهذا خطأ أخلاقي نقع فيه دون أن نعي ذلك".

تقارب منظمة الصحة العالمية، الصحة النفسية من منظار الصحة العامة ككل، وهي أطلقت في العام 2019 مع  البرنامج الوطني للصحة النفسية، الدليل العملي للإعلاميين حول التغطية الإعلامية لمواضيع الصحة النفسية واستخدام المواد المسببة للإدمان.

كما تعمل مع البرنامج لتعزيز الوصول إلى خدمات الصحة النفسية في المجتمع.

واعتبرت مسؤولة برامج المنظمة في لبنان الدكتورة أليسار راضي أن الوقاية من الانتحار تتطلب جهود جميع أقسام المجتمع من الأسرة والأصدقاء وزملاء العمل والمتخصصين، وأيضاً المسؤولين السياسيين، والأهم من ذلك، وسائل الإعلام".

الأكثر قراءة

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com