بين العربية والفرنسية.. لغة تدريس المواد العلمية تثير الجدل بالمغرب‎
بين العربية والفرنسية.. لغة تدريس المواد العلمية تثير الجدل بالمغرب‎بين العربية والفرنسية.. لغة تدريس المواد العلمية تثير الجدل بالمغرب‎

بين العربية والفرنسية.. لغة تدريس المواد العلمية تثير الجدل بالمغرب‎

عادت قضية "فرْنسة" التعليم المغربي إلى دائرة الأضواء مجددًا، في ظل الصراع المحموم بين الأحزاب المغربية حول "مشروع القانون الإطار لإصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي"، والذي ما زال جامدًا داخل قبة البرلمان.

وأهم نقطة في هذا الصراع تتمحور حول لغة تدريس المواد العلمية والتقنية، حيث يصر حزب "العدالة والتنمية" الإسلامي وحليفه السابق حزب "الاستقلال" على اعتماد اللغتين الرسميتين للبلاد في التدريس وهما العربية والأمازيغية، في المقابل تطالب أغلب الأحزاب بتدريس المواد العلمية والتقنية باللغة الفرنسية والانفتاح على باقي اللغات الأجنبية.

وقال حزب الاستقلال (معارضة)، إن "تدريس المواد العلمية بالفرنسية يعد رهانًا بيداغوجيًا غير منتج، لأن التلميذ المستهدف حاليًا لا يمتلك الكفايات اللغوية الأساسية، التي ستمكنه من الفهم والاستيعاب بهذه اللغة الأجنبية".

وشدد الحزب عبر صحيفته الرسمية "العلم"، على أن التدريس بالفرنسية "يمثل تطاولًا غير مقبول في حق الدستور المغربي، ومقامرة خاسرة بمستقبل الأجيال القادمة".

وفي الوقت الذي يدافع فيه حليفه في الحكومة حزب العدالة والتنمية عن استعمال اللغة العربية في التدريس، أعلن حزب "التجمع الوطني للأحرار"، أمس الأحد وبشكل رسمي عن موقفه حيال لغات التدريس.

وأكد حزب "التجمع الوطني للأحرار"، أنه "سيدافع بكل مسؤولية، عن الاعتماد على اللغات الأجنبية لتدريس المواد العلمية"، وذلك "ضمانًا لجودة التعليم وسعيًا لتحقيق المساواة بين كل فئات الشعب المغربي".

واعتبر المكتب السياسي للحزب، أن "جانبًا من النقاش العمومي حول التعليم أطرته الاصطفافات الإيديولوجية، بدل أن تؤطره الوثيقة الدستورية والخطب الملكية والرؤية الاستراتيجية لإصلاح منظومة التربية والتكوين، كثوابت متوافق عليها".

ومن جهته اعتبر حزب "التقدم والاشتراكية" المشارك في الحكومة، أن التعاطي مع هذا الموضوع "ينبغي أن يسمو على النقاش المغلوط، أو التعامل السياسوي القائم على الانغلاق الهوياتي المتعصب من جهة، أو على طمس هذه الهوية واعتبارها مصدر الداء من جهة أخرى".

ودخل على خط هذا الجدال "حماة" اللغة العربية، والمدافعين عنها، حيث اعتبروا أن تدريس المواد العلمية باللغة الفرنسية "انتهاكًا للدستور المغربي، وانقلابًا على الهوية المغربية".

صراع إيديولوجي

ورأى نور الدين عيوش، عضو المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، أن "هذا النقاش الساخن يتداخل فيه ما هو سياسي وهوياتي وثقافي"، مؤكدًا أن "بعض الأحزاب تعاملت مع هذا الملف المهم والذي يمس كل فئات المجتمع المغربي من منطق إيديولوجي صرف".

وأضاف عيوش في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "حزب العدالة والتنمية الحاكم يريد إبقاء العربية كلغة وحيدة في تدريس جل المواد التعليمية، وهذا ليس سليمًا من الناحية البيداغوجية"، مبرزًا أن اللغة العربية ليست مقدسة، وحرمان التلاميذ من دراسة المواد العلمية والتقنية باللغات الأجنبية "لن يحقق المساواة بين فئات الشعب، كما أنه لن يصنع جيلًا قادرًا على الاندماج في سوق الشغل".

وطالب عيوش بتجاوز اللغة الفرنسية لكونها محدودة في العلم والتعليم، والعمل على تدريس المواد العلمية والتقنية باللغة الإنجليزية لكونها لغة عالمية، كما "ستتيح للطلبة الراغبين في مواصلة دراستهم بالجامعات الأجنبية إدراك معارف أخرى والنجاح في مسيرتهم بكل انسيابية".

من جانبه، قال نور الدين مضيان، القيادي ورئيس فريق حزب الاستقلال بمجلس النواب، في تصريح لـ "إرم نيوز"، إن "المدافعين عن تدريس المواد العلمية باللغة الفرنسية لوبي متوغل في المجتمع المغربي هدفه الوحيد الدفاع عن مصالحهم بالمملكة".

وأضاف مضيان، أن حزب الاستقلال "ليس ضد تعلم اللغات الأجنبية وتدريسها وإنما يريد تدريس اللغات (الفرنسية والإنجليزية وغيرها) انطلاقًا من المستوى الابتدائي حتى يستطيع التلميذ امتلاك الكفايات اللغوية الأساسية، التي ستمكنه من الفهم والاستيعاب منذ المراحل الأولى". مبينًا أن "إقحام الفرنسية في المستويات الأخرى (الإعدادي والثانوي) دون تدريسها منذ البداية سيجعل التلميذ في متاهة كبيرة".

ولفت المتحدث، إلى أن أغلب الدول العالمية تقدمت بلغتها الأم، مشددًا على أن حزب الاستقلال يتبنى موقفه الداعم للعربية انطلاقًا من الهوية الإنسية المغربية ومن الفصل الخامس للدستور والذي أقر لغتين فقط (العربية والأمازيغية). مبينًا أن "الفرنسية لغة الأدب والمسرح وليست لغة العلم والتكنولوجيا".

وظل هذا الصراع "الهوياتي" قائمًا بين قطبين رئيسيين منذ استقلال المغرب، قطب يدعو إلى اعتماد الفرنسية لغة التعليم للحفاظ على الإرث الذي راكمه المغاربة خلال فترة الاستعمار، وقطب آخر يدعو إلى تبني توجه الحركة الوطنية الداعية إلى التعريب، للحفاظ على الهوية الوطنية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com