بسبب التشدد والتضييق ..كاتب يطالب بإنشاء متحف للجهل في السعودية
بسبب التشدد والتضييق ..كاتب يطالب بإنشاء متحف للجهل في السعوديةبسبب التشدد والتضييق ..كاتب يطالب بإنشاء متحف للجهل في السعودية

بسبب التشدد والتضييق ..كاتب يطالب بإنشاء متحف للجهل في السعودية

طرح كاتب سعودي، اليوم الاثنين، اقتراحًا طريفًا مطالبًا فيه بإنشاء متحف للجهل في المملكة، يسلط الضوء على حقبة عانى فيها السعوديون من ارتفاع حدة التشدد والتضييق على نشاطاتهم الاجتماعية والترفيهية.

وقال الكاتب حسين شبكشي "إن متحف الجهل هو أعظم شهادة بحق ما وصلنا إليه وما نحلم بالوصول إليه.. هذا المتحف مهم جدًا؛ لأنه سيظهر لنا المسافة العظيمة التي قطعناها معتمدين على العقل والنية الحسنة والتدبير وعدم التقيد بالجمود والنص الحرفي".

اقتراح صادم

وأضاف في مقال نشرته صحيفة "عكاظ" المحلية، أنه "بالرغم من الاقتراح قد يبدو صادمًا للبعض، إلا أن الأجيال الحالية من الشباب عليهم أن يعلموا أن ما وصلنا إليه اليوم هو نتاج مواجهات وجمود أتعب من قبلهم وأجهدهم، ولذلك من المهم جدا أن يروا أين كنا وإلى أين وصلنا؛ حتى يحافظوا على النعمة ولا يسمحوا بخطف العقول مجددًا".

واقترح الكاتب أن يضم المتحف أشياء كانت ممنوعة مثل: " الراديو، والتلفزيون، والصورة، والكاميرا، والكبك، والساعة، وجهاز إرسال البرقية، والسيارة، والسيكل، والغترة البيضاء، وتعليم البنات، والسينما، والكاميرا، والجوال وغير ذلك من الأشياء التي أصبحت اليوم جزءًا من حياتنا اليومية ولم تغير في ديننا".

تجارب دول متقدمة

واستشهد شبكشي بتجارب دول متقدمة كألمانيا التي أقامت نصبًا تذكاريًا ومتحفًا يذكر الجميع بأهوال النازية وجرائمها والاستفادة من جروح وآلام ما حدث.

وكذلك الأمر في الولايات المتحدة التي أنشأت متحفًا يبرز جرائم مُورِست بحق العبيد من أصول أفريقية، وهو ما فعلته أيضا جنوب أفريقيا.

وفي إسبانيا، أقاموا صرحًا عظيمًا ليذكرهم بأهوال الحرب الأهلية الكبرى التي حصلت عندهم؛ منعًا لوقوعها مجددًا.

انتصار التجديد

وحقق أنصار التجديد في المملكة العربية السعودية خلال العام الماضي "إنجازات" غير مسبوقة تمكنت من إيقاف مد التيار المحافظ وسحبت البساط ببطء وثبات من تحت أقدام المتشددين بدعم رسمي وقرارات وأوامر ملكية، تتوافق ورؤية المملكة 2030 للانفتاح الاجتماعي والاقتصادي.

وحظيت خطوات التجديد الطموحة برضا ودعم نخب ثقافية وحقوقية، وتواءمت مع شغف السعوديين للانفتاح والترفيه اللذين حُرموا منهما على مدى عقود.

ويرى الحقوقي السعودي الشهير، عبد الرحمن اللاحم، أن العام 2017 "لم يكن عامًا اعتياديًا يمر كغيره من الأعوام على السعوديين، ينتظرون آخر ليلة فيه ليراقبوا على شاشات الفضائيات احتفال الجيران برأس السنة الميلادية الجديدة، وهم يقبعون في مجالسهم واستراحاتهم وفي مواقع التواصل الاجتماعي على حالة الجفاف الترفيهي ومحاربة الفن والجمال وآخر هجمات المتطرفين وفتاواهم، ويعرجون على القضية الأشهر وهي قيادة المرأة السيارة".

ويضيف الكاتب والمحامي أنه "لا يسعنا إلا أن نسمي عام 2017؛ عام سقوط الأوهام التي كنا مأسورين إليها فأعاقت حركتنا ومنعتنا من أن نمارس الحياة الطبيعية كبقية البشر، فحُطمت الأغلال وانطلقت القاطرة نحو مستقبل لا غلاة فيه ولا متطرفين".

وكثيرًا ما توصم دعوات الانفتاح أو الانحياز للفنون أو رفض رقابة الشرطة الدينية، بأنها دعوات خارجة على أعراف المجتمع السعودي، ومدسوسة من الخارج، ويروج لها دعاة الليبرالية، أو ما يحلو لبعض السعوديين وصفهم بـ "بني ليبرال" للإمعان في الاستهزاء بهم.

محاربة "الصحوة"

وطال تيار "الصحوة" المحافظ خلال الأشهر الأخيرة انتقادات غير مسبوقة، ورصد "إرم نيوز" وسومات عدة أطلقها مغردون في تويتر، تتهجم على دعاتها، وتنال منهم بالتجريح والسخرية، في حين اتسمت الانتقادات للتيار المحافظ على مدى العقود الماضية بالفردية، وعدم تحولها إلى تجمعات إلكترونية.

ولم يعد السعوديون يتخوفون من الحديث عن مصطلحات ومفاهيم كانت من الأمور شبه المحظور الحديث والدفاع عنها؛ كالعلمانية والليبرالية والمواطنة والفلسفة.

وباتت النقاشات حول الفلسفة من الأمور الحاضرة في الأروقة الثقافية السعودية؛ لتكون محور منتديات أدبية ومقالات نقدية، في خطوة شكلت تحديًا للتيار المحافظ الرافض لها منذ عقود.

وبعد بقاء المناهج التعليمية في المملكة خالية من مادة الفلسفة لعقود، رضوخًا لتوجهات التيار المحافظ، الرافض لتعليمها، برزت دعوات أطلقها مثقفون وأكاديميون تطالب بإدراجها في المناهج بما يتوافق وتوجهات الإصلاح الجديدة.

ويرى الكاتب السعودي، حمود أبو طالب، أن تعليم الفلسفة لم يعد ترفًا بل ضرورة لتعليم الناشئة، مطالبًا بضمها للمناهج، معتبرًا أن "التعليم بحاجة إلى تنقية وحذف كثير من اللا مفيد والضار في مناهجه، وإضافة أشياء أصبحت أكثر من ضرورية لكل البشر في هذا الزمن".

أنصار الحداثة يتنفسون الصعداء

وعبر كثير من المثقفين السعوديين عن تفاؤلهم بوعد ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، الذي أطلقه في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بتدمير التطرف، معتبرين أنه يجسد انتهاءً لحقبة "الصحوة".

وقال الكاتب السعودي، وحيد الغامدي، إن عبارة "سندمر التطرف؛ أجمل عبارة سمعناها خلال عقود".

ورأى الصحافي السعودي عبد الله وافيه، في تصريح ولي العهد أنه يحمل "رسالة صريحة وواضحة لجيل يتطلع لحياة طبيعية ملونة بالفرح بعيدًا عن التشدد وما زرعته الصحوة وسرقت أجمل العمر منا".

وأضاف الكاتب والشاعر السعودي، عبد الله محمد المقرن، إن ‏ "أصحاب الغلو سرقوا من أعمارنا 38 سنة وحينما كنا نكافح الغلو بالكلمة اتهمونا في ديننا".

من جانبها؛ شددت الكاتبة وعضو مجلس الشورى، لطيفة الشعلان: "لن نضيع ثلاثين سنة أخرى من حياتنا في التعامل مع الأفكار المتطرفة".

وفي إطار تعليقه على أسباب النقلة الجديدة في التوجهات السعودية، قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان آل سعود، إن مشروع الصحوة انتشر في المنطقة بعد العام 1979 لأسباب كثيرة، "فلم نكن بهذا الشكل في السابق، نحن فقط نعود إلى ما كنا عليه، إلى الإسلام المنفتح على جميع الأديان والتقاليد والشعوب".

ويرى كثير من المثقفين السعوديين في القرارات التي شهدها النصف الثاني من العام الحالي، انتهاءً لحقبة الصحوة؛ وأبرزها وأشدها تأثيرًا كان قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة، وقرار السماح بافتتاح دور سينما، بالإضافة لقرارات أخرى كالسماح للسعوديات بدخول الملاعب وحضور المباريات الكروية، واستضافة المملكة لحفلات فنية عائلية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com