إذاعة الجيش الإسرائيلي تقول إن 30 صاروخا أطلقت من لبنان باتجاه طبريا وتم رصد سقوط 3 منها
يعد الكاتب كمال الرياحي أحد الأسماء البارزة في تيار التجديد على خارطة الأدب التونسي؛ إذ اعتاد أن يغرد خارج السرب دائما سواء على مستوى النص أو الرؤية الفكرية والثقافية.
ولا تقتصر إسهاماته الوافرة على الإنتاج الإبداعي في القصة القصيرة والرواية، بل تمتد لتشمل النقد والبحث العلمي، وإلقاء المحاضرات وتقديم البرامج الثقافية في الإذاعة والتلفزيون.
من أعماله "فرانكشتاين تونس"، "المشرط"، "الغوريلا"، " عشيقات النذل"، "نوارس الذاكرة".
وتحدث الكاتب لـ"إرم نيوز" عن رؤيته الحالية ومنصات التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي ومدى تأثيرها في الأدب والأدباء.
كتابك الصادر مؤخرا يحمل عنوانا صادما هو "الرواية.. تموت أم تترنح؟"، ما السبب وراء تلك الرؤية المتشائمة؟
أعتقد أن الرواية في العالم كله تعيش أزمة ما، إما أن تنتفض من رمادها كما عودتنا، وتنطلق انطلاقة جديدة تعيد لها قوتها، أو تتلاشى تدريجيا.
عربيا، نعيش فن الرواية وضعية حرجة، من أعراضها الاستسهال وانعدام الأصالة في النصوص والسقوط في السطحية والمباشرة.
هل ينتهي قريبا "زمن الرواية" إذن؟
الرواية كجنس أدبي لا يمكن أن نثق بخلوده، فلم يكن أبدا أمرا سرمديا وكما كانت له بداية قد تكون له نهاية ولو رمزية، والحقيقة أن عبارة "زمن الرواية" انتهت منذ زمن، وقبل حتى رحيل صاحب المصطلح الناقد المصري الدكتور جابر عصفور.
نحن الآن في زمن آخر "غير أدبي"، نحن في زمن الذكاء الاصطناعي والهاتف الذكي والألعاب الإلكترونية والعملة الرقمية، زمن التيك توكر والإنستغراميين، ولسنا في عهد الروائيين.
ونحن في زمن صناع المحتوى، لا زمن النقاد مهما كابرنا. نحن أقلية مهددة بالانقراض، ديناصورات تحاول أن تتأقلم مع العصر وهذا صعب.
هل أصبحت منصات التواصل الاجتماعي تلعب دورا في الترويج للرواية السيئة؟
منصات التواصل الاجتماعي للأسف انحرفت نحو إنتاج التفاهة والترويج لها، كما انحرفت بعملية القراءة نفسها، وقد حذرت يوما من مجموعات القراءة التي تتجمع لتمدح كتابا ضعيفا؛ لأنه أهدى المجموعة نسخا مجانا، أو أهداها لهم ناشر في إطار خطته لترويج سلعته.
للأسف هوية القارئ ضُربت وأصبحنا أمام حشود من المتابعين والمروجين والمؤثرين، ولسنا أمام قراء، إن هذه الحشود تذهب إلى معارض الكتاب لالتقاط صور مع الكاتب أو الحصول على توقيعه، دون أن تقرأ الكتاب نفسه.
هل هذا المناخ السلبي يصيبك بإحباط كلما فكرت في كتابة رواية جديدة؟
كان ذلك في البداية، لكني الآن أكتب من باب اليقين بما أسماه الكاتب اللبناني إلياس خوري بزمن "ما بعد اليأس"، ذلك الزمن اللامبالي بما سيحدث. نحن نكتب فقط لأنه ليس لنا صنعة أخرى نمارسها ولا طريقة أخرى للتعبير.
لماذا يشكل "شارع الحبيب بورقيبة" فضاء مكانيا متكررا في العديد من أعمالك؟
شارع الحبيب بورقيبة هو مختصر تونس، هو الشارع الرئيسي في العاصمة، الشاهد على كل تاريخها وتحولاتها الاجتماعية منذ الاستعمار الفرنسي إلى اليوم. إنه مصب للأرياف والمدن وهو شارع المهمشين والرسميين لذلك سميته في روايتي "المشرط" بـ "شارع الشوارع".
كيف تجمع في رسم شخصياتك الروائية بين الطابع الأسطوري والحس الواقعي معا في آن واحد؟
أنا سليل الفنطازيا وعالم عجائي وخرافي، فقد نزلت العاصمة قادما من قرية كل ما فيها أساطير وخرافات يرسم ملامحها العمالقة والأشجار والغيلان.
أنا سليل قصص الكائنات الخرافية التي كان يرويها لنا والدي وسليل القرى المظلمة والجبال الموحشة، سليل ذلك الخيال الذي أقاوم به كل ذلك الخوف الذي عشته في طفولتي في سفح جبل منسي.
أيهما أقرب إليك، وتراه يحدد هويتك أكثر، الإبداع الأدبي أم النقد أم إلقاء المحاضرات؟
لا شيء يحدد هويتي، فأنا كل هذا، وقديما كانت العرب تتحدث عن الكائن الموسوعي العالم والأديب، أكره أن أحدد في هوية واحدة.
أحب هذا التعدد، وأعتقد أنه خدمني ولم يضرني، فليس المهم كم رواية كتبت، بل أي روايات تكتب وكيف تتطور وتتقدم، وهذه الهويات الأخرى تجعلك على اطلاع بما يُكتب هنا وهناك.
ألا تخشى أن تعطلك أدوارك الأخرى عن الإبداع الأدبي؟
لا، أنا أؤمن بأنني كائن "أروكسترالي" وكل نشاط بالنسبة إليّ يخدم الآخر، أو يخدم هويتي الشخصية، أكتب وأعبر عبر التعدد، وأمارس هذه الفنون بحرية مطلقة، دون أن أكون تحت وصاية أحد، لا ناشر ولا مؤسسة.
كيف تقيّم تجربة أدباء المهجر من العرب الذي ألقوا رحالهم في الغرب من واقع تجربتك كأديب يقيم بكندا؟
بسبب التطور التكنولوجي، لم تعد تلك المنافي منتجة لأدب جديد مختلف عن الأدب الذي يُكتب في الداخل؛ لأن الكاتب المهاجر في تواصل دائم مع الداخل، ولم ينفصل عنه انفصالا كليا إلا فيما ندر.
أعتقد أن المنافي والمهاجر حاضنة أساسية للإبداع العربي منذ نشأته، وأن الكاتب الحقيقي ينبت أينما رُمي به، كنبتة الصبار تعيش وتنمو رغم العطش.