خطط لتغيير الهوية الإسلامية لمسجد قرطبة في إسبانيا
سربت الصحافة الإسبانية تفاصيل عن خطط للكنيسة الكاثوليكية في إسبانيا، تهدف إلى تغيير الطابع الإسلامي لمسجد قرطبة الشهير.
ويعد مسجد قرطبة واحدًا من أروع المباني في أوروبا، ويعكس الطراز المعماري الإسلامي، وقد أسَّسه بنو أمية على مراحل بين أواخر القرن الثامن وأوائل القرن العاشر الميلاديين.
ورغم أنه تحول في العام 1236 ميلادي إلى كاتدرائية، لكن ذلك لم يغير شيئًا من هوية المسجد الإسلامية، سواء في المسجد أو في الأبنية المحيطة به.
وذكرت صحيفة الأوبزرفر البريطانية، السبت، أن هذا الملمح الإسلامي للمبنى، وللمساحة المحيطة به، بات يعد مشكلة للبعض، "إذ انطلقت حملة طويلة من قبل الكنيسة الكاثوليكية لتقليص التراث الإسلامي للمبنى، والنظر إليه في المقام الأول على أنه معلم مسيحي".
وفي أحدث خطوة في هذه الحملة، وفقًا للصحيفة، سُرب تقرير جديد لأسقف قرطبة، ديميتريو فرنانديز غونزاليس، إلى صحيفة الباييس الإسبانية، يدعو إلى "إعادة تصميم المساحة الكاملة" لمنطقة المسجد لضمان عدم اعتبار قرطبة "مدينة إسلامية".

ويهدف المخطط إلى "تصحيح" ما تعدُّه الكنيسة رؤية إسلامية "مبالغًا فيها" لماضي المدينة؛ حيث قال تقرير أسقف قرطبة، إن "الحاجة إلى إعادة تصميم مساحة المسجد بأكملها ناشئة عما انتهينا إليه من أن قرطبة تغلب عليها صبغة ثقافية قوية للغاية: وهي كونها مدينة إسلامية".
وكان أسقف قرطبة أثار من قبل، جدلًا واسعًا خلال تصريحات قال فيها، إن "مسجد قرطبة تجسيد للفن المسيحي"، زاعمًا أن "الخلفاء الأمويين لم يكن لديهم مهندسون معماريون ولم يبدعوا فنًا جديدًا، والمسجد ليس تجسيدًا لفنون العمارة الإسلامية. لقد لجأوا إلى مواطنيهم المسيحيين في دمشق ونقلوهم إلى قرطبة لإنشاء المسجد. ولذلك فهو ليس تجسيدًا لفن إسلامي، إنها عمارة بيزنطية".
وشيد مسجد قرطبة على طراز المسجد الأموي بدمشق، ويتألف من حرم عرضه 73.5 متر، وعمقه 36.8 متر، مقسم إلى 11 رواقًا، بواسطة 10 صفوف من الأقواس، يضم كل منها 12 قوسًا ترتكز على أعمدة رخامية، إضافة إلى وجود 4 حدائق في فناء المبنى وتُسمى الرياض، وزخارف هندسية وأرابيسك متقنة من الخشب والجص.
وتُزين جدران وأعمدة المسجد الكثير من العبارات ومعظمها آيات قرآنية.
ويتميز مسجد قرطبة بمزيج معماري بديع، وفقًا لصحيفة الأوبزرفر، إذ دمج الجماليات الفنية الشرقية والغربية وتبنى التقنيات الرومانية والقوطية في البناء، وتضمن عناصر لم تكن معروفة سابقًا في العمارة الدينية الإسلامية مثل استخدام الأقواس المزدوجة لدعم السقف ومزج الحجر بالطوب.
ولم يكن المسجد، خلال التاريخ الإسلامي في الأندلس، دارًا للعبادة فحسب، بل كان أيضًا جامعة للتدريس، وكان "أحد أعظم مراكز التعيلم في العالم"، بحسب الأوبزرفر.
وتضيف الصحيفة، أن "الجيوش الإسلامية الأولى جاءت إلى شبه الجزيرة الأيبيرية في العقد الأول من القرن السابع الميلادي لتجعل قرطبة، عاصمة الأندلس، أو إسبانيا المسلمة، بحلول القرن العاشر، واحدة من أهم مدن أوروبا، وكان قلب المدينة هو المسجد".