أصدرت هيئة مفوضي الدولة بمحكمة القضاء الإداري المصرية تقريرًا يوصي بأحقية زوجة سجين في الحصول على العينات والتحاليل الطبية اللازمة من زوجها المحكوم عليه بالسجن المشدد لمدة 15 عامًا، بغرض إتمام عملية حقن مجهري على نفقتها الخاصة.
وفي سابقة قانونية فريدة، أكدت الهيئة أن السماح لزوجة السجين، المودع بأحد السجون بمحافظة المنيا في صعيد مصر، بالحصول على العينات اللازمة لإجراء الحقن المجهري لا يشكل مساسًا بالأمن العام، بل يأتي اتساقًا مع نصوص الدستور وروح القانون، ويعد امتدادًا للحقوق الدستورية والإنسانية المكفولة للسجناء، بما في ذلك الحق في تكوين أسرة والرعاية الصحية، حتى لو تطلب الأمر نقل السجين إلى مستشفى خارجي.
وأشار التقرير إلى أن الدستور المصري ينص على أن "الأسرة أساس المجتمع"، وتلتزم الدولة بالحفاظ على تماسكها واستقرارها وترسيخ قيمها، مؤكدًا أن هذا المبدأ الدستوري لا يسقط عن المواطن بمجرد دخوله السجن.
وبين التقرير أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بناءً على قانون، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي، ولا يعاقب إلا على الأفعال اللاحقة لنفاذ القانون، وهو ما يعزز مبدأ المشروعية والعدالة القانونية.
واستندت الهيئة في توصيتها إلى عدد من الأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية العليا والمحكمة الدستورية العليا، كما استشهدت بقضية "ديكسون ضد المملكة المتحدة" أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، التي أقرت بأن السجن لا يعني فقدان السجين لحقوقه الأساسية، وأن حرمانه من التلقيح الصناعي يعد انتهاكًا للمادة الـ8 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي تكفل الحق في احترام الحياة الخاصة والأسرية.
كما أشار التقرير إلى القانون رقم 396 لسنة 1956 بشأن تنظيم السجون، والمعدل بالقانون رقم 14 لسنة 2022، الذي نص صراحة على حق السجين في المعاملة الإنسانية، وحقه في الزيارة، والرعاية الصحية، وإجراء التحاليل والفحوص الطبية اللازمة.
ويمثل هذا التقرير خطوة مهمة نحو توسيع نطاق الحقوق الإنسانية للمسجونين في مصر، ويبرز اتساع أفق القضاء الإداري في التوفيق بين مقتضيات العقوبة وضرورات الحياة الأسرية والحقوق الدستورية.