وسائل إعلام إسرائيلية: 25 صاروخا ومسيّرة أطلقت من لبنان منذ فجر اليوم

logo
منوعات

المكدوس السوري.. من "نملية" الفقراء إلى موائد الأغنياء (صور)

المكدوس السوري.. من "نملية" الفقراء إلى موائد الأغنياء (صور)
المكدوس السوري
31 أغسطس 2024، 4:10 م

انتقل المكدوس السوري، من "نملية" (مكان لحفظ المؤن) الفقراء، إلى موائد الأغنياء، نتيجة التكاليف الباهظة التي باتت تتطلبها مؤونة العائلة من المكدوس سنويًّا.

ويُعدُّ المكدوس من الأكلات الأساسية على موائد الفطور والعشاء، في بلاد الشام، وترجع صناعته لزمن بعيد، أصبح خلاله أبرز الأكلات الشعبية المعتمدة على منتوجات البيئة كاملة.

ويتكون المكدوس، من الباذنجان المسلوق المنشف من الماء، والمحشي بالجوز البلدي والفليفة الحمراء والثوم، والمغمور بزيت الزيتون طيلة العام.

f4cab964-428f-4628-a926-41aca59abcf7

طقوس شعبية

ودأبت الأسر السورية على التعاون في أثناء أشهر المؤونة، إذ يجتمع الجيران لتجهيز الباذنجان والملوخية والبامياء والبندورة وغيرها من المنتجات، في منازل أبناء الحارة تباعًا، بهدف الانتهاء بسرعة من تجهيز الكميات الكبيرة التي تكفيهم خلال السنة.

"إرم نيوز" زار العائلات السورية المنهمكة بموسم المكدوس، فاسترجع الجميع أيام زمان، عندما كان الرزق وفيرًا، والأسعار رخيصة، والحياة الاجتماعية يسيرة لا تعقيدات فيها.

تقول أم محمد: "كنا في الماضي نجتمع لسلق الباذنجان على الحطب، ونقضي ساعات طويلة من الليل بانتظار نضوجه، ثم فرده ليبرد، وبعدها نعرضه للضغط في طناجر كبيرة كي ينشف من الماء".

ويتبادل الجيران صحون المكدوس، ويتباهون بجودته وخبرتهم في صنع هذه الأكلة المفضلة، بعد أن تُغمر بزيت الزيتون مدة كافية، إذ تزداد لذتها كلما غمرها الزيت مدة أطول.

8f663ea8-bc5e-4306-bfa1-b2bb854fa602

تعديلات على صناعة المكدوس

وتضطر معظم العائلات السورية لإجراء تعديلات على صناعة المكدوس اقتصادًا بالتكاليف في هذه المرحلة، فيستبدل بعضهم الجوز البلدي بالفستق أو اللوز، وبعضهم الآخر يستبدل زيت الزيتون بالزيت الأبيض، ويخفض آخرون كمية المؤونة، نتيجة الأسعار المرتفعة.

وتقول أم قصي لـ"إرم نيوز": "أفضل أنواع الباذنجان هو الأبيض المائل للزهري، الذي نسميه الحمصي، ويوجد أنواع أخرى أقل سعرًا يشتريها بعضهم، وفي مناطق أخرى يفضلون الباذنجان الأسود".

 وتبعًا لحسابات أم قصي، فإن مؤونة العائلة المتوسطة من المكدوس، تصل تكلفتها إلى مليون ونصف ليرة، "100 دولار"، وهو مبلغ ضخم بالنسبة لأصحاب الدخل المحدود.

f10bc7d2-1412-448c-a713-8b63f74bfadf

أم علي السلوم

وتشتهر أم علي السلوم، بأنها أفضل من يصنع المكدوس في ريف حماة الشرقي، فالطلبات تصلها من المناطق جميعها، من الأسر التي لا تملك الوقت الكافي لصنع المكدوس، وتقول أم علي:

"هذه الأكلة الشعبية كلها خير وبركة، وقد بدأت مع زوجي بمشروع صغير لصناعة مواد المؤونة وبيعها، وانطلق مشروعنا بـ20 كيلو باذنجان، ثم تطور ليصبح مشروعًا صغيرًا".

نسأل أم علي، الجالسة في محل البيع، عن مشغل المكدوس، فتدلنا عليه، وعندما نصل، يكون زوجها بانتظارنا مع مجموعة من العاملات، يقول أبو علي لـ"إرم نيوز":

"نذهب إلى سوق الهال يوميًّا لنتسوق كمية الباذنجان المناسبة لصناعة المكدوس، وهذه مهمة تتطلب الخبرة، ثم نشرع بتجهيز طلبات الزبائن غير القادرين على صنعه بأنفسهم، وقد حققنا شهرة بسبب نظافة العمل وجودته".

ويضيف أبو علي: "يوجد نوع نخب أول، يمتاز بحشوة المكدوس الأصلية، وأنواع أخرى تناسب أصحاب الدخل المحدود، تكون محشوة بالفستق أو اللوز، أو غير ذلك تبعًا لطلبات الزبون".

ويعاني مشغل أم علي السلوم، من قلة المحروقات لسلق الباذنجان، ويضطرون أحيانًا لشراء الحطب، وتتمنى لو أنهم قادرون على شراء معدات الطاقة الشمسية التي تختصر كثيرًا من التكاليف.

وتضيف أم علي: "ننقّي الباذنجان حبة حبة، ونغسله ثم نجمعه في القدر الكبير من أجل السلق، على حين تجهز أخريات الفليفة الحمراء ومكونات الحشوة الأخرى، ونعتمد على العمل اليدوي بسبب غياب الطاقة".

ويمكن للزبائن اختيار نوع المكدوس ومستوى حشوته حسب الطلب، وقد يشتري بعضهم الباذنجان المسلوق والمنشّف، ثم يكملون حشوه في المنزل، وبسبب الضائقة المالية، يضطر بعضهم للاستغناء عن الجوز نهائيًّا، فيكتفون بالفليفلة الحمراء.

وتحتاج العائلة المتوسطة، إلى 100 كيلو باذنجان، لصنع مؤونة المكدوس الكافية لسنة كاملة، ولكن كثيرًا من الناس خلال السنوات الماضية، عزفوا عن صناعة المكدوس بسبب تكاليفه الباهظة.

ويعدُّ زيت الزيتون والجوز البلدي، أكثر مكونات المكدوس غلاءً في السعر، ومن دونهما يفقد المكدوس نكهته المميزة التي تجذب المغرمين بهذه الأكلة التراثية.

وتضيف أم علي: "للأسف، يوجد كثير من الناس، تستبدل حشوة المكدوس المعروفة، بحشوة مكونة من مواد أخرى نتيجة الغلاء، بالإضافة للاستغناء عن زيت الزيتون الغالي جدًّا، ولكن ذلك يؤثر في جودة المكدوس".

يتندّر السوريون اليوم على متمونيّ المكدوس، ويعدُّونهم من الطبقات الفارهة، ويسترجعون أيام زمان، عندما كانت هذه الأكلة، لا تترك منزلًا إلا وتكون على رأس المائدة فيه، فالمكدوس لم يعد شعبيًّا للأسف!

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC