هربا من كورونا.. التونسيون يبدأون "موسم الهجرة" إلى الأرياف
هربا من كورونا.. التونسيون يبدأون "موسم الهجرة" إلى الأريافهربا من كورونا.. التونسيون يبدأون "موسم الهجرة" إلى الأرياف

هربا من كورونا.. التونسيون يبدأون "موسم الهجرة" إلى الأرياف

تشهد تونس منذ انتشار فيروس "كورونا" "هجرة داخلية" نحو المناطق الأقلّ تضررًا من الفيروس، وخصوصًا أرياف الشمال الغربي، في مشهد أعاد المعادلات وقلب الموازين، بعد أن كانت الهجرة "عكسية" في اتجاه العاصمة والمدن الكبرى.

ويتوافد التونسيون هذه الأيام، بشكل لافت، على المناطق الريفية التي تكون فيها احتمالات الإصابة بالفيروس أقلّ بكثير من المدن الكبرى، حيث الاكتظاظ والاختلاط الاجتماعي، الذي يمثل أرضية لانتشار الفيروس وانتقال العدوى.

هروب إلى الأرياف

ويعمل مئات الآلاف من التونسيين المنحدرين من المحافظات الداخلية في العاصمة والمدن الكبرى بالساحل التونسي، ومع تشديد إجراءات الحجر الصحي العام، واضطرار مئات الشركات إلى إغلاق أبوابها، والحدّ من عدد الموظفين العاملين بالمؤسسات العامة والخاصة، عاد كثير من هؤلاء إلى مسقط الرأس، بعيدًا عن صخب العاصمة وضجيجها وازدحام شوارعها.

وهذه العودة كانت اضطرارية، لكن كثيرًا من التونسيين اختاروا "الهروب" إلى المناطق الريفية وخصوصًا بمنطقة الشمال الغربي، بحثًا عن الأمان وعن نقاء الهواء وصفاء الطبيعة، وكسرًا لروتين الحجر الصحي العام الذي يفرض على التونسي قضاء هذه الأيام داخل بيته، الأمر الذي يصعب تقبّله.

وتمثّل محافظات الشمال الغربي الجهات الاقل تضررًا من الفيروس، ولم تسجل محافظتا جندوبة وسليانة حتى الساعة أي إصابة، فيما سجلت محافظة الكاف إصابة واحدة، وسجلت محافظة باجة إصابتين فقط.

ويقول محسن الخميري، وهو من محافظة جندوبة لـ "إرم نيوز" إنّه يستثمر فترة الحجر الصحي العام للعودة إلى أحضان الطبيعة، والوقوف وقفة استراحة بعد "معارك" يومية يخوضها في وظيفته بإحدى الوزارات بالعاصمة، وفق قوله.

ويضيف محسن بشيء من المرارة "هذه العودة الاضطرارية، ورغم مزاياها، فإنها تبقى منقوصة من فرحة اللقاء بالأهل والأصدقاء، فالوضع يفرض علينا التباعد وتفادي اللقاءات والمصافحات".

ويعلّق أحمد الزوابي، الذي يعمل كادرًا بإحدى الشركات المتخصصة في الصناعات الميكانيكية بمحافظة سوسة الساحلية لـ "إرم نيوز"، إنّ "التوقف الاضطراري للعمل في هذه الظروف الاستثنائية، دفعني إلى قضاء العطلة بمسقط رأسي في محافظة باجة، على غير العادة".

وأضاف "هي عودة لا إلى مسقط الرأس فحسب، بل هي عودة إلى الذات والتفكير في هذا الوضع الاستثنائي وفي مصير هذا العالم، والكفّ عن اللّهث وراء الشغل والمال والتيقّن من أنّ صحّة الإنسان تبقى الأولوية المطلقة"، بحسب تعبيره.

واقع جديد

وعلى امتداد العقود الماضية كانت حركة الهجرة تتجه من هذه المحافظات نحو العاصمة تونس، أو نحو المدن الساحلية الكبرى، مثل سوسة والمنستير وصفاقس بالساحل الجنوبي، حيث المؤسسات والشركات الكبرى والطاقة التشغيلية العالية، غير أنّ تفشي فيروس "كورونا" خلق واقعًا جديدًا في البلاد، ودفع بكثيرين إلى العودة إلى بساطة الريف وهدوئه، إلى حين انتهاء "كورونا".

وفي السياق، علّق أمين الجابري، الذي يعمل أستاذا بأحد معاهد العاصمة تونس، بالقول "هذا الهروب الذي أمارسه اليوم مع كثير من الموظفين إلى مسقط رؤوسنا محافظة سليانة، أرى فيه عودة إلى الأصل وأمنًا لنا ولعائلاتنا، وضمانًا للنجاة من هذا الوباء".

وأضاف الجابري لـ "إرم نيوز" أنّ "إجراءات الحجر الصحي العام التي فرضتها الحكومة، لا يمكن تنفيذها على الوجه الذي يضمن سلامة الجميع في المدن الكبرى، حيث لا تهدأ الحركة ولا يمكن منع التجوّل على امتداد ساعات اليوم، والوضع هنا في هذه المنطقة الريفية الهادئة مختلف تمامًا، فلا ازدحام ولا اختلاط ولا طوابير... فقط علينا بشيء من الصبر إلى حين مرور الأزمة"، وفق تعبيره.

وكان تزامن بدء تطبيق إجراءات الحجر الصحي العام، مع العطلة المدرسية ملائمًا لتوجه آلاف العائلات نحو الأرياف، خصوصًا في غياب مرافق الترفيه ومنع التنقلات إلا للضرورة، ما خلق حالة من الملل لدى أطفال المدارس، حيث بدا أنهم يقضون العطلة في سجن، وكان من بين الخيارات التوجه نحو هذه الأرياف، تخفيفًا من وطأة هذا "السجن".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com