إسرائيل تعلن تصفية محمد علي قائد التشكيل المضاد للدبابات في "حزب الله"
خمسة وعشرون مسلسلاً سورياً، تُعرض في رمضان الحالي، فيما يمكن تسميته دراما التقاط الأنفاس ومحاولة استعادة البريق الآفل طيلة سنوات الحرب تقريباً.
ويظهر انتعاش الدراما السورية هذا الموسم، أولاً، في عدد المسلسلات المنتجة مقارنة بالسنوات السابقة. ففي عام 2022 اقتصر الإنتاج على 13 عملاً، وارتفع العدد إلى 15 عام 2023، ووصل هذا الموسم إلى 25 عملاً.
لكن ارتفاع عدد المسلسلات المنتجة، لا يعني أن استعادة البريق نجحت، فحجم الانتقادات القاسية التي طالت هذه الأعمال في النصف الأول من رمضان، يؤكد أن خطباً ما يعصف بالدراما السورية.
وتسببت الكتابات المدائحية المبكرة، التي تولاها بعض "النقاد" منذ الحلقات الأولى للمسلسلات، تشويشاً على المناقشة الموضوعية التي تتم عادة وسط ونهاية العروض. فنالت بعض الأعمال قراءة نقدية على كل حلقتي عرض!. ودلّ هذا على مشكلة في العملية النقدية أيضاً.
نجوم كبار بقضايا صغيرة
غابت العناوين الكبيرة عن الدراما السورية، وطغت قصص الجريمة والاغتصاب والأكشن، وكل ما يدور في فلكها من حكايات بعيدة عن معاناة الناس. كأنّ دراما "التغريبة الفلسطينية" و"الزير سالم" و"غزلان في غابة الذئاب" و"الانتظار" وغيرها، خلعت جلدها لترتدي رداءً آخر.
يقول الناقد الفني وسام كنعان لـ"إرم نيوز": "بعض المسلسلات صوّرت البلد وكأنه كباريه!. وأود أن أسأل صنّاعه إن كانوا يقبلون لعائلاتهم أن يشاهدوا هذا النوع من الأعمال على التلفزيون، خاصة أننا في شهر رمضان؟".
ونالت أعمال مثل "ولاد بديعة"، و"العربجي" و"الصديقات"، و"تاج"، حصة الأسد من الانتقادات اللاذعة، نتيجة الإسفاف في الألفاظ، الذي فسره النقاد رهاناً على "التريند"، وحصد أكبر نسبة من المشاهدة في منصات العرض.
هشاشة العناوين التي طرحها الكثير من المسلسلات السورية هذا الموسم، إضافة إلى استخدام التعابير غير اللائقة في النص، تم تحميلها لكتاب السيناريو، الذين اتُهموا بمجاراة المنتجين والبحث عن الشهرة عبر أسلوب الفضائح.
ويقول الكاتب سامر محمد إسماعيل لـ"إرم نيوز": "جلَّ كتّاب السيناريو التلفزيوني في التسعينيات والعشرية الأولى من الألفية الثالثة، جاؤوا من عالمي الأدب والصحافة، بعكس ما يحدث اليوم عند كتّاب السيناريو الذين يأتون من الفراغ".
ورغم مناقشة بعض الأعمال لقصة ومرحلة هامة من التاريخ، مثل مسلسل "تاج" المتناول لفترة الاحتلال الفرنسي، إلا أن الملاحظات السلبية تركزت على استخدامه العبارات غير المستحب ظهورها على التلفزيون.
ونالت مرحلتا الاستعمار العثماني والفرنسي، إشباعاً في معالجات الدراما السورية، وهو ما دفع للسؤال عن غياب قضايا أخرى لا تقل عنها أهمية، وآثارها مازالت حتى الآن.
ويقول الفنان عبد الحميد خليفة، لـ"إرم نيوز": "لماذا تغيب قضية الجولان عن الدراما السورية، وينحصر تناول المسلسلات لفترتي الاحتلال العثماني والفرنسي؟ مع أن احتلال إسرائيل للجولان تسبّب في تشريد مئات الآلاف من الناس؟".
أعمال نالت استحسان النقاد
استطاع مسلسل "أغمض عينيك"، أن يكون قاسماً مشتركاً، أجمع النقاد تقريباً، على أهمية قصته المتعلقة بمرض التوحد، كما سُجل للمخرج مأمون الملا، اكتشاف موهبة طفل التوحد زيد البيروتي الذي شارك في "ولاد بديعة" أيضاً.
ويقول الفنان خليفة: "تميز أغمض عينيك، بطرح مرض التوحد كمشكلة مجهولة في المجتمع. وكان أداء طفل التوحد جاد مدهشاً، فقد أقنعنا بأنه مريض بالتوحد فعلاً. لقد غرد المسلسل خارج السرب، وتلك نقطة تحسب له".
ولم تنل بعض المسلسلات الاهتمام الكافي من النقاد رغم أهمية القضايا المتناولة، مثل "وصايا الصبار" للمخرج سمير حسين، والكاتب فادي حسين الذي استمد السيناريو من مسرحية "ماكبث" لشكسبير، وجعله منسجماً مع الخصوصية السورية.
ويقول المخرج سمير حسين لـ"إرم نيوز": "العمل يعرض بشكل حصري على قناة أبو ظبي، وبعد زحمة الموسم الرمضاني، يمكن عرضه على محطات أخرى، ليصل إلى شريحة أكبر من الناس، تسمح بقراءته بشكل مستفيض".
أداء متقن وإخراج محترف
تميز الممثلون السوريون في جميع الأعمال المعروضة، بغض النظر عن ماهية القصة وطبيعة السيناريو. فالأزمات التي طالت الدراما خلال الحرب، تعلقت بظروف الإنتاج ومنصات العرض، وما رافقها من تبدلات في اهتمامات السيناريو. أما الأداء فكان بخير.
وتفوقت سلافة معمار وإمارات رزق ومعظم كادر النجوم في مسلسل "ولاد بديعة". كذلك الأمر بالنسبة لبسام كوسا وتيم حسن في "تاج"، وباسم ياخور وسلوم حداد في "العربجي". وأمل عرفة وعبد المنعم عمايري والطفل جاد، في "أغمض عينيك"، لكن ذلك لم يُعد ألق الدراما السورية، لأن المشكلة تكمن في مكان آخر يتعلق بالنصوص وظروف الإنتاج.
يتفق الجميع، أن الدراما السورية لن تستعيد عافيتها بالسهولة المتوقعة، بل قد يتطلب الأمر عدة مواسم رمضانية، يرافقها تبدلات في عقلية شركات الإنتاج والمحطات العارضة، بشكل ينعكس على كتاب النصوص أيضاً.
استعادة الألق بدأت بشكل تدريجي، وينتظر النقاد تصاعدها في المستقبل، حتى تسترد الدراما السورية عافيتها بشكل كامل.