هل اقترب العلماء من إطالة عمر البشر؟
هل اقترب العلماء من إطالة عمر البشر؟هل اقترب العلماء من إطالة عمر البشر؟

هل اقترب العلماء من إطالة عمر البشر؟

إذا نظرت لآخر صورة فوتوغرافية التقطت من قبل ألكساندر جاردنر لأبراهام لينكولن وهو يبلغ من العمر 55 عاماً، أو الصورة الفوتوغرافية التي التقطتها دورثي لانغ لامرأة مهاجرة بعمر 32 عاماً، أخذت في أيام الكساد الأمريكي العظيم، أو حتى أي صورة لكيث ريتشاردز منذ 25 عاماً مضت سيصعب عليك ألا تفكر بأنهم "يبدون أكبر من أعمارهم الحقيقية".

فكرة أن آثار الزمن تظهر على الجسم بشكل يمكن التنبؤ به - وأن العملية لبعض الأشخاص تكون أسرع أو أبطأ- يبدو مسلماً بها، ولكن هل هو حقيقة؟، وهل تملك أجسادنا ساعة زمنية؟ وأين يمكن أن تكون؟ وهل نستطيع معرفة إذا ما كانت متزامنة مع التقويم؟ الأسئلة السابق ذكرها مفصلية في لغز التقدم بالعمر، رحلتنا باتجاه أوحد في الزمن. وهي أسئلة مهمة حتى نفهم الأمراض المزمنة؛ النوبة القلبية والسكتة الدماغية والسرطان والخرف التي تزداد احتمالية الإصابة بها مع تقدمنا بالعمر.

وعليه عرضت صحيفة "واشنطن بوست" استراتيجية في منع الإصابة بالأمراض تتمثل بدراسة آليات لإبطاء التقدم بالعمر. قال ستيف هورفاث، بروفيسور في علم جينات الإنسان من جامعة كاليفورنيا ""الساعة البيولوجية" حقيقية وهي مختلفة عن العمر الزمني للإنسان". وأضاف "الجدال كبير حول آلية قياس العمر البيولوجي. لكن الجميع يتفقون على أنه يجب البدء باستخدام "العمر البيولوجي" بدلا من العمر الزمني للتنبؤ بعدد السنوات التي سيعيشها الفرد." وأضاف "أؤمن بقوة بوجود "عمر بيولوجي"، وأنه يختلف من فرد لآخر، وأنه يمكن التلاعب به". موضحا "على الأقل بتنا نعلم أنه يمكن التلاعب به عند الحيوانات، وأعتقد أنه سيكون بإمكاننا التلاعب به عند الإنسان أيضا".

التنبؤ بالعمر البيولوجي

وانتقلت فكرة أن العمر البيولوجي يمكن قياسه والتنبؤ به فقط في الآونة الأخيرة من مختبر الفئران لتطبق على علم أوبئة الإنسان. ونشرت دراسة السنة الماضية أجريت على 1000 نيوزيلندي تتبعهم الباحثون منذ ولادتهم في مدينة دونيدن العام 1972 والعام 1973. حيث كان يتم إجراء اختبارات لأعضاء جسم المشاركين بالدراسة (القلب والرئة والكليتين وجهاز المناعة ،،،إلخ) بشكل دوري، مع العلم أن أداء الأعضاء ينخفض تدريجياً ابتداء من عمر 30 عاماً. واستخدمت النتائج لحساب العمر البيولوجي. وفي دراسة "دونيدن"، تم حساب العمر البيولوجي لكل فرد عندما كان أعمار أفراد المجموعة 26، و32، و38 عاماً. ولأن الحسابات أجريت بشكل متكرر لأكثر من عشرة أعوام، استطاع الباحثون تقدير "سرعة التقدم بالعمر" لكل فرد من المجموعة. وكانت النتائج مذهلة. فبالرغم من أن جميع الخاضعين للتجربة كانوا يبلغون 38 عاماً "عمرهم الزمني"، إلا أن أعمارهم البيولوجية تراوحت بين 28 إلى 61 عاماً.

ووجدت الدراسة أيضاً تراوحاً واسعاً بمعدلات سرعة التقدم بالعمر. ونتج عنها أن القليل من الأشخاص لم يظهروا تقدماً بالعمر خلال 12 عاماً، لكن البعض الآخر أظهروا تقدماً بالعمر بمعدل 3 أعوام لكل سنة حقيقية عاشوها، أما البقية فكانوا ضمن الفئتين. وكان الأفراد الأكبر عمراً بيولوجياً يسجلون نتائج أقل من الأصغر منهم بيولوجياً في اختبارات التوازن، والمهارات الحركية الدقيقة، وقوة القبضة والتفكير المجرد. وكانت الأوعية الدموية في شبكة العين –تعطي انعكاسا للأوعية الدموية الدماغية- تبدو أكبر سنا. وعندما قام لجنة من طلاب الجامعات بتقدير أعمار أفراد دراسة "دونيدن" بناء على صور فوتوغرافية لهم، كان يحكم على الأفراد أصحاب العمر البيولوجي الأكبر أنهم أكبر سنا. فكانت النتيجة أن الأفراد الأكبر عمراً "بيولوجيا" أظهروا التقدم بالعمر بطرق عديدة من ضمنها: عضلات أضعف، وتفكير أبطأ، وشرايين أضيق ومظهراً مهموماً.

وقال دانيال بيلسكي، عالم أوبئة الإنسان في جامعة دوك والمؤلف الرئيسي للدراسة برعاية الأكاديمية الوطنية للعلوم "تقترح بياناتنا في الدراسة أن التقدم بالعمر هو عملية تحدث على مستوى أنظمة الجسم - فأنت تلاحظ فقداناً متراكماً في سلامة العديد من الأنظمة المتشكلة من أعضاء الجسم." وأشارت دراسة نشرت السنة الماضية أن الأشخاص في السبعينيات من عمرهم الزمني الذين كانت أعمارهم البيولوجية أكبر بخمس سنوات من عمرهم الحقيقي تكون إحتمالية وفاتهم خلال الست سنوات اللاحقة أكبر 20% من الأشخاص أصحاب الأعمر البيولوجية والزمنية المتساوي. كما وجدت دراسة للتوائم الدنماركيين في الثمانينات من عمرهم أنه عند إختلاف العمر البيولوجي للتوأم ، كان إحتمال وفاة التوأم "الأكبر" خلال الثماني سنوات القادمة ضعف إحتمالية وفاة التوأم "الأصغر".

إصلاح التلف في الحمض النووي

حقيقة عدم معرفتنا للمسببات الرئيسية للتقدم بالعمر لا يبدو بالشأن المهم، وذلك لأننا أصبحنا نعلم ما يكفي فيما يتعلق بالتقدم بالعمر في الأعضاء والخلايا والجزيئات مما يمكننا من إصلاحه. فحتى تبقى الخلية شابة، عليها أن تحافظ على قدرتها في الكشف عن وإصلاح أي خلل في الحمض النووي، والمحافظة على إنتاجها للطاقة، والتخلص من نفاياتها، وإرسال الإشارت الكيميائية الصحيحة، والبقاء متصلة بالخلايا الأخرى والقيام بأمور أخرى عديدة. في العقود الأخيرة، استطاع العلماء تحديد الجينات والإنزيمات والمسارات الأيضية والجزيئات المسؤولة عن توصيل الإشارات الخلوية المتحكمة بالعمليات السابقة.

وأصبح من الممكن البدء بالعمل على إطالة الحياة، لا سيما الحياة الصحية، مع قيام العلماء حالياً بمحاولة تحفيز أو إيقاف الإشارات الخلوية لذلك الهدف. إلى هذا الوقت كانت أغلب التجارب تقام على الحيوانات المخبرية المتراوحة من الخمائر إلى القرود. وتتطلب التجارب في العادة خطوات قاسية مثل؛ إزالة بعض الجينات، وقتل الخلايا بالأجسام المضادة، وخياطة الحيوانات مع بعضها، والتي يستحيل تطبيقها على البشر. لذلك يهدف العلماء إلى إيجاد أدوية أو سلوكيات تحقق نفس نتائج التجارب على الحيوانات. وتكمن أسهل الطرق لإطالة الحياة في العديد من الكائنات العضوية في أقل السبل التكنولوجية، ألا وهو التجويع تحت السيطرة: وهو تقليل كمية الطعام المتناولة، بدون الوصول لسوء تغذية؛ حيث يعمل تقييد السعرات الحرارية على تحفيز استجابات فسيولوجية لا تعد ولا تحصى.

وساعد في جعل الكائنات العضوية أكثر مقاومة للضغوطات والسموم، وحساسية أكثر للجلوكوز والإنسولين، وفي الفئران ساعد في منع الإصابة بالجلطة القلبية، والسكري، والسكتة الدماغية، والخرف، ومرض باركينسون. فوجدوا أن تقليل مكونات حميتهم الغذائية مثل؛ البروتين، أو حتى بعض الأحماض الأمينية، أدى إلى إطالة حياة بعض الكائنات. وتسعى العديد من التدخلات الحالية أو المستقبلية في تجارب الإنسان لتقليد تلك التأثيرات، حتى أن تقييد السعرات الحراية يتم تجربته حاليا. أعلن باحثون عملوا على دراسة مدتها سنتين على 218 شخصا – ليسوا بدناء وأعمارهم بين 21و 51- وزع عليهم عشوائيا مهمة الأكل متى أرادوا أو تقليل استهلاكهم للسعرات الحرارية بنسبة 25% . الأفراد من مجموعة تقييد استهلاك السعرات الحرارية قللوا من استهلاكهم للسعرات الحرارية بمعدل 12% خلال السنتين (كانت النسبة أكبر في السنة الأولى عن نسبة السنة الثانية) وفقدوا 10% من وزنهم. واتجه كل من المعدل الأيضي، وضغط الدم، والكوليسترول، ومقاومة الإنسولين- مؤشر لالتهابات الجسم- إلى اتجاهات صحية. لكن الدراسة كانت على عينة صغيرة من الناس لوقت قصير لا يسمح بقياس إطالة العمر أو حالات الإصابة بالأمراض.

كانت الدراسة تهدف بالغالب إلى إثبات أن تجارب كهذه آمنة وقابلة للتطبيق. أما بالنسبة لقائمة المركبات المضادة للشيخوخة – الموجودة في الخميرة، والديدان الخيطية، والحشرات والأسماك والثدييات- ومع التوجه صوب التجارب البشرية، فهي تنمو بشكل مستمر. وأدى دواء مثبط للجهاز المناعي اسمه "rapamycin" يقلل إنتاج إنزيم إسمه "mTOR"، إلى إطالة عمر الفئران بنسبة 30%. أما الدواء المستخدم في علاج السكري، "metformin" الذي عمل على إطالة عمر الفئران، سيتم اختباره قريباً على كبار السن غير المصابين بالسكري؛ حيث يرغب الباحثون في تعلم إذا كان الدواء يمنع أو يؤخر بعض الأمراض مثل؛ السرطان، والسكتة الدماغية والخرف. كما يعمل الباحثون على دراسة الآثار فوق الجينية على الكروموسومات لمركب "Resveratrol" الموجود في العنب والتوت .

عمرك البيولوجي

إذن متى سيتم تطبيق أيّ من السابق ذكره عملياً في عيادة الأطباء؟ قال بيلسكي، المؤلف الرئيسي للدراسة النيوزيلندية "نحاول عدم مشاركة معلومات مع المرضى غير ذات فائدة لهم. وأضاف "قياسات العمر البيولوجي غير صحيحة بشكل كاف حاليا ليتم استخدامها تجريبيا في العيادات". بالاجابة على سؤال هل سيأتي وقت تصبح فيه جزءاً من الفحص الطبي؟ كان الجواب "بالتأكيد".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com