كيف نجحت ألمانيا في تفادي كارثة كورونا التي ضربت إيطاليا وإسبانيا؟
كيف نجحت ألمانيا في تفادي كارثة كورونا التي ضربت إيطاليا وإسبانيا؟كيف نجحت ألمانيا في تفادي كارثة كورونا التي ضربت إيطاليا وإسبانيا؟

كيف نجحت ألمانيا في تفادي كارثة كورونا التي ضربت إيطاليا وإسبانيا؟

قالت صحيفة "إندبندنت" البريطانية، إنه مع تفشي فيروس "كورونا" المطور في أوروبا، فإن شوارع برلين تبدو خالية، ومع قدوم الليل، فإن المطاعم والحانات تغلق أبوابها، وتخلو الشوارع تماما من المارة، وحتى تجار المخدرات الذين لا يزالون يتسكعون حول حديقة "غوليتزر" سيئة السمعة، يرتدون قفازات في أيديهم.

وأضافت في تقرير نشرته اليوم الخميس أنه "على العكس من بريطانيا وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا، فإن ألمانيا لم تطبق إجراءات العزل الصحي الكامل، وبدلا من ذلك لجأت إلى بعض الإجراءات الخاصة بالحد من الأنشطة الاجتماعية، ومن بينها حظر التجمعات لأكثر من شخصين، وكانت ولاية بافاريا، التي تم فيها اكتشاف أول حالات فيروس كورونا في يناير الماضي، هي فقط التي أعلنت العزل الكامل".

ونجحت ألمانيا حتى الآن في تجنب مستويات العدوى الكارثية التي ضربت إسبانيا وإيطاليا، حتى أمس الأربعاء فإن عدد الوفيات بفيروس كورونا وصل إلى 181 حالة، من بين 35714 إصابة مؤكدة، مقارنة بحالات وفاة وصلت إلى 6800 في إيطاليا، و3400 في إسبانيا، وتخطت الإصابات 69 ألفا و47 ألفا على الترتيب في الدولتين.

أسباب تفوق ألمانيا

وحسب تقرير الصحيفة "أثارت معدلات الوفاة القليلة في ألمانيا حيرة الخبراء، هناك نظرية لتفسير هذا الأمر، وهو أن الفيروس ينتشر في ألمانيا لدى الأعمار الأقل".

وأفاد معهد "روبرت كوش" الوكالة الألمانية الرئيسة للسيطرة على الأمراض، بأن معدل أعمار الحالات الإيجابية المصابة بفيروس كورونا هو 47 عاما، وفي إيطاليا، التي تصل معدلات الوفيات فيها إلى 9%، فإن معدل الأعمار المصابة يصل إلى 63 عاما".

ويرى الخبراء أن الحالات التي سجلتها ألمانيا والمصابة بفيروس كورونا المستجد نتجت عن احتفالات وبعض الشباب العائدين من رحلات التزلج على الجليد في إيطاليا والنمسا، كما أن المواطنين الأكبر سنا أقل اختلاطا في المسكن مع الشباب من العائلة ذاتها، مقارنة بدول جنوب أوروبا.

وأكدت الصحيفة أن ألمانيا راقبت تطورات الأزمة في الدول الأوروبية الأخرى، وتأكدت من جاهزية نظام الرعاية الصحية لديها.

دروس مستفادة

ونقلت عن مارلين أدو، رئيس وحدة الأمراض المعدية في كلية الطب بجامعة هامبورغ – إبندورف، قولها"أعلنا حالة الطوارئ منذ ظهور الحالات الأولى في يناير الماضي، وكان لدينا الوقت الكافي للاستعداد، تعلمت ألمانيا من دروس الدول الأخرى، ونجحت في تخزين أعداد كبيرة من أجهزة الكشف عن الفيروس، وأجهزة التنفس الصناعي".

وتابعت "إندبندنت"،  "هذه المستويات المرتفعة من الاستعداد مكّنت ألمانيا من استقبال عدد من حالات الإصابة الحرجة القادمة من إيطاليا، وصل بالفعل 6 حالات منها إلى مدينة لايبزيغ في ولاية ساكسونيا الواقعة شرق ألمانيا صباح يوم الثلاثاء الماضي".

نظام قوي للرعاية الصحية

وأشارت إلى أن ألمانيا تمتلك أحد أقوى أنظمة الرعاية الصحية في العالم، حيث يبلغ نصيب الفرد من الرعاية الصحية 5182 دولارا، مقارنة بـ3377 دولارا في بريطانيا، ولا يوجد لديها أي مخاوف من التعامل مع تفشي الفيروس في حالة الوصول إلى المستويات التي ضربت إيطاليا.

وأضافت مارلين "أعتقد أننا كنا مستعدين بقوة وبأقصى ما نستطيع، منذ حين، في المستشفى الذي أعمل به هناك 7 حالات مصابة بفيروس كورونا في العناية الفائقة، ولدينا أماكن أخرى لاستقبال المزيد من الحالات المماثلة، الكل يحبس أنفاسه حاليا انتظارا لما سيحدث في المرحلة المقبلة، إذا قفزت الأعداد المصابة المطلوب رعايتها في المستشفى إلى أكثر من 20 يوميا، فإننا ربما نبدأ في المعاناة".

قال خبراء إن تراجع معدلات الإصابات والوفيات في ألمانيا يرجع أيضا إلى اختبارات الفيروس التي اتخذتها برلين مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى، حيث أكدت رابطة الأطباء الألمان أن عدد الاختبارات التي تم إجراؤها، لاستكشاف الحالات المصابة بفيروس "كورونا"، فاقت الـ 200 ألف خلال الأسابيع القليلة الماضية، بينما أجرت بريطانيا مثلا 64 ألف اختبارا حتى يوم الـ18 من مارس /آذار الجاري.

وحسب الرابطة الوطنية لأطباء التأمين الصحي في ألمانيا، فإن ألمانيا تستطيع إجراء 12 ألف اختبار لفيروس "كورونا" المستجد يوميا، ومع ذلك، فإن مارلين أدو تقول إن هناك مشكلة تتعلق بإمكانية الوصول إلى أماكن الاختبارات بالنسبة للبعض؛ ما يجعل ارتفاع عدد المصابين بالعدوى أمرا ممكنا.

وقالت إن هناك حاجة ماسّة للمزيد من وحدات الاختبار المتحركة، حيث تشهد غرف الطوارئ إقبالا رهيبا.

الحذر مطلوب

من جانبها، حذّرت كريستيان دروستين، عالمة الفيروسات في مستشفى "شارتيي" في برلين، وهي أيضا مستشارة لوزارة الصحة الألمانية، في تصريحات لصحيفة "دي زايت" من أن معدلات الوفيات يمكن أن ترتفع في حالة عدم التوازن بين الطلب والعرض فيما يتعلق باختبارات فيروس "كورونا"، وكذلك في حالة انتشار العدوى بين كبار السن.

على أرض الواقع في برلين، فإن هناك شكاوى من مواطنين بأن لديهم مشكلة في إجراء اختبارات فيروس "كورونا"، بعد اختلاطهم بأشخاص لديهم العدوى.

قال "جوهان كوش" إنه لا يزال ينتظر رد السلطات في برلين بعد حضوره لحفل في برلين، بعد ثبوت إصابة أحد الحاضرين بفيروس "كورونا" قبل أسبوعين.

ولم ينتظر "كوش" الرد الرسمي من سلطات برلين، بعد أن أرسل العديد من الرسائل عبر البريد الإلكتروني، وأجرى اتصالات هاتفية، إلا أن الخط دائما ما يكون مشغولا، وبالتالي فإنه توجه إلى إحدى العيادات الطبية الخاصة خارج برلين، وأجرى الاختبار هناك، وأثبتت النتيجة أنه غير مصاب بفيروس "كورونا"، حيث جاءت عينته سلبية، ولكن هناك عددا من أصدقائه حضروا الحفل ولا يزالون ينتظرون ردا من السلطات لإجراء الاختبار.

وختمت الصحيفة تقريرها"حذّر المتخصصون في مجال الطب من أنه من المبكر جداً الحديث عن معدلات الإصابة والوفيات لأنها من الوارد جدا أن تتغير خلال الأسابيع القليلة المقبلة. قالت ماريك ديغن، المتحدثة باسم رابطة الأطباء الألمان،: "من المهم جدا أن نتذكر أننا في ألمانيا لا نزال في المرحلة الأولى للوباء. نرى حاليا المزيد والمزيد من حالات الوفاة، ولا نعلم كيف ستتطور الأمور".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com