طب الأجنة.. ثورة في حياة الإنسان
طب الأجنة.. ثورة في حياة الإنسانطب الأجنة.. ثورة في حياة الإنسان

طب الأجنة.. ثورة في حياة الإنسان

طب ما قبل الولادة أصبح حقيقة ماثلة في عالم الواقع، بفضل ما حققه العلم في مجال الكشف المبكر الذي وصل إلى درجة من التقدم أصبح معه التشخيص ذا استشعار قبلي، لما سوف يكون عليه نمو وتماثل طبيعة التكوين الجسدي لأعضاء الجسم، حيث بات من الممكن إجراء نوع من العمليات الدقيقة كعمليات القلب المفتوح في داخل الرحم، لتضع بذلك تجربة الإنسان العلاجية بشكل كامل لتبدأ مشوارها قبيل الميلاد وهو لا يزال جنيناً في رحم أمه، فمن داخل الرحم أصبح علم الأجنة وعلاجات الجنين من أبرز العلوم في العالم والمنطقة العربية، وأصبحت فترة الحمل من أهم المراحل في عملية تطور العلم، حيث أصبح من الممكن إجراء جراحة قلب مفتوح هناك في داخل الرحم للجنين، وحتى لمن هم حديثي الولادة في حدود عمر يوم واحد فقط.

وعن تعريف طب ما قبل الولادة، يقول د. خالد جابر أستاذ أمراض الجنين بالمركز القومي للبحوث: إن تشخيص أمراض الجنين هو القدرة على اكتشاف العيوب الخلقية والأمراض الوراثية في الجنين قبل الولادة، ويُعتبر الأمر ثمرة من ثمرات التقدم التكنولوجي، حيث يتمكن العلماء من الحصول على معلومات عن الجنين خلال مراحل تطوره في الرحم، واستتبع ذلك إمكانية الكشف المبكر عن تشوهات الجنين، وهو ما أثر في خفض نسبة الوفيات لحديثي الولادة.

وأشار إلى أن الدراسات العلمية أظهرت أن 10% من المولودين حديثاً مصابون بعيوب خلقية سواء كانت بسيطة وغير مؤثرة على حياة المولود أو شديدة وتؤثر على حياته، وبعض هذه العيوب نتيجة لأسباب وراثية أو أسباب مرتبطة بالحمل، وإن كانت هذه الدراسات قد أرجعت بعضها لأسباب كثيرة معروفة، وأشار إلى أن مهنة طبيب أمراض الجنين تبصرهم بطبيعة الحالة المرضية إن وجدت، وتعود أهمية إجراء الفحوصات أثناء الحمل إلى أن هناك عِدة اعتبارات أولها الاطمئنان على صحة وسلامة الجنين، وفي حالة ظهور مرض أو تشويه بالجنين قابل للعلاج أثناء أو بعد الولادة يتم نصح الأم بالولادة في أحد المراكز المتخصصة.

وأضاف: أنه يمكن تشخيص معظم أمراض الجنين عن طريق ثلاثية الموجات فوق الصوتية والدلالات البيوكيميائية في دم الحامل، ومن خلال بذل عينات من أنسجة الجنين وتحليلها وراثياً سواء للكروموسومات أو عن طريق تقنية الوراثة الجزئية، مؤكداً أن الموجات فوق الصوتية تُعتبر من التقنيات الآمنة على الأم والجنين، ولم يثبت لهما أي أضرار أو تشوهات، فهي تعتمد على موجات ترددية وليست أشعة، كما تُعتبر هذه الموجات فوق الصوتية العمود الفقري في تشخيص أمراض الجينات، وهناك تطور سريع ومذهل لتكنولوجيا الموجات، وذلك بإدخال عامل الزمن كبعد رابع لتتم رؤية الجنين داخل مجسم أثناء نموه داخل الرحم، ويمكن الحصول بذلك على صورة مجسمة حية متحركة، وبذلك يتم الاكتشاف المبكر للعيوب الخلقية وخاصة الدقيقة منها، كما نستطيع من خلال الموجات أن نفحص تدفق الدم بالحبل السري والأوعية الدموية داخل الجنين، وهو ما يساعد على وصف العلاج الصحيح الطبي تبعاً لنمو الجنين وحالته الصحية.

ويوضح د. ياسر سعد الدين أستاذ جراحة الأطفال، أن توفير الأجهزة الحديثة من الموجات فوق الصوتية أسهم في التشخيص لأمراض الجنين قبل الولادة بدقة، هذه الأجهزة قادرة وبكفاءة على تشخيص العيوب الخلقية في المجاري البولية بنسبة 90% بما فيها الكُلى والمثانة البولية وبنسبة 80% من العيوب للجهاز العصبي و70% من العيوب الخلقية في الجهاز الهضمي والقلب والأوعية الدموية.

وأوضح أن دراسة تم إجراؤها بجامعة الإسكندرية تم فيها فحص عدد من السيدات الحوامل على مدار عامين، وتم اكتشاف العديد من حالات عيوب خلقية جراحية في الأجنة وانسداد خلقي بين الحالب والحوض الكلي وحالة ورم سرطاني على الكلى، وحالة كبس على المبيض وحالة كبس خلقي سحائي في الدماغ، بالإضافة إلى حالة فتق خلقي بالبطن والسرة، وقد تم إجراء الجراحة لحالة الورم السرطاني على الكُلى في الأسبوع الأول بعد الولادة دون الحاجة إلى علاج كيميائي بعد الولادة وعلى إثرها شُفي الطفل تماماً، أما حالتي الانسداد الخلقي لحوض الكُلى استوجبت تدخلاً جراحياً بعد الولادة، وذلك بإعادة إصلاح حوض الكُلى وفك الانسداد خلال الشهر الأول من الولادة؛ مما أنقذ الكُلى وحافظ عليها من التلف، وكل ذلك لم يكن سيُتاح لولا الكشف المبكر وفحص الأجنة أثناء الحمل.

وعن فائدة الموجات فوق الصوتية، يقول د. محمود نشأت أستاذ النساء والتوليد: إن الموجات فوق الصوتية ذات أهمية في إتمام الحمل بسلام واكتشاف المشاكل التي يتعرض لها الجنين وعلاجها قبل الولادة، فالمعروف أن هناك أسباباً متعددة للإجهاض المتكرر مثل اضطرابات الغدد الصماء واضطرابات الجهاز المناعي والالتهابات المختلفة، وأيضاً الأسباب الوراثية والعيون الخلقية بالرحم وعنقه، وتستطيع هذه الموجات الحديثة ذات الأبعاد الثلاثية والرباعية اكتشاف وعلاج السبب الأخير من أسباب الإجهاض المتكرر، وهذا يوضح أن ربط عنق الرحم هي الطريقة الأكثر شيوعاً في مثل هذه الحالات، ونجد أن كثيراً من الحالات تقوم بإجراء هذا الربط دون داعٍ.

ويؤكد أن الموجات فوق الصوتية لها أهمية في تشخيص اتساع عنق الرحم من عدمه، فعنق الرحم يتسع باستمرار مع تدني مستوى كيس الحمل عن الوضع الطبيعي في هذه الحالات، فقد يكون ربط عنق الرحم هو العلاج الناجح للإجهاض المتكرر، ومن بين الأشياء المهمة والتي تؤدي إلى الإجهاض وتكتشف بمساعدة الموجات فوق الصوتية هي بعض العيوب الخلقية للرحم مثل رحم ذي القرنين، فالرحم في الأصل ينتج عن اتحاد جزئين إحداهما يأتي من الجهة اليمنى والآخر من الجهة اليسرى، ويتم اتحادهما في منتصف الحوض ويتحلل الحاجز الذي يفصل بينهما.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com