تجارة الأوجاع.. قصص مأساوية تكشف فضائح احتكار الأدوية في إيران
تجارة الأوجاع.. قصص مأساوية تكشف فضائح احتكار الأدوية في إيرانتجارة الأوجاع.. قصص مأساوية تكشف فضائح احتكار الأدوية في إيران

تجارة الأوجاع.. قصص مأساوية تكشف فضائح احتكار الأدوية في إيران

لا تقتصر معاناة الإيرانيين على دفع ثمن سياسات ومشاريع نظام بلدهم سياسيًا واقتصاديًا فحسب، بل تتعدى هذه المعاناة بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية، إلى صعوبة الحصول على أبسط الحقوق وهو العلاج والدواء، وفقًا لخبراء ومراقبين.

ويقول المراقبون إن "أزمة الأدوية في إيران -رغم تقارير الجهات المختصة التي تزعم فيها أن العقوبات الدولية المفروضة على البلاد هي المسبب الرئيس لها- تعود إلى جشع واحتكار واتجار مسؤولين في الأدوية، التي باتوا ينظرون إليها كسلعة يجب تخزينها بهدف بيعها بأسعار باهظة في أوقات اختفائها من الأسواق".

وفي تقرير نشره موقع "ايران واير"، يدلي بعض المرضى الإيرانيين بشهاداتهم حول ما يمرون به من معاناة، ويروون مأساتهم بالعثور على الأدوية في ظل احتكار المسؤولين وأطباء صيادلة لبعض الأصناف المهمة، مثل: أدوية القلب والسكري والصرع والسرطان.

تجارة بالمرضى

إزاء ذلك، تروي السيدة ناهيد كسايي المعلمة المتقاعدة والمقيمة بأحد أحياء العاصمة طهران، قصة معاناتها للحصول على دواء ابنتها التي أصُيبت بالسرطان.

وقالت كسايي: "في يوم ما وعندما عدت متعبة من جلسة الكيماوي لابنتي، ذهبت إلى الصيدلية لشراء الدواء لها، وكانت حينها تعاني غثيانًا مستمرًا، ولونها شاحب لدرجة أنها جلست خارج الصيدلية في الشارع لعدم قدرتها على الوقوف، انتظارًا لدوري في صف الزبائن بالصيدلية، وبعد فترة من الوقوف في صف طويل والقيل والقال، أخبرني الصيدلي أنه لا يوجد هذا النوع من الدواء لابنتي، فسألته بغضب وماذا عليَّ أن أفعل، إن حالة ابنتي متأخرة للغاية. فقال لي أذهبي إلى صيدلية أخرى".

وأضافت: "قطعت مسافة طويلة وابنتي معي لا تقدر على المشي، وظللت طوال الطريق أمسح رأسها بفوطة مبللة، وعند وصولي للصيدلية المذكورة وقبل دخولي من الباب، رأيت رجلًا يحمل صنف الدواء ذاته الذي أبحث عنه لابنتي، ركضت نحوه وسألته فأخبرني أنه اشتراه بسعر حر، أي أضعاف سعره الحقيقي".

وتابعت: "تيقنت حينها أن مزاعم الصيادلة بأن هذه الأصناف من الأدوية غير موجودة ليس إلا كذبًا وتضليلًا، وأن رفضهم بيعها للمواطنين ببطاقة التأمين الصحي بالسعر الحقيقي، ابتزاز وتجارة بآلام المرضى".

وأردفت قائلة: "عندما دخلت إلى الصيدلية لأشتري الدواء سألت الصيدلي عن سبب بيعه بهذا السعر الباهظ، فقال لي إننا نشتريه من المستوردين والجهات المعنية بأسعار حرة، لهذا لن نبيعه بأرخص مما اشتريناه به".

وأنهت كسايي قصتها مع دواء ابنتها بالقول: "لم يكن لدي خيار سوى شراء الدواء بهذا السعر الذي وصل إلى 3.5 مليون تومان، في حين أن سعره الحقيقي يُقدر بـ700 ألف تومان فقط، حينها قلت في نفسي متسائلة، ربما يمكن لشخص مثلي القدرة على شراء دواء بهذا الثمن، لكن كيف لعامل بسيط أن يتمكن من شرائه في حال عثر عليه؟!".

الدواء بالواسطة

في رواية مأساوية أخرى، يروي ياسي جلزادة معاناته في سبيل الوصول إلى دواء الشلل الرعاش لوالدته.

ويقول جلزادة إنه "ظل يبحث عن الدواء المطلوب من صيدلية إلى صيدلية ومن مشفى إلى آخر، إلا أنه لم يفلح في العثور عليه".

وبعد أسبوعين من البحث المتواصل، توصل جلزادة إلى واسطة عن طريق طبيب جراح في أحد المستشفيات، حتى تمكن من شراء شريطين من دواء والدته.

وصف جلزادة شعوره حينها قائلًا: "ظللت أبكي من الفرحة داخل التاكسي طوال الطريق، فقد كان وضع أمي يزداد سوءًا يومًا بعد يوم، وكدت أفقد الأمل بعد أن جُبت أرجاء طهران  شرقًا وغربًا، ولم أجد الدواء في أي من صيدلياتها".

وأضاف: "بعد الالتماس من هذا وذاك، وجدت طبيبًا من معارفي لديه صديق صيدلي، فأخبره بأن يبيع لي هذا الدواء، حينها لم أتمالك نفسي من البكاء بعد كل هذا العناء في الوصول إلى دواء أمي".

وذكر جلزادة آثار عدم تناول والدته لدواء الشلل الرعاش، قائلًا إن "غياب هذه الدواء عن المريض يساعد على ظهور المشكلات التي تسبب بطء الحركة والرعشة وتصلب العضلات".

في رواية ثالثة، أشار رحيم الذي يعمل معلمًا بمعهد الموسيقى، إلى أنه قطع أميالًا بحثًا عن صيدلية تبيع دواء مرض الدوار وطنين الأذن الذي تعاني منه والدته، وبعد العثور عليه في إحدى الصيدليات، وجد سعره قد تضاعف 7 مرات في أقل من 3 أسابيع.

السماسرة والفاسدون

ويقول بهروز.ف، وهو طبيب إيراني شاهد على أزمة الأدوية، إنه "على الرغم من عدم حدوث مشكلة داخلية في استيراد أو انتاج الدواء، إلا أن نحو 70 صنفًا من الأدوية المهمة اختفت من الأسواق، وفي حالة توافرها فإن أسعارها ارتفعت لضعفين أو ثلاثة على الأقل".

ويضيف أنه "إذا افترضنا أن مسألة العقوبات الاقتصادية أثرت سلبًا على استيراد الأدوية، فيجب حينها أن يكون هناك كميات محفوظة من الأدوية في المخازن لتأمينها للمستهلكين والمرضى في أوقات كهذه، بيد أن السماسرة والفاسدين استغلوا أزمة العقوبات، وبدأوا منذ اليوم الأول بتخزين كميات كبيرة من الأدوية واحتكارها بهدف بيعها في وقت الحاجة بأضعاف أسعارها الحقيقية".

ويتابع أن "استغلال التجار وموردي الأدوية، أدّى إلى زيادة أسعار الأدوية للأمراض الأكثر خطورة إلى 200% في فترة وجيزة، بل وصل بهم الأمر إلى احتكار الأنواع العادية من الفيتامين، التي لا يتم استيرادها، وبيعها بضعف السعر".

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com