مرضى غزة يواجهون الموت مع تفاقم أزمة الوقود والكهرباء.. "والصحة" تدق ناقوس الخطر

بدت أسرة مستشفى بيت حانون في قطاع غزة، خالية من المرضى، اليوم الثلاثاء، بعد أن توقف المستشفى عن العمل لليوم الثاني عن التوالي.

وأعلنت وزارة الصحة في حكومة قطاع غزة، أمس الاثنين، عن توقف العمل في مستشفى بيت حانون بسبب نفاد الوَقود، مشيرة إلى أنه جرى تحويل مرضاه لمستشفيات أخرى في القطاع.

ودخل بذلك قطاع الصحة في غزة، مرحلة شديدة الحرج، خصوصًا أن الناطق باسم الوزارة أشرف القدرة، قال إن "مستشفى الدرة الذي يقدم خدماته لما يزيد عن 40 ألف نسمة في منطقة شمال وشرق غزة، سيتوقف -أيضًا- عن العمل خلال الساعات المقبلة، بسبب أزمة التيار الكهربائي".

وقال القدرة في تصريح لـ"إرم نيوز" إن "كميات الوقود المتوافرة لدى الوزارة لا تكفي سوى لأيام فقط؛ ما اضطرنا إلى إيقاف الخدمات الصحية في بعض المستشفيات"، مشيراً إلى أنه "يتم التواصل مع الجهات الحكومية والإغاثية وفصائل العمل الوطني كافة، من أجل إنقاذ الوضع الكارثي في غزة"، على حد وصفه.

وأعرب عن خشيته من توقف جميع المستشفيات الحكومية في القطاع عن تقديم خدماتها خلال ساعات، محذرًا من أن ذلك "سيتسبب بتوقف ما يزيد عن 200 عملية جراحية والمساس بحياة 750 مريض كلى، إضافة إلى الخدمات الأخرى التي تشمل الأطفال الخدج والعمليات القيصرية".

وبين أنه "سيجري تحويل المرضى من المستشفيات المتوقفة، إلى أخرى تعمل بنظام التقشف لحين حل الأزمة".

وانتشرت صور -اليوم الثلاثاء- من داخل مستشفى بيت حانون، تبيّن حجم الأزمة التي يمر بها المستشفى.

آلام المرضى

يستلقي الطفل محمد السواركة البالغ 14 عامًا على جهاز غسيل الكلى في مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة عاجزاً عن الحركة، بعد أن انقطع التيار الكهربائي عنه لمدة نصف ساعة فاضطر الأطباء لإزالة الدم المتجلط من الجهاز وإلقائه خارجاً ومن ثم إعادة عملية الغسيل مرة أخرى.

وزاد الأمر صعوبة على محمد، الذي يقضي -يوميًا- ما يزيد عن 4 ساعات في قسم الكلى كي يُنهي عملية الغسيل.

وقبل 4 أعوام أصيب السواركة بمرض الفشل الكلوي، إضافة إلى معاناته الشديدة مع التهابات في صدره، إذ يحتاج جهاز "تبخيرة" خاصًا لعلاجها، وبسبب عدم توافر الكهرباء تضطر والدته -في بعض الأحيان- لنقله إلى المستشفى؛ كي لا يزيد وضعه الصحي خطورة.

وتقول والدة السواركة، والتي حرصت على الجلوس إلى جانبه منذ بداية عملية الغسيل، إن "قطع التيار الكهربائي عن الجهاز يضيف المعاناة التي يعيشها مريض الكلى"، مشيرة إلى أن "الوضع في القطاع لم يعد يطاق".

وتتخوف الأم من تأثير أزمة انقطاع التيار الكهربائي في مستشفيات قطاع غزة على مجمع الشفاء الطبي، واضطرار إدارة المستشفى إلى إغلاقه؛ ما يعني لها انتهاء حياة ابنها الأصغر.

وتضيف لـ"إرم نيوز": "أعيش في غرفة واحدة مع أبنائي الخمسة، بالإضافة إلى أن زوجي عاطل عن العمل، وكنت تقدمت بطلب لإجراء عملية تبرع بالكلى لطفلي، ولكن بسبب ظروفنا الاقتصادية لم أفلح في ذلك حتى الآن".

تدخل سريع

أما العشريني عماد سليل، فهو الآخر يعاني من مرض التهاب الكبد الوبائي B ويضطر الأطباء لإجراء عملية غسيل كلى له على جهاز خاص.

وعلى الرغم أنه يعيش في محافظة الوسطى، ويقضي ما يزيد عن ساعة يومياً للوصول إلى مجمع الشفاء الطبي، إلا أنه لا يستطيع أن يجد خياراً آخر في ظل نقص المعدات والأجهزة الطبية الخاصة بمرضى الكلى في محافظته.

ويقول سليل عن معاناته في ظل انقطاع التيار الكهربائي لـ"إرم نيوز": "توقُّف جهاز غسيل الكلى عن العمل يعني الموت بالنسبة لي، خاصة وأنني أعاني -بشكل دائم- ارتفاعًا في ضغط الدم، وإرهاقًا، وإن التأخير عن الغسيل يعني الموت بالنسبة لي".

تحرك عاجل

وقال مشرف التمريض في مجمع الشفاء الطبي خضر حسونة، إن "كل يوم يمر على مريض الكلى دون عملية غسيل يعرض حياته للخطر، إضافة إلى الأجهزة الأخرى التي يعني توقفها عن العمل توقف حياة المرضى، كجهاز التناضح العكسي وجهاز مظاهر الحياة".

وأوضح حسونة لـ"إرم نيوز" أنه "يوجد تكدس في عدد حالات المرضى الذين يحتاجون بشكل دائم لغسيل الكلى، إذ يصل عدد المرضى الذين يحتاجون إلى الكهرباء بشكل يومي وعاجل إلى 400 مريض، إضافة إلى 180 مريض كلى يحتاجون إلى عملية غسيل يومياً".

التزام لا خيار

وقال رئيس قسم العناية المركزة في مجمع الشفاء الطبي جهاد الجعيدي، إن "المساس بهذا القسم لا يحتمل أي تأويلات أخرى، المرضى في العناية المركزة يعتمدون اعتماداً كلياً على وسائل التدعيم التكنولوجي التي تعتمد بالأساس على الكهرباء".

وأضاف لـ"إرم نيوز" أن "أي انقطاع في التيار الكهربائي معناه توقف الأجهزة الإلكترونية التي تعمل على إعادة الحياة للمرضى بما فيها من تبعات على حياتهم"، مشيراً إلى أن "الكهرباء بالنسبة للعناية المركزة التزام وليست خياراً".