الجيش الإسرائيلي: قتلنا محمود المبحوح قائد منظومة المسيرات بحماس في شمال غزة
سلط عالم الاجتماع تيبولت دوكلوكس، عبر كتاب يتمحور حول سؤال "بعد الاعتقال"، الضوء على التأثير العميق للدين داخل السجون، مستكشفا ظهور التجارب الروحية بين النزلاء غير المتدينين، وفقًا لما ذكرت صحيفة "لوموند" الفرنسية.
وتتبع دوكلوكس في كتابه، الذي أجراه بالتعاون مع مختبر "Triangle" في ليون الفرنسية، نحو 30 شخصًا دخلوا السجن دون انتماءات دينية سابقة، وذلك لملاحظة تطور لقاءاتهم الروحية داخل بيئة السجن، إذ يتجاوز الالتزام الديني بشكل كبير نظيره في المجتمع الأوسع.
ويسعى دوكلوكس عبر أبحاثه وكتاباته، التي تندرج ضمن مشروع وطني بدأته وزارة العدل في أعقاب هجمات شنها محمد مراح عام 2012، إلى فهم السلوكيات الدينية للمعتقلين، بحسب الصحيفة الفرنسية.
وخلافًا للارتباط الشائع بين الدين في السجون والتطرف، أكد دوكلوكس في أبحاثه انتشار الدين داخل جدران السجن والعدد الكبير من الأفراد الذين يتبنون ممارسات دينية أثناء سجنهم.
وابتكر دوكلوكس منهجية بحث فريدة من نوعها؛ للتغلب على التحدي المتمثل في فهم الديناميكيات الاجتماعية والنفسية للتحول الديني بعد حدوثها، فقد راقب من كثب مسارات السجن للأفراد الذين يدخلون مركز الحبس الاحتياطي، واختار على وجه التحديد أولئك الذين كانوا غير متدينين عند السجن.
وراقب دوكلوكس على مدار 26 شهرًا، من عام 2014 إلى عام 2016، 32 معتقلًا دون التطرق إلى موضوع الدين في المقابلات، إذ أظهر 15 منهم تحولات دينية جديرة بالملاحظة خلال فترة وجودهم في السجن.
ويتعمق عمل دوكلوكس في تعقيدات كيفية عمل الدين كآلية تكيف للسجناء الذين يتصارعون مع الاضطرابات الداخلية الناجمة عن السجن، كما يقدم كتابه الأخير "إضاءات كارسيرال" تحليلاً شاملاً لانتشار التجارب الدينية في السجون، ويقدم أيضًا رؤى قيمة حول الطبيعة المعقدة لهذه التحولات، ما يتحدى المفاهيم المسبقة حول دور الدين داخل المرافق الإصلاحية.
واستكشف دوكلوكس العلاقة المعقدة بين الدين وتجربة السجن، ويعيد صياغتها كأعراض للتحديات العميقة التي يفرضها السجن، فقد اختار مصطلح "الإضاءة" بدلاً من "التحويل"، مؤكدًا الطبيعة المفاجئة والعابرة لهذه التجارب.
ويتحدى أحد الجوانب المركزية لأبحاث دوكلوكس النهج المجزأ لعلم اجتماع السجون من خلال النظر إلى الدين كمورد واحد من بين العديد من الموارد، إلى جانب أنشطة مثل الرياضة والتعليم والعمل، إذ تخدم تلك الموارد أغراضًا مختلفة، مثل تنظيم الحياة اليومية، ومكافحة العزلة، وحماية الذات، وتخفيف الحرمان المادي، وإيجاد المعنى في الأسر.
ورغم عدم تقديم أي مكاسب مادية فورية، إلا أن الدين يحتل مكانة فريدة بسبب وجوده في كل مكان ودوره في توفير مسافة ذهنية لأولئك الذين يتصارعون مع الاضطرابات الداخلية.
يعتمد دوكلوكس على مفاهيم عالم الاجتماع نوربرت إلياس حول الالتزام والابتعاد لفهم دور الدين، لا سيما في السجن، إذ يتأرجح الأفراد بين ضبط النفس والقلق، يظهر الدين عندما تفشل استراتيجيات التكيف الأخرى، إنه يقدم تفسيرًا بديلاً للمصائب، يتماشى مع الواقع المعاش ويتيح إحساسًا متجددًا بالقوة.
وتدور قصة البحث حول تجارب اثنين من السجناء، لويس وشريف، اللذين تجسد خلفياتهما المتنوعة عالمية التحولات الدينية داخل سياق السجن، ورغم الاختلافات الصارخة بينهما، يخضع كلا الشخصين للتنوير الديني كرد فعل على الانهيار الداخلي الناجم عن السجن.
ويمتد استكشاف دوكلوكس إلى ما هو أبعد من لحظة التحول الديني، ويغوص في تداعياته، مقدما مفهوم "التنشئة الاجتماعية الرجعية"، إذ يعود الأفراد، الذين تم تجريدهم من هوياتهم الراسخة في السجن، إلى التصرفات السابقة المكتسبة من تربيتهم.
وبحسب الصحيفة، فالسجل الديني، الذي تم حشده بشكل مكثف أثناء السجن، قد يتم التخلي عنه في نهاية المطاف إذا توقف عن العمل كمورد مناسب.
وختمت الصحيفة أن كتاب "إضاءات كارسيرال" لدوكلوكس يقدم استكشافًا شاملاً للعلاقة متعددة الأوجه بين الدين وتجربة السجن، من خلال فحص الروايات الفردية ووضع الدين ضمن سياق أوسع لآليات المواجهة، يسهم دوكلوكس برؤى قيمة تتحدى التصورات التقليدية لهذا التفاعل المعقد.
المصدر: صحيفة "لوموند" الفرنسية