"التلوث الصوتي" يهدد الحياة في أعماق البحار
"التلوث الصوتي" يهدد الحياة في أعماق البحار"التلوث الصوتي" يهدد الحياة في أعماق البحار

"التلوث الصوتي" يهدد الحياة في أعماق البحار

قال علماء طبيعة إن ارتقاع مستويات الضجيج من محركات السفن وغيرها في البحار والمحيطات في العقود الماضية، بات يهدد الحياة البحرية، وخاصة الحيتان التي أصبحت تجد صعوبة في العثور على طعام وتتسبب بحوادث اصطدام أكثر مع السفن.

ونقلت شبكة "سي أن أن" الأمريكية عن علماء قولهم إن الحيوانات في المحيط الذي يخترقه الضوء لبضع مئات من الأقدام تحت الماء، تعتمد على الصوت لتحديد موقع الطعام، والتنقل والتواصل مع بعضها البعض.

وأشارت الشبكة في تقرير نشرته اليوم الإثنين إلى أنه حتى القرن الماضي، لم يكن البشر على دراية بالمشهد الصوتي تحت الأمواج، وأن العلماء والمستكشفين كانوا غير قادرين على سماع الترددات المنخفضة التي تنتقل إلى أبعد نقطة تحت الماء ما دفعهم للاعتقاد أن المحيط كان "عالمًا صامتًا".

البعد الصوتي

وقال خبير الصوتيات الحيوية الفرنسي ميشيل أندريه: "لقد تجاهلنا نحن البشر هذا البعد الصوتي.. قمنا بتلويث المحيط بالصوت، حتى دون أن تكون لدينا فكرة أولية أن هذا قد يؤدي إلى إتلافه المحيط والحياة فيه".

وأضاف: "في العقود الأخيرة، أصبحت أعماق المحيط أكثر ضجيجًا، مع قعقعة محركات السفن، والأصوات المكثفة للسونار العسكري والانفجارات الزلزالية المستخدمة لتحديد مواقع النفط والغاز.. هذا النشاز من الأصوات من صنع الإنسان يطغى على الثرثرة الطبيعية للحياة البحرية والتأثير أصبح يهدد الحياة".

ونبه إلى أن الثدييات مثل الحيتان أصبحت معزولة عن أقرانها وتعطلت طرق هجرتها وفي بعض الحالات تسببت الضوضاء في فقدان السمع الدائم، والذي يمكن أن يكون قاتلاً.

وتابع أندريه: "الصوت هو الحياة في المحيط.. إذا قمنا بتلويث قناة الاتصال هذه.. فإننا نحكم على المحيط بتغيير لا رجوع فيه".

وأشارت الشبكة إلى أن أندريه وعلماء آخرين يعتقدون أن التلوث الضوضائي المتزايد قد أدى إلى المزيد من الاصطدامات بين السفن والحيتان، حيث إن عمالقة المحيط (الحيتان) التي تستخدم تحديد الموقع بالصدى أو السونار البيولوجي "لرؤية" الأشياء - قد تواجه صعوبة في تحديد موقع سفينة قادمة نحوها فيما أصبح بعضها أصما لدرجة أنها لا تستطيع سماع الخطر الذي يقترب.

حوادث تصادم كثيرة

و منذ العام 2007، سجلت اللجنة الدولية لصيد الحيتان ما لا يقل عن 1200 تصادم بين السفن والحيتان على مستوى العالم، ولكن من المحتمل أن يكون هناك المزيد من الاصطدام دون أن يلاحظه أحد وفقا للشبكة.

وأشارت إلى أن التكنولوجيا التي تستخدم الصوتيات للكشف عن وجود الحيتان في ممرات الشحن يمكن أن تساعد في تجنب هذه الاصطدامات، مضيفة أن أندريه وفريقه في مختبر الصوتيات الحيوية التطبيقية في برشلونة طوروا برنامجًا يسمى "الاستماع إلى بيئة أعماق المحيطات (LIDO)" والذي يراقب المصادر الصوتية في الوقت الفعلي ويستخدم الذكاء الاصطناعي للتعرف عليها.

وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، سيتم إسقاط عوامة بطول مترين، ومجهزة بهذه التكنولوجيا وأجهزة استشعار أخرى في "خليج كوركوفادو"، قبالة ساحل تشيلي، وهي منطقة مزدحمة بالحيتان والسفن.

برنامج كشف حيتان

وأوضحت الشبكة في تقريرها أن برنامج LIDO سيتيح اكتشاف الحيتان ضمن دائرة نصف قطرها 10 كيلومترات على الأقل وإرسال تنبيه تلقائيًا إلى البحرية التشيلية، والتي بدورها سترسل رسالة إلى السفن القريبة، لتشجيعها على تغيير مسارها أو تقليل سرعتها نظرا لأن محركات السفن تصدر ضوضاء أقل عند السرعات المنخفضة، ما يسهل على الحيتان العودة إلى موطنها في مواقعها.

وقالت سونيا اسبونال المديرة التفنيذية لمنظمة "ميري" وهي مؤسسة بحث علمي في تشيلي: "ستكون العوامة الأولى من شبكة أوسع يتم نشرها كجزء من مبادرة القارب الأزرق وهو برنامج تأسس في العام 2020 من قبل منظمة ميري.. والهدف طويل المدى هو جعل هذه الأنواع من العوامات تعمل على طول ساحل أمريكا الجنوبية وما وراءها، ما يوفر ممرًا آمنًا للحيتان المهاجرة والأنواع البحرية الأخرى".

ولفتت إلى أنه في منتصف العام 2021، بعد سلسلة من الاصطدامات القاتلة على الساحل التشيلي، وجه أكثر من 60 عالما تشيليا نداء إلى الحكومة لإعادة توجيه السفن من المناطق الحساسة، ووضع حدود للسرعة في بعض ممرات الشحن وإنشاء نظام تنبيه لتحذير طياري السفن.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com